فداء عيتانيقربه مجموعة من اللاعبين الصغار على رقعة الداما. القوات اللبنانية تحاول نقل أحجارها يميناً ويساراً، 3 وزراء، عشرة مقاعد نيابية، عشرون وظيفة عامة، مطالب ربما لن تجد في أيام أقل قتامة من يستمع إليها، أو ربما لو ساعدت حلفاءها في معاركهم المهزومة في بيروت والجبل (عداك عن حادثتي السوديكو وعين الرمانة) لأمكن لقادة 14 آذار أن ينظروا إلى القوات اللبنانية بصفتها تستحق اسمها فعلاً.
وليد جنبلاط من ناحيته يحاول الخروج نحو سياق آخر، يستأنس ببقايا ثقافة سوفياتية، لا تنتمي إلى اللغة الخشبية نفسها، ولكنه يعلم جيداً أن مقتل 67 من محازبيه في الجبل يمسّه في الصميم، وأن الكسب الآن هو في المقاعد وفي الوقت، وخاصة أن الحليف السنّي لم يعد يصدق شعار «صامد معكم في كليمنصو». إلى جانبه أيضاً يقف العشرات من بقايا قرنة شهوان، باحثين لدى خبراء الإحصاء عن مكانهم في لوائح الانتخابات، يقلبون الاحتمالات على أوجهها: ماذا لو انسحب فلان، أو تشكلت لائحة ائتلافية من الخصم أو تحالفنا مع الأخصام؟ ليحوّلوا بذلك خبراء الإحصاء إلى نوستراداموس انتخابي.
في المقلب الآخر، يقف الرئيس نبيه بري، أو يجلس بالأحرى مسترخياً ومنتعلاً خفاً أبيض، وقد استعاد حركة أمل إلى الحلبة السياسية. هذا من جهة، ولكن من الجهة الأخرى فإن النظام العام عاد إلى الخضوع لآلياته العجيبة التي تبشّر بزمن أسوأ من زمن الترويكا، وللمزيد من المعلومات يمكن مراجعة الرئيس حسين الحسيني الذي يحتفظ بمحاضر اتفاق الطائف، ويحفظ تفاصيل الدستور الذي لا يشبه ما نعرفه اليوم من ممارسات دستورية. أما حزب الله فلسان حاله يستغرب ما يسمع، فكيف لمن خان الثقة والعهد، ولمن لا يقدّر أفضال المقاومة على الوطن والمواطنين، ولمن لم يعترف بحجم تضحيات الحزب لتحرير لبنان، دون منّة، ودون أن يطلب شكوراً ولا حمداً، كيف لمن حاول المسّ بأمنه أن يطالب اليوم أمينه العام بالاعتذار العلني مما حصل وصار، وخاصة أن هناك مبالغات في تصوير الأحداث والوقائع.
ولا يقف الحزب عند حدود الاستغراب، بل يبدي اقتناعاً بأن العلاج الجدي للحالة لا يكون في الشارع، حيث وقع الجرح، بل في القصور حيث يجلس زعماء الطائفة السنّية، وفي الحلقة السياسية الضيّقة، وعندها يمكن للانفراج أن ينعكس أرضاً، وحالاً من الاسترخاء بين المواطنين، ويذهب بعض من في الحزب إلى التعبير عن قناعات شخصية تفيد بأن الحل الجدي لا يكون حتى في قصور قريطم والوسط التجاري والشقق الفخمة المستأجرة والمحمية أمنياً، بل يؤكدون أن لا حلول ما دامت السعودية لا ترى في تخفيف الاحتقان السنّي ــــ الشيعي فائدة ترجى حالياً.
وفي مقابل ضخ البلاد والزعماء ملايين من الدولارات استثماراً في انتخابات نيابية قد لا تأتي، يقع أبناء الأحياء الفقيرة ضحايا مجهولين لأحداث معلومة الأسباب.