فاتن الحاجحوّل أبناء المدرسة الأهلية ملعبهم الأخضر إلى مكانٍ خالٍ من العنف. فتلامذة الرابع والخامس والسادس أساسي استبدلوا، على مدى ساعتين، الضرب باللعب، في «الكرمس» الذي نظمه زملاؤهم في الثانوي الأول والثاني، تطبيقاً لمشروع «شبيبة إن أكشن». وكان طلاب المدرسة الثانويون قد انخرطوا في حلقات التوعية ضد العنف التي أطلقها مركز مساندة المرأة التابع للجمعية المسيحية للشابات، في إطار المشروع الشبابي.
أما «الكرمس» فمشروع طلابي بامتياز، حرص الطلاب على متابعة أدق التفاصيل فيه بدءاً من الألعاب الإلكترونية التي نفذوها في مختبر التكنولوجيا في المدرسة، وصولاً إلى تأمين التمويل الذاتي للمشروع بعد بيع أكواب الليموناضة و«الفوشار» على رفاقهم وأساتذتهم. وبينما أحضر الطلاب لوازم الكرمس من هدايا وشهادات تقديرية وغيرها، استطاعوا أن يدّخروا مبلغاً من المال وُضع في صندوق المدرسة تمهيداً لاستثماره في نادي «شبيبة إن أكشن» المنوي تأسيسه في العام الدراسي المقبل، بهدف متابعة المشروع اللاعنفي ونقل التوعية بالطرق غير التقليدية إلى باقي التلامذة.
كذلك انتشرت في المكان لافتات حملت رسائل باللغة الإنكليزية إلى التلامذة الصغار المشاركين: «لنلعب ولا نحارب، يداً بيد لحل النزاعات وتقبل الاختلافات ومعرفة الاهتمامات المشتركة وتعزيز مهارات الاستماع، نستعمل أيدينا لنلعب مع بعض، لا ليضرب بعضنا بعضاً، لحل النزاعات، كن هادئاً، كن صبوراً، احترم الآخر».
وفي أجواء الكرمس، تبادل التلامذة الأدوار، فأدار صف السادس الأساسي الألعاب واستحق تلامذته شهادات المنظمين، فيما استمتع تلامذة الصفين الرابع والخامس في اللعب واختبروا قدراتهم الجسدية والذهنية فسجلوا النقاط ونالوا الهدايا.
لكن تجميع قسائم اللعب هذه المرّة ليس شرطاً كافياً للحصول على الهدية، فلا بد للمتبارين أنّ يمروا على المحطة الأبرز في «الكرمس» التي تحمل رسالة النشاط، وهي الإجابة عن الأسئلة التي أعدها المنظمون باللغة الإنكليزية أيضاً عن مفهوم العنف وأشكاله وحدوده.
ثم تولت الطالبتان آية زين (الثانوي الأول) وفاطمة صبح (الثانوي الثاني) طرح الأسئلة التي يسحبها التلامذة من الوعاء، ومحاولة التعقيب على الإجابات بناءً على ما تعلمتاه في حلقات التوعية.
وتتحدث فاطمة وآية عن استبيان قام به المشاركون في «شبيبة إن أكشن»، فأظهرت الاستمارات أنّ معظم التلامذة هم ضد العنف. «نشعر بأنّ التلامذة واعون، إذ لم نتوقع أن يلقى مشروعنا مثل هذه الحماسة، فالتلامذة فهموا لماذا يلعبون ويفوزون»، تؤكد الطالبتان.
والطلاب الخمسة الذين شاركوا في مشروع «شبيبة إن أكشن» هم آية زين، فاطمة صبح، محمد فارس، قاسم حمدون، وأسيل إبراهيم.
من جهتها، بدت جيسيكا، التلميذة في السادس أساسي، متحمسة للحديث بلكنتها الإنكليزية المحببة عن الكرمس وكيف تعلموا إدارة الألعاب وحل المشاكل في الصف. وأضافت: «أصلاً نحنا اللبنانيين خلقنا لنعيش مع بعضنا، ومش لنضرب بعضنا، ومنوعد اللي شافونا بالأحداث الأخيرة إنّو الموضوع صار مرة واحدة ومش رح يتكرر». ولم تخف جيسيكا أنّها تنوي التخصص في مجال الصحافة عندما تكبر.
أما المساعدة الاجتماعية منال عضاضة التي واكبت المشروع من الألف إلى الياء فتوضح أنّ المدرسة لم تكن غائبة عن هذا النوع من النشاطات، وخصوصاً الكرمس، لكن ما فعله المشروع هو إضفاء جدية على النشاط.
وتلفت إلى أنّ التدريب الذي خضع له الطلاب جعلهم يملكون الحس الجماعي ويتعاطون بمسؤولية مع القضايا الاجتماعية.
وعن آلية المتابعة، تؤكد عضاضة أنّ الشباب الذين عاشوا التجربة يملكون الحماسة لنقلها إلى أترابهم وبالتالي استكمال مشروع بناء القدرات واستخدام طرق مبتكرة لإيصال الرسائل المناسبة، بهدف تعزيز «محيط خالٍ من العنف» في المدرسة.
وانضمت سيدات الجمعية المسيحية للشابات، إلى «الكرمس» لمشاركة التلامذة مشروعهم وتوزيع الشهادات التقديرية على المشاركين في «شبيبة إن أكشن». وتحدثت المديرة المنفذة للجمعية سميرة معاصري عن جوائز سنسلمها في وقت لاحق بعد إجراء مسابقة تنافسية للمشاريع المقدمة من المدارس الست التي شملها المشروع.