انتخب 90 شاباً وشابة من مدارس وجمعيات مختلفة مجلسهم المصغر الذي يضم 30 عضواً، بناءً على برامج انتخابية ركزت على حقوقهم في الصحة والتعليم والمشاركة والحماية. المجلس يندرج في إطار مشروع تعزيز «حق الشباب في المشاركة» الذي تنفذه حركة السلام الدائم، ويموّله الاتحاد الأوروبي، عبر مشروع «أفكار 2» التابع لمكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية
فاتن الحاج

«ليش ما فيي كون رئيسة جمهورية، وشو يعني دستور؟»، تسأل التلميذة في الليسيه فردان منى الحج والدها الذي يشرح لها أنّ الدستور هو القانون الذي تسير عليه الدولة مثل قانون السير وقانون المدرسة اللذين يجب أن نتقيّد بهما. لا تقتنع ابنة الثانية عشرة بالإجابة: «بابا بس قانون السير مش ماشي والبوليس بيمشي أحياناً عكس السير وبيمشّي السير على كيفو، والمدرسة كمان بتغيّر بقراراتها، يعني هيك الدستور فينا نغيرو؟».
تقود حشرية الوالد للسؤال عن سبب اهتمام ابنته بالدستور، فتبادره منى ببراءة: «بدّي غيّر الدستور لأني حابي كون رئيسة جمهورية». يعقّب الوالد: «الدستور ما قال إنو المرأة ما فيّا تكون رئيسة جمهورية، بس العالم هنّي بعد مش مقتنعين بالفكرة». تبتسم منى وتقول: «رح حاول قد ما فيني خليهن يغيّرو أفكارن لأنّو المواطن بحقّلو الترشح والانتخاب».
تطمح منى إلى أن تكون رئيسة جمهورية «لأنّو بدي حسّن البلد، لتسير أفضل وأجمل وأهم وما خلي إلي خلقو بلبنان متل أختي الصغيرة غوى يقولوا إنو ما بحبوا بلدن لأنو فيه مشاكل وبحبوا بلد غيره أكتر. وكمان بدي اسم كل شب وصبية عمرن 18 وأكتر لينتخبوا لأنّو صاروا واعيين وبيفهموا».
انطلاقاً من هذا الطموح المشروع، التقت منى ورفاقها من مدارس وجمعيات في مختلف المحافظات اللبنانية، وتتراوح أعمارهم بين 12 و18 عاماً، في حركة السلام الدائم ليؤسسوا مجلساً ينقل همومهم إلى الجهات المعنية بعيداً عن لغة العنف والمدفع، وعلى قاعدة «ماذا نعمل مع الأطفال، وليس ماذا نعمل للأطفال؟».
انتخب الشباب مجلسهم الذي سيلتقي دورياً ويتدرّب على مفاهيم المواطنية ويعمل تحت عناوين هي أيضاً طموحة وهي تحقيق التعليم الابتدائي الإلزامي والمجاني، إصدار بطاقة الاستشفاء لكل مواطن لبناني لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، ونعم للحماية الكاملة من أي نزاع مسلّح، لا جنود أطفال، ولا للبقاء طرائد للأعداء من حرب إلى حرب ومن «قانا واحد» إلى «قانا اثنين»، فضلاً عن المشاركة في الحياة العامة، ننتخب ونُنتخَب، نلتقي ونتحاور ونقرر، نقترح المشاريع ونعمل على تنفيذها. يذكر أنه جرى تصميم ملصق للمشروع حمل شعار «العب دورك».
أما البرامج الانتخابية فتناولت الشباب والإدمان والإصلاح الاجتماعي وحماية الأطفال المعرّضين للخطر، وإعطاء رخص قيادة للشباب دون 18 سنة (16 ـــــ 18)، تعديل قرار إلزامية التعليم المجاني حتى التاسع أساسي، خفض سن الاقتراع إلى 18 سنة، حقوق الشباب في الاطلاع والوصول إلى المعلومات، تأمين بيئة سليمة للأطفال والشباب، والمطالبة في احترام حقوق الطفل والحق في التعلم. وقدّم الشباب في لقاء جمعهم في قصر الأونيسكو مشاريعهم بطرق مشوّقة، على شكل برامج تلفزيونية أو أغنيات أو لقطات مسرحية. وجاءت النتائج كالآتي:
أحمد هويدي (مدارس الأونروا). لورا المير (التجمع النسائي الديموقراطي). ريان قزيلي (ثانوية حارة صخر). نور شاهين، سلفانا غزلان، ويوسف جمعة (جمعية براعم الفلسطينية). سينتيا عروق، ماري بل فرحات، جنيفر غريش (ثانوية فرن الشباك الرسمية للبنات). دارين أسعد، جميل بدر (جمعية الإرشاد والإصلاح). هشام أبو صالح (ثانوية حسام الدين الحريري). مريم شقير، ماندي عواضة (ثانوية جبيل الرسمية). مريم صبرة (جمعية الإرشاد والتوجيه). حسين عطوي (Lycee amicale moderne) محمد عباس (LAU) منى أيوب، تمارا ذبيان، رامي أبو شقرا، سامر مغنية، عبد الله عقيل، نور عز الدين (ثانوية الشويفات الرسمية المختلطة). جو علام (Mont la salle). ديان علام (مدرسة الراهبات الكرمليين). باتريك صوايا (مدرسة الراهبات الأنطونيات). منى الحج (ليسيه فردان). عماد جبرايل (ثانوية كفرشيما الرسمية المختلطة). فاتن عبد الله وسهير طوية (ثانوية الناصرة).
ويقول رئيس حركة السلام الدائم، فادي أبي علام: «إننا نريد طموح الشباب وأحلامهم، وخصوصاً أنّ حقهم في المشاركة أكدته أكثر الاتفاقيات الدولية في العالم قبولاً «اتفاقية حقوق الطفل»، وما علينا إلاّ الاعتراف بهذه الحقوق المكتسبة واحترامها وتوفير أفضل الشروط لجعلها راسخة في الثقافة والممارسة».وترى رئيسة تجمع الهيئات من أجل حقوق الطفل، أليس كيروز سليمان، أنّ المشاركة تنقل الشباب من حالة القبول إلى حالة الاختيار والتأثير في اتخاذ القرار، ومن الاستسلام إلى الثقة بالنفس، وتخلق لديهم فكراً نقدياً بناءً، لافتة إلى أنّ تنمية هذه الفكرة ونقلها إلى السلوك هما المدخل إلى الديموقراطية على أساس تكافؤ الفرص لجميع الشباب والمساواة.
ويؤكد الأمين العام للمجلس الأعلى للطفولة، الدكتور إيلي مخايل «أنّ مجلس الشباب يقدم نموذجاً ديموقراطياً حقيقياً للتغيير، فهو يشكل قوى ضغط تسعى إلى اختراق الذهنيات المجتمعية وصياغة سياسات مجتمعية ترتكز على حق الأطفال في المشاركة في كل ما يتعلق بمصيرهم وشؤونهم ومؤسسات وبنى تحتضن آليات التغيير».
وتوضح يمنى غريب من مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية «أننا تمكنا في إطار الشراكة بين القطاع العام والمجتمع المدني من العمل لتوفير المشاريع والنشاطات المقررة وتوفير النوعية الجيدة في التنفيذ»، مشيرة إلى أنّ حركة السلام الدائم لم تغرّد خارج السرب، ونشطت عبر مشروعها في تعزيز مفاهيم الحوار والديموقراطية بين الشباب.


نحن الشباب

حدّد أعضاء مجلس الشباب حاجاتهم بالقول: «نحن الشباب بحاجة إلى الحصول على المعلومات، والدعم النفسي والاجتماعي، والاستماع إلينا في المسائل المتعلقة بنا للمشاركة في صنع القرار، ونريد أن نعطى الفرصة للتعبير عن أنفسنا والوسائل للقيام بذلك»