شدّدت شركة نستله خلال المؤتمر الذي عقدته مطلع الأسبوع على اهتمامها بصحة الأطفال، رغم كثرة الانتقادات العالمية التي تطال منتجاتها
تهافت الصحافيون على المؤتمر الصحافي الذي عقدته شركة «نستلة ـ نيدو» لإطلاق حملة «العلامات العشر للتغذية السليمة». ثلث ساعة كانت كافية للتعريف بهدف الحملة، فعدّدت معماري العلامات العشرة مرفقة بنصائح للأهل.
الوزن المناسب للطول، الحيوية والتنبيه، النشاط الجسدي، القدرة على التعلّم، الشهية الجيدة لأطعمة متنوّعة، الأسنان القوية والصحية، القوام السليم، العظام والعضلات القوية، النوم المنتظم، والحركة المعوية المنتظمة، هذه هي العلامات العشر الضرورية التي تؤكد تمتع الطفل بصحة وعادة غذائية سليمة. يهدف المشروع بالدرجة الأولى كما أوضح ممثلو الشركة، إلى مساعدة الأهل في منطقة الشرق الأوسط على التنبه إلى العادات الغذائية وانعكاسها المباشر على سلسلة من السمات الجسدية والفكرية لدى الأطفال.
انتهى التعريف بالحملة وبدأت اختصاصية التغذية في شركة نستله ـ الشرق الأوسط، بالتعريف بالشركة «واهتمامها بصحة الأطفال والمستهلكين بالدرجة الأولى» وتضمّن التعريف، صوراً إعلانية لعدد من منتجات نستله، ولا سيّما المنتجات الجديدة المطروحة في السوق اللبنانية كحليب «نيسفيتا». استمرّ العرض ما يقارب نصف ساعة، شدّدت خلاله الاختصاصية على أنّ «الجودة تأتي قبل الربح بالنسبة إلى نستله» وعرضت المعايير «العالمية» التي تتبعها الشركة في تصنيع منتجاتها، ولا سيّما حليب نيدو الخاص بالأطفال. من الشائع أن تقوم الشركات الكبيرة بحملات دعائية لمنتجاتها تحت ستار التوعية، إلا أن الموضوع يصبح أكثر تعقيداً حين تكون الشركة موضع انتقاد عالمي. فقد اصطدمت منتجات نستله الخاصة بالأطفال بالكثير من الانتقادات على مدى السنوات الأخيرة. ففي الخامس عشر من أيار 2007، حين نشرت صحيفة the guardian البريطانية تحقيقاً للصحافية جوانا مورهيد، من بنغلادش، عرضت فيه قصة الطفلة البنغلادشية إيتي خومان التي أصيبت بالإسهال ثمّ بسوء التغذية، بعدما أقلعت والدتها عن إرضاعها، واستبدلت ذلك بالحليب البودرة، ولا سيما حليب نستله، صاحب أكبر الحملات الإعلانية الترويجية لهذا النوع من الحليب في دول العالم الثالث.
أكدت مورهيد أن « شركة نستله لا تزال حتى الساعة (2007) تخرق القانون الدولي الذي ينظّم سوق الحليب في العالم والذي وافقت عليه منظمة الصحة العالمية»، إذ أخذت حوادث مماثلة لما حصل مع إيتي تنتشر في دول العالم، ولا سيما آسيا وأفريقيا، حيث تسوّق نستله لحليبها دون الأخذ بعين الاعتبار تلوث المياه الموجودة في هذه الدول، وعدم القدرة على تعقيم «قنينة» الأطفال بعد كل وجبة.
إلا أنّ الصحيفة البريطانية لم تكن الوحيدة التي شنّت حملة ضدّ الشركة السويسرية، بل كذلك فعلت منظمة اليونيسف، حين أصدرت شريطاً مصوّراً من الفيليبين، يعكس الجهل المطبق لدى الأهل في استعمال حليب البودرة، ولا سيما نيدو ونيستوجان من نستله. وما يزيد الطين بلّةً هي الحملات الإعلانية التي تقنع الأهل بغياب أي توعية طبية عن فوائد هذا الحليب وعن احتوائه على مكوّنات حليب الأم نفسها.
كل هذه المعطيات جعلت من المملكة المتحدة أكبر الدول المقاطعة لنستله منذ عام 1977 حين علا أوّل الأصوات المطالبة بوقف «التسويق الوحشي لمنتجات الشركة في الدول النامية».
كذلك تتعرّض نستله لمجموعة انتقادات بسبب استخدامها «مكوّنات معدّلة جينياً وبسبب سياستها المشجّعة للعبودية» كما أوضحت مجلة الآداب، مثلاً ، في إحدى المقالات عن عمالة الأطفال، حيث إن نستله تشتري الكاكاو من ساحل العاج حيث تعتمد المزارع استعباد الأطفال.
إضافةً إلى ذلك، يذكر أن نستله تعدّ من أولى الشركات على لائحة المقاطعة التي أصدرتها الحملة الوطنية لمقاطعة داعمي إسرائيل، بسبب دعمها واستثماراتها بملايين الدولارات في قطاع الأغذية في إسرائيل. كما أنّ الشركة السويسرية تُعفى من الضرائب المضاعفة وفق اتفاق وقّع بين الحومتين السويسرية والإسرائيلية، ما دفع بالشركة إلى توسيع استثمارها في إسرائيل ليصل إلى 80 مليون دولار عام 2002. حملات التوعية مفيدة وتستحق الثناء لكن على المستهلك أن يظل «واعياً» للمصالح التجارية القابعة وراءها.
(الأخبار)