نيويورك ـ نزار عبودبعدما أثارت «الأخبار» الأسبوع الماضي قضية مكتب الارتباط في تل أبيب الذي بدأت قوات اليونيفيل تاسيسه، والذي سيباشر عمله مطلع الشهر المقبل، تراجعت الحكومة اللبنانية عن تأييدها غير المشروط لهذا المشروع، وتحفّظت قبل التصويت عن مشروع القرار بالنسبة إلى حق مديري المكتب في إقامة اتصالات بالدول المساهمة في عديد اليونيفيل. لكنها بقيت مؤيدة لمشروع إنشاء المكتب الذي سيكون في منأى عن الرقابة اللبنانية، رغم أن مهمته الأساسية تتعلق بوجود قوّات عسكريّة في الأراضي اللبنانية. وكان يمكن البعثة اللبنانية تعطيل اقتراح الأمين العام للأمم المتحدة بإنشاء المكتب عبر الاعتراض وحشد الداعمين لهذا الاعتراض. وكان لافتاً عدم اعتراض بعثة لبنان على عبارة «تهيئة بيئة آمنة ومستقرة في جنوب لبنان» الواردة في تقرير الأمين العام. وفي ذلك موافقة ضمنية على استمرار إسرائيل بخرق السيادة اللبنانية. فيما يسجل للبعثة نقطة إيجابية هي تصدّيها لتسمية المجزرة التي ارتكبها العدو في قانا في نيسان 1996 بـ«الحادث». وتقدم مندوب لبنان في اللجنة الخامسة برد على اتهام إسرائيل للمقاومة بأنها إرهابية بالقول إن «حزب الله هو قوة مقاومة ضد الاحتلال».
ونظرت اللجنة الخامسة في الجمعية العمومية للأمم المتحدة نهاية الأسبوع الماضي في مشروع القرار المتعلق بتمويل قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل). وتوقفت عند النقص المالي الذي بلغ 145 مليون دولار أميركي، وأبدت قلقاً من أن عدد الدول التي سددت المستحقّات بلغ 74. كما وجدت اللجنة أن القوة لم تنفق الموزانة كاملة. وشددت الجمعية العمومية على ضرورة التزام إسرائيل المطلق القرارت المتعلقة بتسديد 1.12 مليون دولار قيمة الأضرار التي سببها ما وصفته بـ «حادث 1996 على مقر قيادة اليونيفيل في قانا لبنان». واتخذت اللجنة قراراً بتخصيص مبلغ 650.76 مليون دولار كنفقات القوة للسنة الجديدة التي تبدأ في مطلع تموز. وسجل المندوب الأميركي تحفظاً عن القرار المتعلق بالتعويض على مجزرة قانا بحجة أن استخدام التمويل «ذريعة لملاحقة مطالب بحق دولة أو دول، أسلوب غير سليم». وأكد المندوب الأميركي أن بعثته عارضت القرارات السابقة التي طالبت إسرائيل بدفع أضرار «الحادث». وأضافت البعثة الأميركية إن النص الحالي «يسيّس عمل اللجنة الخامسة، وهذا ما ينبغي تحاشيه الآن وفي المستقبل». أما مندوب إسرائيل، فقال إنه مضطر إلى التصويت على مشروع القرار أسوة بالأعوام الماضية. ورغم أن موقفه المعارض «يخرق الإجماع على القرار، يبقى رد فعل على إجراء هو موضع جدل» على حد تعبيره. وأضاف إنه «ما من دولة تتحمل وحدها عبئاً مالياً جرّاء أضرار لحقت من عمليات حفظ سلام»، داعياً إلى تحميل موازنة اليونيفيل ذلك العبء المالي لأنه «لا ينبغي أن تكون اليونيفيل استثناءً»، واصفاً القرار بأنه «نابع من دوافع سياسية ويثير علامات استفهام بشأن موضوعية المنظمة الدولية وعلاقتها بالواقع». فيما حظي القرار المتعلق بالتعويض على قانا بتأييد 74 دولة، ومعارضة 4 دول (الولايات المتحدة، إسرائيل، أوستراليا، كندا)، وامتناع 45 دولة عن التصويت بينها الاتحاد الأوروبي بزعامة سلوفينيا بحجة أن النص «غير مناسب». كما وافقت اللجنة على مشروع القرار بأكمله عبر 124 صوتاً مؤيداً، ومعارضة الولايات المتحدة وإسرائيل، وامتناع أوستراليا عن التصويت.
وأكد مندوب لبنان في اللجنة، مجدي رمضان، أن بيروت تدعم مبدأ المسؤولية الجماعية، «الذي يجري بموجبه تحميل النفقات للمجموع. لكن ذلك المبدأ لا يتعارض مع المبدأ العام المتعلق بمسؤولية الدولة عن أفعالها الخاطئة دولياً وعن النتائج المترتبة على تلك الأفعال، بما في ذلك الضرر المادي».
على صعيد آخر، طالب مندوب لبنان بعدم الاكتفاء بتسجيل خروق الخط الأزرق، سواء الجوية أو البرية أو البحرية، بل «تحديد هوية مرتكب الاختراق بوضوح». مضيفاً إن «الكل يعرف الطرف المسؤول عن 1460 خرقاً جوياً خلال الفترة الأخيرة». وسجّل أيضاً لمندوب لبنان رده على المندوب الإسرائيلي قائلاً: «وفقاً للمندوب الإسرائيلي، ما جرى في قانا عام 1996 كان عارضاً. نحن نؤكد أن هذا لم يكن عارضاً بل كان هجوماً إجرامياً بحق المدنيين، ولا سيما الأطفال. وبعض من نجا من مجزرة قانا الأولى سقط ضحية مجزرة قانا الثانية التي وقعت في 2006. نحن نقول إن حزب الله لم يكن موجوداً عام 1978 عندما تمّ غزو لبنان لأول مرة، أو في 1982 عندما تمّ غزو لبنان للمرة الثانية. لقد كان حزب الله قوة مقاومة ضد الاحتلال».
وأضاف رمضان إن لبنان يدين الإرهاب بمختلف أشكاله، بما فيها إرهاب الدولة. والمشكلة في المنطقة هي الاحتلال. وإذا كانت إسرائيل مكترثة لمسألة الأمن فعليها أن تنسحب من الأراضي التي تحتلها في لبنان، خاتماً كلامه بدعوة إسرائيل إلى احترام القرار 1701 وتزويد لبنان خرائط الألغام والقنابل العنقودية التي لا تزال تزهق أرواح السكان.