القاهرة ـ خالد محمود رمضانفي ما اعتبرته مصادر دبلوماسية بمثابة بداية تحول في الطريقة التي تدير بها القاهرة علاقاتها مع لبنان، تحدثت معلومات في العاصمة المصرية عن تعليمات جديدة للسفير المصري لدى بيروت أحمد البديوي، بتوسيع اتصالاته مع جميع الأفرقاء اللبنانيين وإبلاغهم أن مصر تقف على مسافة واحدة من الجميع ولا تسعى إلا لمصلحة لبنان وضمان أمنه واستقراره. وإذ كشفت مصادر مصرية مطلعة أن اتصالات البديوي تتركز على هوية الحكومة اللبنانية الجديدة، حرصت على نفي أن تكون مصر في صدد التدخل لمصلحة أي من المرشحين لدخول هذه الحكومة. وقال مسؤول مصري في هذا الإطار: «الأمر أمر اللبنانيين أنفسهم، دورنا هو تشجيع الحوار ومحاولة المساعدة في حل أي عقدة قد تظهر، لكننا لا نتدخل في أكثر من ذلك».
وترافقت هذه المعلومات مع حديث لوزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط إلى جريدة «روز اليوسف» أعادت توزيعه وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، حرص فيه على تأكيد حيادية مصر بالقول إنها لم تساند حكومة فؤاد السنيورة فقط، بل «ساندت الشعب اللبناني»، قبل أن يستطرد غامزاً من قناة طرف معين بالقول إن «المجتمع اللبناني قائم على توازن دقيق بين 17 طائفة واتجاهاً. إذا سيطر أو سعى أحد من هذه الاتجاهات للسيطرة النهائية على لبنان، فهذا البلد لن يسلم لأنه سيمر بحرب ثم حرب ثم حرب وتستمر الحروب، أي إنه صراع ممتد إلى ما لا نهاية»، مشيراً إلى أن مصر طالبت «بأن يعود الجميع إلى هذا التوازن الداخلي الدقيق الذي بني في الطائف وبني ربما من عام 1943 باستقلال لبنان».
وكان أبو الغيط قد نفى أن تكون مصر كدولة في حالة عداء مع حزب الله، وقال: «لا يمكن أن أقبل كلمة حالة عداء مع هذا الحزب، ولكن مصر ترفض ما يسمى الميليشيات العسكرية في دولة قائمة على القانون والنظام»، مبرراً مسألة طرح سلاح حزب الله على بساط البحث في لبنان بالقول إن التجربة الأخيرة، أي حوادث 7 أيار، فرضت ذلك. وأضاف: «يجب أن نعلم أن استخدام السلاح يقود إلى استخدام سلاح مضاد». لكنه استدرك بالإعراب عن تفهمه «من ناحية أخرى الحاجة للمقاومة، لأن إسرائيل قامت بالاعتداء على لبنان أكثر من مرة».
وقال: «إن مصر لا تتعاطف مع ميليشيات ولا تقدم السلاح أو الدعم المادي لأية ميليشيات أو عناصر مسلحة على الأرض اللبنانية»، مضيفاً: «يجب أن يُفهم أن مصر لديها القدرة على ذلك وتستطيع أن تفعل هذا، ولكن ليس من سياستها أن يكون لها امتداد مسلح على أرض غير مصرية، وهي لا تتعاطف مع استخدام السلاح مهما كان الأمر».
وعلى صعيد الوضع اللبناني، اعتبر أبو الغيط أن اتفاق الدوحة هو "مصالحة داخلية أتاحت للبنانيين انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة تحضيراً للانتخابات المقبلة والتي سوف تتم على الأسس الدستورية المتفق عليها لبنانياً».
وفي ما يخص التحركات الإيرانية ودورها في تعطيل المصالح العربية، أشار أبو الغيط إلى أن هذه التحركات لها تأثير سلبي في لبنان، واستدرك مشيراً إلى وجوب تفهّم الوضع اللبناني و"ما يتردد من أن حوالي 40% من الشعب اللبناني اليوم هو من المجتمع الشيعي".
وفيما تروج معلومات غير رسمية عن مساعٍ مصرية ـــــ سعودية لإفشال اتفاق الدوحة، فإن مصادر سعودية ومصرية متطابقة في القاهرة سخرت في تصريحات لـ«الأخبار» مما وصفته معلومات مدسوسة تهدف إلى تشويه العلاقات اللبنانية مع مصر والسعودية. وقال دبلوماسى سعودي طلب عدم الإفصاح عن اسمه: «إن الدور السعودي، شأنه شأن الدور المصري، يستهدف البناء لا الهدم»، متهماً بشكل مبطن سوريا «باستمرار إطلاق الدعايات المغرضة ضد التحركات المصرية والسعودية في لبنان».
وقد عكست الصحف الرسمية المصرية الصادرة أمس مخاوف من انفلات الوضع في لبنان، متهمة المعارضة بأنه «ما إن تم تكليف الرئيس فؤاد السنيورة تأليف الحكومة الجديدة، حتى بدأت حملات التشكيك وإطلاق بالونات الاختبار في شأن توزيع الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة». وبعدما أشارت إلى «تفاؤل محبي لبنان» بتصريحات المسؤولين اللبنانيين عن العمل بروح التوافق، ذكرت «أن هذا التفاؤل بدأ يتلاشى مع مرور الأيام وحلت محله لغة التشاؤم، وبدأ كثيرون يتحدثون عن حالة اشتباك سياسي تدور خلف الكواليس بين الموالاة والمعارضة»، و«خلافات حادة ما زالت تعرقل تأليف الحكومة بسبب الصراع الخفي حيناً والعلني أحياناً على الحقائب السيادية والوزارات الخدماتية»، مستغربة الصراع على حقائب وزارية «رغم علم الجميع أن المرحلة انتقالية في انتظار الانتخابات». وطالبت بوقف هذا الصراع و«تقديم تنازلات متبادلة من كل الأطراف» لتسهيل مهمة السنيورة في تأليف الحكومة «التي يعلم الجميع أن أمامها تحديات جسيمة».
ووسط ذلك يعود الأمين العام للجامعة العربية إلى بيروت اليوم، في زيارة إطارها العام اجتماعي لحضور زفاف ابنة الرئيس نبيه بري الصغرى، ولكنها قد تحمل في طياتها معاودة لوساطته، وهذا ما أكده مساعدوه بالقول لـ«الأخبار» إنه سيسعى إلى دفع الجهود الرامية إلى تأليف الحكومة.