السنيورة يرفض الرسائل عبر الصحف ومواقف تطالبه بالتأليف أو الاعتذار والاعتزالالأمين العام للجامعة العربية في بيروت في مهمة فرح وأسف! البطريرك الماروني في قصر بعبدا في زيارة تهنئة، ومصير الحكومة لا يزال في مرحلة التشاؤل مع أرجحية لكفة التشاؤم في ظل بدء الدعوات للرئيس المكلّف بالاعتذار
عاد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، إلى بيروت، وهذه المرة برفقة عقيلته ليلى، لأن السبب الأساسي للزيارة هو حضور زفاف كريمة رئيس مجلس النواب نبيه بري، في البيال اليوم. لكن هذا السبب لن يحول دون تطعيم الاجتماعي بالسياسي، وخصوصاً أن موسى، توجّه بعد وصوله إلى بعبدا حيث التقى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، ثم تناول العشاء إلى مائدة النائب سعد الحريري. ومن المقرر أن يلتقي أيضاً بري والرئيس فؤاد السنيورة، إضافةً إلى ما يمكن أن تتيحه مناسبة الزفاف من لقاءات جانبية مع عدد من المدعوّين من الموالاة والمعارضة.
وإذ أبلغ سليمان موسى، أن الاتصالات مستمرة لتأليف الحكومة، وأن المخارج «متاحة لبعض النقاط التي لا تزال تحتاج إلى متابعة وصولاً إلى إنجاز التشكيلة»، أكد له «أن الخطوة التالية ستكون انطلاق الحوار الوطني وإعداد قانون جديد للانتخابات النيابية». أما موسى، فقال إنه خرج من اللقاء «مطمئناً ومتفائلاً»، وبقناعة بقرب تأليف الحكومة. وشدد على أن الموضوع الحكومي أمر لبناني «ولا يصحّ» أن يتدخل أحد في «تأليف واختيار الحقائب والأشخاص والأسماء».
وكان الوزير فوزي صلوخ، قد قال لدى استقباله موسى في المطار، إن زيارة الأخير مزدوجة الأهداف: اجتماعية، وسياسية لاستطلاع نتائج اتفاق الدوحة، متمنّياً «أن تكون عصا موسى هذه المرة، عصا سحرية حقيقية فتتألف حكومة الوحدة الوطنية وهو موجود في لبنان». أما الزائر، فأضاف هدفاً ثالثاً وهو أنه اعتاد «الحضور إلى لبنان على مدى عشرين شهراً». وقال: «إننا مندهشون وآسفون وعاتبون لعدم تأليف الحكومة حتى الآن، وخصوصاً أنها جزء لا يتجزّأ مما جرى التوافق عليه في الدوحة». وإذ وصف انتخاب رئيس للجمهورية بأنه «خطوة مهمة للغاية إلى الأمام»، أمل تأليف الحكومة «في أسرع وقت حتى ينتقل لبنان إلى الاستعداد للانتخابات ويكون الباب مفتوحاً للاستقرار والوفاق والاطمئنان لكل اللبنانيين». ورأى أن «المسألة بحاجة إلى مجازفين أو أكثر للوصول إلى بر الأمان».
ورداً على سؤال عما إذا كان سيؤدي دور «المأذون» في جمع الموالاة والمعارضة، قال: «أنا مدعوّ ولست مأذوناً»، مضيفاً إنه في لقاءاته في بيروت «سأتحدث وأسمع وأعود وأبلغ الإخوة في اللجنة العربية والجامعة العربية بانطباعاتي على الأقل، وأرجو أن أغادر بانطباعات إيجابية»، موحياً باكتفاء عربي «في هذه اللحظة» باتفاق الدوحة، الذي رأى أنه كاف لتحريك الأمور، ولا داعي إلى اجتماع جديد للجنة العربية.

علاقة جيدة مع عون «كعلاقة كل الناس»

وبعد غياب طويل، زار البطريرك الماروني نصر الله صفير على رأس وفد من المطارنة، قصر بعبدا أمس، وأشار بعد اللقاء إلى وجود صعوبات على صعيد الحكومة، آملاً تذليلها «وأن يكون المعنيّون مدركين لهذا الأمر، وأن يستأنفوا عملهم في سبيل مصلحة لبنان واللبنانيين ككل». وعن التوزيع، قال: «رئيس الجمهورية وجماعة 14 آذار و8 آذار، كل له حصته، لكن قبلاً لم يكن الأمر كذلك على الإطلاق، كانت الأكثرية وكانت الأقلية، فالأكثرية تحكم والأقلية تعارض، ولكن يبدو أن الأمر تغير». ورأى إمكان الحاجة إلى قمة مسيحية ـــــ إسلامية «وقد تنعقد». ووصف علاقته بالنائب ميشال عون بأنها «جيدة كعلاقة كل الناس». وزار بعبدا أيضاً بطريرك السريان الأرثوذكس زكا الأول عيواص على رأس وفد من المطارنة، وسفير السنغال في لبنان المقيم في الكويت عبد الأحد مباكي، الذي التقى أيضاً السنيورة والحريري، واستقبل الأخير أيضاً القائمة بالأعمال الأميركية ميشيل سيسون.
وفي السرايا، كان الموضوع الحكومي، محور دردشة بين الإعلاميين والسنيورة الذي أكد أن «الحكومة ستتألّف لا محالة، والأمور تسير بشكل طبيعي»، لافتاً إلى أنه «كل يوم تظهر لنا عقبة صغيرة يتم تذليلها (...) واليوم واجهنا عقبة صغيرة عالجناها، ونحن نعمل بكل جهد ونقوم باتصالات مستمرة لتذليل أي عقبة». ورفض ما سمّاها «الرسائل عبر الصحف»، معتبراً أن وسائل الإعلام «أصبحت وسيلة لتوتير الأجواء»، ولتأكيد ذلك، قال إنه اتصل «بالعماد عون شخصياً» أمس. ورداً على سؤال عن إعطاء حقيبة الدفاع إلى رئيس الجمهورية، إضافةً إلى الداخلية، قال: «في هذا الموضوع، الحاجة الوطنية والأمنية تقتضي ذلك، لا نريد أن نتعامل بعضنا مع بعض بفكرة الفخاخ (...) نحن مصمّمون على التعاون والتحاور في كل المجالات». وكشف أنه عرض على بري خيار التنازل عن الخارجية «وما زلت حتى الآن أنتظر الرد».
على صعيد آخر، انطلق السنيورة من مناسبة الذكرى الأولى لاغتيال النائب وليد عيدو، ليتناول أحداث 7 أيار، بالقول: «في مثل هذا اليوم نستذكر بحسرة شهيدنا المناضل والمكافح والمدافع عن مدينة بيروت وعن قضايا الوطن، لأن بيروت تعرضت للإجرام حين تم اغتياله، وتعرضت للانتهاك بعد ذلك ولم يمضِ أقل من سنة على غيابه».

لا يجوز المماطلة في تأليف الحكومةكذلك رأى النائب نبيل نقولا أنه «من غير الممكن أن نبقى بلا حكومة إلى أجل غير مسمّى»، مطالباً بتنحّي السنيورة «إذا لم تؤلّف الحكومة خلال أسبوع، ليترك المجال لاستشارات جديدة لتكليف غيره». وجدّد إصرار المعارضة على حقيبتين سياديتين، مشدداً على أن الحقائب الخدماتية «هي لكل الشعب ولا يفترض أن تكون ملكاً لأحد أو لأجل خدمة أحد».
نصح نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، في احتفال للهيئات النسائية في الحزب، السنيورة، بالإسراع في تأليف الحكومة «لأن التأخير لن يغير شيئاً من المعادلة»، داعياً إلى تطبيق اتفاق الدوحة «مسرورين ومستأنسين»، ومؤكداً التمسك به «كما هو»، وقال لـ«بعض الذين يأملون إجراء تعديلات عليه أو يضعون شروطاً يعتقدون أنها ستغيّر في بعض بنوده: لا تحلُموا، لن يتغير حرف واحد في اتفاق الدوحة ويجب أن ينفّذ كاملاً وسينفّذ إن شاء الله».
وفي لقاء مع «قوات الفجر ـــــ المقاومة الإسلامية في صيدا»، قال مسؤول منطقة الجنوب في الحزب الشيخ نبيل قاووق: «نريد الشراكة والمشاركة الفاعلة والحقيقية لبقية الأطراف من مذاهب وطوائف، ولو كان ذلك على حساب حصتنا»، وإذ اتهم «البعض» بمحاولة زرع الألغام والشقاق داخل المعارضة، أكد أن الأخيرة «فريق متماسك على رؤية استراتيجية وعلى قناعة بأن لا حل للأزمة اللبنانية إلا بالشراكة الحقيقية والفعلية، لذا نريد التسريع في تأليف الحكومة، والمناورات ليس فيها إلا مضيعة للوقت».
وفي مؤتمر صحافي شكا فيه من «مداهمات مفاجئة» واعتقالات في مجدلبعنا، تحدث رئيس تيار التوحيد وئام وهاب، عن ضغوط على العماد عون هدفها دفع المعارضة للتنازل عن دعمه في تحصين حقه بالتشكيلة الحكوميّة، وقال إنها «محاولة فاشلة وستؤخّر الولادة الحكومية وستزيد التعقيدات وميشال عون صاحب حق في وزارات سيادية وخدماتية والمعارضة لن تتخلّى عنه». ولوّح بأن استمرار الفلتان الأمني قد يدفع المعارضة «إلى عملية جراحية أخرى». وكرّر ترشيحه للنائب السابق فيصل الداوود لمقعد المعارضة الدرزية، معتبراً أن توزير رئيس الحزب الديموقراطي طلال أرسلان يحتاج إلى قرار من المعارضة «إلا إذا كان يريد المجيء من حصة جنبلاط وهذا شأنه».
كذلك في جانب الموالاة، رأى الوزير جان أوغاسابيان، أنه «لا يجوز الاستمرار في حكومة تصريف الأعمال والفراغ على مستوى السلطة الإجرائية، وخصوصا أن للتأخير في تأليف الحكومة انعكاسات على مجمل الوضع الداخلي»، لكنه رأى أن الكرة في ملعب المعارضة «لكي تحسم أمرها وخياراتها»، معتبراً أن تمسّكها بوزارتين سياديتين «غير معقول وغير منطقي».

المعارضة لن تحصل على حقيبتين سياديتين؟

وإذ كرّر رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي التقى أمس المنسق العام لقوى 14 آذار فارس سعيد، أن القوات «هي التي خاضت المعركة الأساسية للوصول إلى قانون الانتخاب الجديد الذي اتفق عليه في الدوحة»، وأنها «ستسعى جاهدة إلى إدخال تحسينات أخرى عليه»، جزم النائب أنطوان زهرا، بأن «المعارضة لن تحصل على حقيبتين سياديتين»، معتبراً أنه «لم يحصل أي توزيع للحقائب في اتفاق الدوحة، ولم يحصل أي تداول في كيفية توزيعها بما فيها الداخلية وغيرها»، مشيراً إلى التراجع عن توزير جعجع لأسباب أمنية. وقال إن «اتهام» الوزير الياس المر بالانتماء إلى 14 آذار «تجنٍّ كبير عليه». وفي ما يتعلق باغتيال طوني فرنجية، ذكر أن القوات لم تكن موجودة حينها، وأن جعجع «كان مسؤولاً عن منطقة بشري في الكتائب كما كان إيلي حبيقة في الكتائب وغيره».
ودعا النائب وائل أبو فاعور بعد لقائه سفيرة النروج أودليز نورهايم التي زارت أيضاً الرئيس سليم الحص وعون، إلى «ممارسة بعض الزهد والتقشف» في ما خص الحكومة وتوزيع الحقائب، وبالتالي الإسراع في تأليفها «وإطلاق مسار المصالحة الوطنية بعد الأحداث الأخيرة»، نافياً قيام النائب وليد جنبلاط بوساطة «بل إنه قام بهذه الجولة بهدف الحث على الإسراع بتأليف الحكومة وإطلاق عجلة الحوار السياسي».

التحاصص بلغ درجة الوقاحة السياسية

وفي المواقف العامة من التأخّر في تأليف الحكومة، رأى الرئيس نجيب ميقاتي أن «كل فريق يحاول فرض شروطه أو تحسين موقعه داخل الحكومة، فيما المطلوب من الجميع التمسك بالأصول الدستورية»، متوقّفاً أمام المطالبة بالحقائب الخدماتية «وكأن الهدف فقط هو تأمين المنافع الخاصة وتوظيف الخدمات للمصالح الانتخابية». وسأل: «أين الترجمة الحقيقية لمفهوم السيادة الوطنية إذا كنا كلبنانيين عاجزين عن إدارة شؤوننا بأنفسنا، وبتنا في حاجة في كل مرحلة إلى رعاية خارجية، شقيقة كانت أم صديقة، لبلورة التفاهم المنشود بين المسؤولين، وللأسف على المدى القصير فقط؟».
وانتقد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، السياسيين بشدة، قائلاً إنهم «مستعدون لإحراق البلد لإرضاء غرورهم ونزواتهم، مستعدون لإملاء جيوبهم ولو أدى إلى إفلاس البلد، شهواتهم وحبهم الجامح للمال وللسلطة يكاد يفقدهم الحد الأدنى من الحكمة والصواب. لذا نراهم يتجاذبون ويتنازعون ويتصارعون على المناصب الوزارية وعلى حقيبة من هنا وحقيبة من هناك، لا أحد يلتفت إلى الناس»، منبّهاً إلى أن «التقاسم والتحاصص بلغ درجة الوقاحة السياسية، وقد تتطور الأمور نحو الأسوأ والإشارات التي تنبئ بذلك كثيرة».
وتمنّى مطران صيدا وصور ومرجعيون وراشيا للروم الأرثوذوكس الياس الكفوري، بعد انتقاله إلى المقر الصيفي في راشيا، أن لا يكون وراء تأخير الحكومة «ما يسيء إلى الوضع العام»، داعياً إلى «تطبيق ما ورد في اتفاق الدوحة، واتفاق الطائف الذي أرسى توازناً دقيقاً بين كل الأطراف». وحذّر من أن الوضع الأمني «ينبئ بأخطار كبيرة مقبلة، ولا نستطيع أن نتدارك هذا الأمر إلّا بوحدتنا وبالتضحية في سبيل الوطن».
أمّا رئيس هيئة علماء جبل عامل العلامة الشيخ عفيف النابلسي، فاتهم الإدارة الأميركية بأداء دور رئيسي في تعطيل الاستحقاق الحكومي وعرقلته «متجاوزة بذلك الاعتبارات الوطنية والسيادية. ولا تزال الأيام تكشف حقيقة إفسادها وتخريبها لهذا الوطن الذي تصدى أبناؤه لتربّص الصهاينة وبغيهم وعدوانهم».
وفي حفل العشاء السنوي للمجلس الأعلى للروم الكاثوليك، في حضور البطريرك غريغوريوس الثالث لحام وحشد من الشخصيات، شدد الأمين العام للمجلس السفير فؤاد الترك، على «إزالة اللبس حول المفاهيم الخاطئة في الخطاب السياسي، ومنها على الأخص ما يسمى بالوزارات السيادية المخصصة لطوائف معينة، وكأن ثمة طوائف تحافظ على السيادة وأخرى لا تحافظ عليها. السيادة ليست حكراً على طائفة دون سواها، بل هي فعل إيمان وممارسة يومية عند كل مكوّنات الشعب. من هنا الشعار الذي أطلقناه: كل الوظائف لكل الطوائف وكل الوزارات لكل الكفاءات».
على صعيد الوضع في الجنوب، واصل قائد قوات «اليونيفيل» الجنرال كلاوديو غراتزيانو، جولاته على المسؤولين اللبنانيين أمس، فالتقى رئيس الجمهورية الذي عرض معه، مراحل تنفيذ القرار 1701 والخطوات الآيلة إلى استعادة لبنان مزارع شبعا وتلال كفرشوبا «ولا سيما بعدما توافرت مستندات جديدة تؤكد لبنانية هذه الأراضي ستُرسل إلى الأمم المتحدة»، مطالباً قيادة القوات الدولية بالإسراع في إنجاز الترتيبات المتعلقة ببلدة الغجر. كذلك زار غراتزيانو صلوخ، وقال بعد اللقاء إن «نجاح القرار 1701 يتوقّف على التزام كل الأطراف إياه ومسؤوليتهم عن تطبيقه». وأكد أن اليونيفيل تأخذ على محمل الجد التهديدات بالاعتداء عليها لكنها لا تخاف منها، مضيفاً: «ربما هناك أحد ما يحاول إضعاف استقرارنا، ونحن، وفقاً لذلك، نعمل لتفادي أن نكون مهدّدين».
وقد طالب صلوخ غراتزيانو، بالضغط على إسرائيل لتسليم خرائط الألغام والقنابل، وهو الأمر الذي شدد عليه أيضاً عدد من المسؤولين الذين زاروا ذوي آخر ضحية لهذه الألغام الشهيد هشام غصن في القنطرة، ومنهم النائبان علي عسيران وقاسم هاشم، إذ وصف الأول الألغام بأنها «احتلال مدفون في الأرض يعرّض سلامة المواطنين للخطر»، معتبراً تسلّم خرائطها «جزءاً لا يتجزّأ من عمل قوات حفظ السلام». ورأى الثاني أنه «آن الأوان لإطلاق حملة عربية ودولية غايتها إجبار العدو على تقديم كل الخرائط والوثائق».