إذا كان اعتماد قانون انتخاب 1960، مع بعض التعديلات، قد أدى إلى رسم صورة واضحة عن نتائج انتخابات 2009 في كثير من الدوائر، فإن علامة استفهام تخيّم فوق دائرة المتن الشمالي، إن لجهة التحالفات أو النتائج. ولعل السبب وراء ذلك هو «الحركة الاستقلالية» التي قام بها النائب ميشال المر، وأدّت إلى خلط الأوراق، ولو إلى حين.يبدو الحديث عن التحالفات الانتخابية في المتن الشغل الشاغل للمتنيين الذين شهدوا أخيراً أربعة استحقاقات انتخابية، منها فرعيّان في العامين 2002 و2007 اتّسما بحدّة غير مسبوقة ولم يُحسما إلا بفارق ضئيل جداً من الأصوات.
وتدلّ المؤشرات إلى أن المتن لن يفقد، في الاستحقاق المقبل، قدرته المعهودة على جذب الأضواء، وخصوصاً إذا رست معركته على صراع ثلاثي بين أمين الجميّل وميشال عون وميشال المر.
وفيما يعوّل مناصرو إعادة وصل ما انقطع بين التيّار الوطني الحر والنائب المر على الدور الذي سيؤدّيه حزب الطاشناق وأمينه العام هوفيك ميخيتاريان، تتحدّث مصادر مطلعة عن ارتفاع غير مسبوق في سقف هجوم النائب المر على جاره في الرابية، بحيث باتت مهمة إعادة إحياء التحالف الذي بُني في أسابيع قليلة عام 2005 صعبة جداً.
ويبدي أحد المقربين من رئيس تكتل التغيير والإصلاح استغرابه للانتقادات المتكررة التي يوجّهها المر إلى عون ونواب التكتّل، وآخرها «تضئيل الدور الذي أدّاه عون في الدوحة، الأمر الذي يصبّ في مصلحة قطبَي مسيحيي الموالاة أمين الجميّل وسمير جعجع».
ويلفت إلى أن ارتفاع حدّة الهجوم إنما هو على صلة بتأليف الحكومة، متوقعاً أن تهدأ حدّة التخاطب بعد هذا الاستحقاق. ويكشف عن انفتاح التيّار الوطني على الوساطات التي لم تنقطع بين الطرفين، فيما تتحدث معلومات أخرى عن تكليف عون بعض المسؤولين في التيّار شن هجوم على المر.
لا يمنح ميشال المر سائله عن شكل التحالفات الانتخابية المتوقعة سنة 2009 إجابة مشبعة. وفي وقتٍ يحدّثك فيه بإسهاب عن أسباب خروجه من «تكتّل عون»، يستبعد احتمال التحالف مع الرئيس الجميّل، لافتاً إلى أنّه رفض البحث في هذه المسألة مع مقرّبين من الجميّل وجعجع، فهو لم يخرج من التكتّل ليتحالف معهما. وما يحسمه المر هو تحالفه المستمر مع حزب الطاشناق ودعمه للعهد الجديد، أمّا التحالفات الأخرى فـ«بعد بكّير».
وحين تسأله عن اعتبار البعض أنّه فقَدَ قدرته الانتخابية السابقة، يبتسم وينطلق في تحليل الواقع الانتخابي المتني ويبرز لسامعه أدلة على مكامن القوة لديه، معتبراً أن غالبية المتنيين غير منضوية في الأحزاب المتصارعة وهي تبحث عن الإنماء وعن لقمة العيش وملّت الهجمات المتبادلة بين السياسيين.
ويضيف إن اهتمامه الانتخابي سيتجاوز المتن إلى دوائر أخرى حيث يملك شبكة من العلاقات والخدمات مع رؤساء اتحادات بلدية ورؤساء بلديات.
وتتحدث مصادر مقرّبة من المر عن احتمال أن يؤلّف لائحة مستقلة غير مكتملة بشكلٍ لا يحرج فيه حزب الطاشناق ويتيح لمناصري المر المقربين من حزب الكتائب أو من التيّار الوطني الحر أن يكملوا اللائحة بالمرشحين المناسبين.
وترجّح المصادر نفسها أن تضمّ اللائحة أسماءً تمثّل صدمة إيجابيّة لأبناء المتن، بعضها من خارج الوسط السياسي، في محاولة لاستقطاب «المتنيين غير المنتسبين الى أيّ من الأحزاب والتيّارات».
من جهة أخرى، يتوقّع النائب هاغوب بقرادونيان أن ترسو المعركة الانتخابية في المتن على ثلاث لوائح غير مكتملة، مشيراً إلى أن ممثّل الطاشناق سيكون حاضراً، في هذه الحالة، على لائحتين.
ويؤكّد بقرادونيان أن التحالف مستمر مع كلّ من النائب المر والتيّار الوطني، وأن الحزب سيبذل مساعي حثيثة في المستقبل لرأب الصدع بين حليفيه، كي تتكرّر صورة انتخابات 2005، معتبراً أن الأمل غير مفقود كما يظنّ بعضهم.
وفيما ينفي بقرادونيان أيّ احتمال لقيام تحالف بين الطاشناق والرئيس أمين الجميّل، يلفت إلى أن «هذا الأمر لا يُبحث إلا ضمن توافق متني شامل وضمن شروط يضعها الحزب».
وعن الخيار «بين عون والمر؟» يجيب فوراً: «هذا الأمر ليس وارداً، فتحالفنا الانتخابي تاريخي مع المر وثابت مع عون». بين احتمال ألّا يشذّ المتن عن القاعدة هذه المرة أيضاً، فتشهد بلداته صراعاً انتخابياً حاداً، وبين أن يسود فيه روح التوافق تجنّباً لمعركة غير مضمونة لأحد، يبدو أن تركيبة الحكومة الجديدة سيكون لها التأثير الكبير على الاستحقاق الانتخابي في المتن، الذي يبدو أشبه بـ«غرينيتش» الجمهورية اللبنانية.
(الأخبار)