المعارضة ترى في السلّتين مشروع مشاكل وتتّهم الموالاة بالتهرّب من إعطائها حقوقها في الحقائبالسنيورة بعد لقائه برّي: متفاهمان على التقدّم في موضوع الحكومةراوح الموضوع الحكومي مكانه، ولم يتحوّل التفاؤل الذي ساد قصر بعبدا والسرايا دخاناً أبيض لعدم الاتفاق على إحدى سلّتي الرئيس المكلّف، اللتين رأت فيهما المعارضة مشروع مشاكل، وخصوصاً في ما يتعلق بالحقائب السياديّة
لم ينته بعد المشوار الحكومي، رغم مضيّ أكثر من أسبوعين على سلوك الرئيس المكلّف فؤاد السنيورة «الطريق الصحيح» بحسب توصيفه، وهو كرر أمس بعد لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه برّي في عين التينة أنه لن يلتزم بموعد محدّد لتأليف الحكومة. ولفت السنيورة، بعد اللقاء الذي استمر ثلاثة أرباع الساعة، إلى أنه كان خلال الأيام الماضية على تواصل مستمر مع الرئيس بري «وكنت أطلعه على كل التطورات الجارية. واليوم (أمس) أيضاً كانت زيارة طيبة، وتباحثنا في كل التقدم الجاري على صعيد تأليف الحكومة. وأنا على ثقة بأننا سائرون على الطريق الصحيح».
وإذ أكد أنه لم ولن يلتزم موعداً محدداً، أعرب عن ثقته «بأن هناك تقدماً يجري كل يوم في هذا الصدد. وأنا على ثقة، إن شاء الله، بأن هذه الوزارة ستتشكل ويسعد بها اللبنانيون».
ورفض الإجابة عن سؤال عما إذا كان الوضع الأمني يتأثر إيجاباً بتأليف الحكومة وقال: «أعتقد أننا ما نسير به هو على الطريق الصحيح، وأنا والرئيس بري متفاهمان على التقدم الجاري».
وكان الرئيس السنيورة قد التقى قبل توجهه إلى عين التينة رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي اكتفى بالقول لدى مغادرته السرايا: «إن شاء الله خير».

خمس وزارات سياديّة لا أربع

إلا أنّ زوار عين التينة أكدوا قبل زيارة السنيورة لها، أنه لم يُتَّفَق بعد على مسألة توزيع الحقائب والحصص. وقال رئيس «الكتلة الشعبية»، النائب إلياس سكاف، إثر لقائه بري على رأس وفد من الكتلة ضمّ النواب: سليم عون، كميل المعلوف، عاصم عراجي وحسن يعقوب،: «لم يظهر شيء حتى الآن».
وأشار إلى أن هناك «خمس وزارات سيادية، لا أربعاً. ويمكن أن يعطى رئيس الجمهورية وزارة سيادية واحدة، وتبقى وزارتان سياديتان لكل من المعارضة والموالاة وليعتبروا وزارة العدل من الوزارات السيادية»، مؤكداً أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان لا يصرّ على وزارتين سياديتين ولا على أي شيء، لافتاً إلى أنه «يريد حلولاً للمشاكل».
وكان وفد الكتلة قد زار الرئيس سليمان الذي التقى أيضاً رئيس البرلمان العربي جاسم الصقر الذي أبلغه رئيس الجمهورية، في حضور السفير الكويتي عبد العال سليمان القناعي، أن «الاتفاق الذي توصلت إليه القيادات اللبنانية في الدوحة، سينفذ لأن الجميع يلتزمه»، معرباً عن أمله أن تؤدي الاتصالات الجارية إلى تشكيل الحكومة الجديدة في أقرب وقت. وشدد الرئيس سليمان على أن «القوى الأمنية حازمة في تطبيق الأمن في البلاد، لأن الإرادة الوطنية مجمعة على ضرورة تثبيت الأمن والاستقرار وصون السلم الأهلي».
ونقل الصقر عن سليمان تفاؤله بقرب تشكيل الحكومة.
كما أكد هذه الأجواء الرئيس سليم الحص بعد زيارته قصر بعبدا، مشيراً إلى أن هناك بعض البوادر الإيجابية، وقال: «تحدثنا في مختلف المواضيع التي تهم المواطنين في هذه المرحلة. وكان فخامته متجاوباً وفي منتهى الإيجابية حيال كل المواضيع المطروحة على الساحة. وتحدثنا في موضوع الحكومة وضرورة الإسراع في تشكيلها، وفي أزمة الكهرباء التي يعانيها المواطنون في هذه الأيام، وفخامة الرئيس مطّلع على معطيات هذه المواضيع ويتابعها عن كثب».
واستقبل سليمان رئيس أساقفة بيروت المارونية المطران بولس مطر الذي هنأه بانتخابه، متمنياً له التوفيق في مهماته على رأس السلطة اللبنانية.
وتسلم الرئيس سليمان أوراق اعتماد سفيري جنوب أفريقيا محمد دنغور، وسفير تركيا سردار كيليك بحضور وزير الخارجية والمغتربين فوزي صلوخ

لاتفاق الدوحة ربّ يحميه

وفي الموضوع الحكومي، رأى الرئيس عمر كرامي بعد استقباله سفيرة النروج في لبنان، أودليز نورهايم، على رأس وفد من السفارة، أن فريقي الموالاة والمعارضة يقومان بمناورات بهدف تحسين الشروط. لكنه أكد أن «الوضع لم يعد يحتمل، وكلنا نشاهد الوضع المذهبي ووضع الإعلام الذي لا يزال على سياسته في إذكاء الفتنة»، فضلاً عن «الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي يحتاج إلى معالجة فورية وسريعة».
وأشار إلى أن لاتفاق الدوحة «رباً يحميه، وأنا لا أخشى عليه»، معتبراً «أن الأمور لا تزال تسير في الطريق الصحيح».
من جهته، اتهم رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، بعد استقباله وفداً من حزب الاتحاد السرياني، فريق 8 آذار بأنه يقوم «بابتزاز سياسي كبير، وهو لن يوقف هذا النهج إلى أن يسيطر على السلطة بأكملها»، مشيراً إلى «أن هذا المنطق مرفوض ولا يؤدي إلى تشكيل الحكومة أو إلى بناء البلد»، وأضاف: «الرئيس السنيورة غير متمسك بأحد لتولي أي وزارة، كما إنه غير متمسك أيضاً بوزارة المال، وإذا أحب فريق 8 آذار يستطيع الحصول على هذه الوزارة».
وأعلن أن «القوات» لا تريد وزارة السياحة، وقال: «لقد «سحنا» بما فيه الكفاية، ويلزمنا الاستقرار قليلاً، وحان الآن دور الآخرين للسياحة».
ورأى عضو كتلة «التنمية والتحرير»، النائب ميشال موسى أنه «من الطبيعي، وبعد خلاف سياسي كبير في البلد وطويل في الزمن، لا بد من أن يكون هناك تعقيدات في تأليف حكومة وهي الممثل الفعلي للوضع السياسي في البلد». وأكد في حديث إلى إذاعة «صوت لبنان» أن «الأمور أصبحت في مرحلة متقدمة من خلال البحث الجدي المثمر في التأليف، وهناك حسم لخيارات معينة في فترة قريبة».
ورأى عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري في حديث إلى «صوت لبنان» أن الرئيس السنيورة قدّم تسهيلات وعروضاً «يجمع الكثيرون على موضوعيتها وعدالتها وتصميمها على الوصول إلى حل»، موضحاً أن الرئيس السنيورة أعطى «أكثر من صيغة، تراعي كلها العدالة في التوزيع واتفاق الدوحة والنية والتصميم على تأليف الحكومة في القريب العاجل». وأشار «إلى أن العرضين اللذين قدمهما لا يزالان بانتظار أجوبة من المعارضة ليتم الانتقال إلى مرحلة تنفيذية في تأليف الحكومة».
وعما رشح من معطيات في حصيلة لقاء السفير محمد شطح مع العماد ميشال عون، أول من أمس، رأى «أن اللقاء ناقش ما قدمه الرئيس السنيورة، وهو بحاجة إلى استكمال، ولم يصل إلى نتائج حاسمة ونهائية».
واتهم لقاء أحزاب وقوى المعارضة، إثر اجتماعه الدوري في مقر جبهة العمل الإسلامي في بيروت، فريق الموالاة «بالتهرب من إعطاء المعارضة حقوقها من الحقائب الوزارية السيادية منها، والخدماتية حسب القواعد التي اعتمدت بعد اتفاق الطائف»، محذراً من محاولات هذا الفريق «افتعال الحوادث الأمنية واستغلالها كوسيلة لفرض شروطه في تشكيل الحكومة، بعيداً عن القواعد المعمول بها، وكذلك افتعال أزمة الكهرباء والمحروقات لإيجاد واقع شعبي ضاغط في اتجاه تشكيل الحكومة كيفما اتفق».
وأكد «أن قوى المعارضة لا يمكن أن تخضع لابتزاز وضغط كهذا، ومحاولة إثارة تناقضات داخل صفوفها لن تنجح أيضاً. ولن تنجح المراهنات على إطالة وقت تشكيل الحكومة في دفع المعارضة إلى التراجع عن التمسك بمطالبها المحقة وتنفيذ اتفاق الدوحة بحذافيره».

الاعتذار مدخل لإزالة الاحتقان

في غضون ذلك، نقل النائب محمد الحجار بعد زيارته مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني عن الثاني تأكيده تنفيذ ما ورد في بيان المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى لجهة نقطتين: النقطة الأولى هي ضرورة العمل في اتجاه تخفيف الاحتقان والتشنج الداخلي الحاصل، والعمل في اتجاه إزالة آثار وانعكاسات ما جرى على الساحة الداخلية والساحة الوطنية والوحدة بين المسلمين سنّة وشيعة، والمدخل الصحيح لهذا الأمر هو أن يعترف من قام بهذه الخطيئة، أعني بذلك «حزب الله»، بجسامة ما حصل، وبالتالي أن يعتذر من بيروت وأهلها والمناطق التي أصابها ما أصابها في تلك الحوادث. النقطة الثانية هي التركيز، على أن تكون بيروت مدينة آمنة وعاصمة منزوعة السلاح، يكون فيها فقط السلاح الشرعي والإمرة فيها فقط للجيش اللبناني والقوى الأمنية».
والتقى قباني وفداً من «حركة التجمع الإسلامي» برئاسة سعد الدين حميدي صقر الذي أكد «ضرورة تضافر جهود جميع القوى، وخصوصاً لجهة توجيهات المراجع الروحية للوحدة الوطنية، ووحدة الصف الإسلامي».
من ناحيته، زار مفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار مركز «السنّة الاسلامي»، التابع لوقف التراث الإسلامي، والتقى مشايخ الدعوة السلفية في الشمال، وألقى خلال اللقاء كلمة أكد فيها «أننا مسؤولون عن أن نهيئ مناخاً نقياً صافياً ينعم فيه المسلمون ويشعرون بمقدار الأخوّة في رحاب هذا الوطن»، وخلال احتفال بوضع الحجر الأساس لبناء مدرسة في بلدة تلميعان، في عكار، من ضمن 12 مدرسة تكفّل رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري ببنائها في المنطقة، رأى النائب مصطفى هاشم، ممثلاً النائب الحريري «أن العلم والثقافة هما السلاح الأقوى والأجدى في وجه كل سلاح آخر»، مؤكداً «أننا نعمل بكدّ وجهد متواصلين لنخرّج مقاومين حقيقيين، ذخيرتهم شهاداتهم، ومناضلين عقيدتهم التعلم والتعليم». وقال: «إن ما سمّوه ميليشيا تيار «المستقبل»، هي في الحقيقة عبارة عن «مجموعة» من خيرة الشباب الواعي والمثقف، أساسها القلم والعلم والرأي الحر، وهدفها تنشئة الأجيال المقبلة على الخير والسلام. فالسلاح فان، والعلم باق باق باق».
وأكد دعم خطاب القسَم، وجعله «خريطة طريق، ثم بياناً وزارياً، ننفذ كل بنوده من دون أفضلية لبند على آخر».

تحريم إثارة الحقد والعداوة

من جهته، أكد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بعد الاجتماع الدوري لهيئتيه الشرعية والتنفيذية برئاسة نائب رئيسه الشيخ عبد الأمير قبلان أن بيروت ستظل «عاصمة للوطن لجميع أبنائها، فهي ليست حكراً على فئة أو طائفة أو جهة، مهما علا ضجيج البعض والخطاب العنصري الفئوي»، رافضاً «كل أشكال الفتن والإثارات الطائفية والمذهبية التي تهدد وحدة البلاد وصيغة العيش المشترك»، وطالب «القوى الأمنية التي تحظى بدعم كل الأفرقاء بممارسة دورها كاملاً وتحمل مسوؤلياتها في حفظ الأمن وصيانة الاستقرار وحماية المواطنين وملاحقة المخلين بالأمن وتثبيت سلطة الدولة دون مداراة أو تهاون، ويرفض رفضاً قاطعاً الاعتداء على الجيش اللبناني».
وأكد أن «اتفاق الدوحة هو كل متكامل لا بد من استكماله بتنفيذ سائر البنود»، مشدداً «على وجوب الإسراع في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وإقرار قانون الانتخاب بغية تعزيز المناخات الإيجابية». ودعا إلى تقديم التنازلات لمصلحة الوطن للوصول إلى تشكيلة عادلة ومتوازنة.
وكان المرجع السيد محمد حسين فضل الله قد عرض مع عضو شورى «حزب الله» الشيخ محمد يزبك، الأوضاع العامة، وأسباب وتداعيات الأوضاع الأخيرة في منطقة البقاع الأوسط، حيث جرى تأكيد ضرورة «أن تتحمل جميع الجهات مسؤولياتها في منع تكرار مثل هذه الحوادث، وإعادة اللحمة الإسلامية والوطنية».
وأكد فضل الله «أن على القيادات الإسلامية والدينية في البقاع العمل لإخراج الساحة الشعبية من حالة الاحتقان التي نشأت، أو قد تنشأ، بفعل تراكمات سياسية وانفعالات تنطلق من هنا وهناك»، مشدداً على «تحريم أية إثارة سياسية بالطريقة التي قد تفضي إلى إثارة الحقد والعداوة والبغضاء بين المسلمين».
وأكد «أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق العلماء المسلمين الذين ينبغي أن يتصدوا لكل محاولات الإثارة».
وحذرت اللجنة السياسية المشتركة بين «حزب الله» و«جبهة العمل الإسلامي» «من أخطار استمرار الإشكالات الأمنية المتنقلة بسبب أجواء الاحتقان والتحريض المفتعل»، داعية «القوى الأمنية إلى تحمل مسؤولياتها كاملة في وضع حد للتجاوزات وملاحقة المخلين بالأمن».

الرابية تتابع حقوق الطوائف المشرقية

على صعيد آخر، عقد لقاء موسع للطوائف المسيحية المسمّاة أقليات في دارة رئيس رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون في الرابية لعرض أوضاع هذه الطوائف وحقوقها، وأصدر المجتمعون بياناً تمنّوا فيه عدم استعمال تعبير الأقليات الموروث من حقبة الوصاية العثمانية واستبدالها بـ«الطوائف المشرقية». وأعلنوا رفضهم نقل مقعدهم النيابي الوحيد إلى الدائرة الثالثة في بيروت، مطالبين «كل القوى الأساسية، وخصوصاً المسيحية، بتفهم مطالبنا وضم جهدها إلى جهود تكتل التغيير والإصلاح من أجل استرجاع هذا الحق».
وأعلنوا متابعة النقاش من خلال لجنة مشتركة «لطرح تعديل لقانون الانتخاب يسمح بتمثيل عادل لجميع هذه الطوائف دونما استثناء، تعديل لا يكون على حساب أي طائفة أخرى»، و«وضع خطة إنقاذية لمتابعة التنسيق وتعزيز حضور أبناء هذه الطوائف في مختلف إدارات الدولة».
ومطالب الطائفة الكلدانية في لبنان بحثها المجلس الأعلى للطائفة مع النائب نبيل دو فريج ووفداً من التيار الوطني الحر. وطالب المجتمعون بـ«تخصيص مقعد للطائفة الكلدانية في مجلس النواب، وعدم تغييب الطائفة عن وظائف الدرجة الأولى في مؤسسات الدولة».