نادر فوزلم تنتهِ الأزمة بعد، ولا تزال عملية «تناتش» الحقائب مستمرة. انضمت وزارة التربية والتعليم العالي إلى الوزارات السيادية المُتصارع عليها، ويصرّ كل من العماد ميشال عون وسعد الحريري على أخذ هذه الحقيبة، مما يدفع إلى التساؤل عن أسباب هذا الإصرار.
يؤكد وزير التربية الحالي خالد قبّاني، أنّ هذه الوزراة مهمّة لشمول نشاطها كل المناطق والفئات اللبنانية، إضافةً إلى صلتها بالقطاعين الرسمي والخاص، ودورها الخطير في التنشئة. فليس من المستغرب أن تستقطب الاهتمام. كما يصرّ مسؤولون، في الموالاة والمعارضة، على أهمية الوزراة في عملية التنشئة ودورها التعليمي.
وفوق ذلك، تجدر الإشارة إلى أنّ إدارة وزراة التربية تعني الأمور التالية خدماتياً: السيطرة على التوظيف في الملاك والتعاقد، القدرة على نقل الأساتذة والمديرين، تعيين رؤساء المناطق التربوية والمديرين والموظفين، التحكم في المنح الدراسية والإدارة المالية لمستحقات الوزارة (التي تقدّر حصتها بزهاء 10 في المئة من موازنة الدولة)، وغيرها من الخدمات والمصالح.
فأهمية الوزارة المذكورة في قدرتها على منح تراخيص بناء المدارس الخاصة والجامعات والمعاهد، وهي إحدى الظواهر التي نشأت بعد اتّفاق الطائف، إضافةً إلى منح التراخيص للمؤسسات التعليمية المجانية وشبه المجانية الخاصة: أي تراخيص مؤسسات الخدمات السياسية عبر التعليم.
الحديث عن هذه الخدمات لا يعني وزير التربية الحالي، أو حتى أي وزير مقبل، إلا أنّ الإشارة إلى هذه القضايا من شأنها أن تخرج «تناتش» الحقيبة من ادعاء الحرص على تنشئة الأجيال إلى المصلحة السياسية والشخصية البحتة.
وعلى هذا الصعيد، لا بد من التذكير بأنّ الحكومة أصدرت في جلسة «فجر 5 أيار» الماضي مرسوماً رقمه 1257 نقلت بموجبه رئيس دائرة العلاقات العامة في وزراة السياحة إلى وزراة التربية والتعليم العالي، وعيّنت رئيساً للدائرة التربوية في محافظة جبل لبنان.
ليس في هذا المرسوم ما يريب، لولا أن من شأنه الإخلال بالتوزيع الطائفي، فالمنطقة التربوية في جبل لبنان تتألف من 6 مناطق يترأس كلاً منها موظف، وتتوزع مذاهب الستة كالتالي: ماروني، سني، شيعي، درزي، أرثوذكسي وكاثوليكي. وقد أخلّ بهذا العرف عبر تكليف رئيس جديد من الطائفة الدرزية، بدل الرئيس المكلّف أساساً من الطائفة المارونية، والذي كلّف بدل الرئيس الأصيل الذي أحيل على التقاعد.
مع العلم أنّ الرئيس الجديد لا تنطبق مواصفاته على المواصفات المطلوبة لعدم ممارسته التدريس الفعلي عشرة أعوام على الأقل. لم يجب أي من الوزراء عن سبب اتّخاذ هذه القرارات، وكل من الوزيرين قباني وجو سركيس معني مباشرة بالموضوع. ممّا يذكر أن المدير العام للتربية الحالي هو مقرّب من الوزيرة نايلة معوض.