طرابلس ـ عبد الكافي الصمدخلال حوادث السابع من أيار وما تلاها، تعرّضت بعض المراكز الحزبية التابعة لقوى معارضة في طرابلس للتخريب والتكسير والحرق علي أيدي مناصرين لتيّار المستقبل، في خطوة عُدّت «ردّ فعل» على ما سمّوه «اجتياح بيروت»، والاعتداء على «تلفزيون المستقبل» وغيره. وكذلك ردّ اعتبار للتيار على قاعدة «العين بالعين والسنّ بالسنّ، والبادئ أظلم»، وفق ما أشارت حينها أوساط في المستقبل.
لكنّ الأمور لم تقف عند هذا الحدّ، إذ إنّ محالّ تجارية في باب التبانة تعود ملكيتها لمواطنين من جبل محسن، تعرّضت لاعتداءات عقب انتهاء الاشتباكات. في مقابل اعتداءات مماثلة تعرّضت لها محال تجارية تقع على أطراف جبل محسن ويملكها مواطنون من باب التبّانة، بعدما فضّل هؤلاء وأولئك عدم التوجّه فوراً إلى حوانيتهم قبل استتباب الأمن، على أمل وضع حدّ، ولو مؤقتاً، للصراع السنّي ــــــ العلوي الذي ينفجر تلقائياً عند بروز ملامح أيّ أزمة في لبنان، حتى لو لم يكن للمنطقة علاقة بهذا الصراع.
في موازاة ذلك، كانت عشرات العائلات الشيعية القاطنة في بعض مناطق طرابلس، مثل القبّة وباب الرمل، ولا سيما الذين تعود قيود نفوسهم إلى القرى الشيعية الخمس في الكورة، تتعرّض منازلها أثناء الاضطرابات لاعتداءت أيضًا، إضافة إلى إهانات شخصية عكست حجم التوتر المذهبي.
ومع أنّ هذا الموضوع بقي بعيداً عن متناول الإعلام، لم تظهر محاولات جدّية على المستويين السياسي والأمني لإعادة المياه إلى مجاريها على نحو يسمح بعودة من تركوا منازلهم إلى ممارسة حياتهم الطبيعية، وخصوصاً أنّ السواد الأعظم منهم يقيم في طرابلس منذ عشرات السنين، وقد اندمجوا فيها اجتماعياً واقتصاديا، من دون أن يثير وجودهم اعتراض أحد.
ولفت بعض هؤلاء، الذين فضّلوا عدم ذكر أسمائهم، إلى أنّ «عائلات شيعية عديدة من القرى الكورانية المشار اليها، دأبوا طوال العقود الماضية على الإقامة في طرابلس شتاءً، والعودة إلى قراهم صيفاً، شأنهم في ذلك شأن عائلات سنّية ومسيحية عديدة من المناطق الشمالية الأخرى تقيم في طرابلس على هذا الشكل». وفيما أبدى هؤلاء أسفهم لكون «الجوّ العام في طرابلس قد انحدر إلى هذا الدرك غير المسبوق من الشحن الطائفي والمذهبي والانغلاق والتقوقع»، سألوا عن «الأسباب التي جعلت أغلب المسؤولين في عاصمة الشمال يتجاهلون الموضوع ويحجمون عن إصدار حتى مجرد بيان استنكار لما يحصل».
وتشير أجواء هذه العائلات إلى أنّ «معالجة الموضوع لم تكن بالمستوى المطلوب، باستثناء موقف للرئيس عمر كرامي، وما نُقل عن «استشاطة النائب سمير الجسر غضباً من التصرّفات الصبيانية والرعناء التي أساءت إلى طرابلس وإلى التيّار وإرث الرئيس رفيق الحريري معاً، ورفضه إلصاق تصرفات «أفواج طرابلس» بالتيّار، أو تحمّل وزرها».
وسألت هذه العائلات: «لو كانت قيود نفوسنا في طرابلس هل كان سيحصل معنا ذلك، وخاصة أنّ جميع القوى السّياسية فيها بدأت منذ الآن تبحث بـ«السراج والفتيلة» عن أصوات النّاخبين فيها، تمهيداً للانتخابات النيابية؟».