strong>تشير الأجواء العامة في إسرائيل إلى أن صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحزب الله باتت قاب قوسين أو أدنى، وأن الإطار العام للصفقة قيد الإنجاز بحيث إن الجهد الإسرائيلي أصبح منصبّاً الآن على كيفية الإخراج الداخلي للصفقة بما يجنّبها الانتقادات الشديدة
مهدي السيد
على الرغم من مواصلة الحكومة الإسرائيلية التزام الصمت حيال الأنباء المتعلقة بالتوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع حزب الله، فإن مصدراً في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي قال للإذاعة الإسرائيلية «إننا ننتظر تطوّرات، والكرة الآن في ملعب حزب الله»، فيما نقلت هآرتس عن مصدر سياسي رفيع المستوى قوله إن «المفاوضات مستمرة، وثمة احتمال لاستكمالها في فترة قريبة».
في هذا الأثناء برزت جملة مؤشرات توحي بحقيقة التقدم على صعيد الصفقة مع اختلاف في تحديد الموعد الدقيق لتنفيذها وإن كان الشعور العام في إسرائيل يفيد أنها قريبة وأنها قد تحصل قبل الذكرى السنوية الثانية لعدوان تموز، أي في غضون شهر تقريباً.
ومن بين المؤشرات، ما ذكرته التقارير الإسرائيلية لجهة توجّه مبعوث رئيس الحكومة الإسرائيلي الخاص بشؤون الجنود الأسرى والمفقودين، عوفر ديكل، إلى ألمانيا لوضع اللمسات الأخيرة على صفقة تبادل أسرى مع حزب الله. وتصبّ تصريحات أقارب الجنديين الأسيرين إلداد ريغف وايهود غولدفاسير، في هذا السياق، حيث قال أيال ريغف، شقيق أحد الجنديين الإسرائيليين الأسيرين لدى حزب الله، إن «لدينا أملاً حذراً بأن تنتهي القضية بأسرع وقت ممكن»؛ كما قال والد الجندي الأسير ريغف، تسفي ريغف، للإذاعة الإسرائيلية «لقد تلقّينا بلاغاً بأنه تجري عملية إبرام صفقة». وأضاف «لقد قال لنا عوفر ديكل، الممثل الخاص لرئيس الحكومة في ملف الأسرى الإسرائيليين، إنه بشكل عام سيكون هناك صفقة». وشدّد على أنه «إذا كان الجنديان على قيد الحياة فإنه يجب دفع كل ثمن لإعادتهما». لكن والد الجندي رفض إطلاق سراح أي أسير لبناني مقابل الجنديين إذا كانا ميتين وقال «لا ينبغي لنا الإفراج عن أي كان مقابل تابوت». بدوره قال شلوموه غولدفيسر، والد الأسير ايهود غولدفيسر، ليديعوت أحرونوت، إنه لا يجرؤ على تعليق آمال أكبر من السابق على المرحلة الحالية.
والمؤشر الثالث على حصول تقدم في المفاوضات بشأن صفقة تبادل الأسرى، يتمثل في اللقاء المقرر أن يجريه إيهود أولمرت، اليوم الثلاثاء، مع عائلة الملّاح الإسرائيلي المفقود رون أراد، وهذا اللقاء الذي رأى المراقبون أنّه مؤشر على حصول التقدم، وخاصة أن التقديرات تشير إلى أن اللقاء سيكون له علاقة بالتقدم في المفاوضات لإنجاز صفقة تبادل الأسرى مع حزب الله، حيث يتوقّع أن يشرح أولمرت اعتباراته في الدفع قدماً بصفقة التبادل التي سيطلق فيها سراح سمير القنطار، الذي كان يعدّ ورقة المساومة الموجودة بيد إسرائيل للحصول على معلومات بشأن مصير أراد. وتوقعت مصادر إسرائيلية أن يبلغ أولمرت عائلة آراد، أن الحكومة الإسرائيلية ستفرج عن سمير القنطار بعدما حصلت من حزب الله على جميع المعلومات التي بحوزته، والتي تشير إلى أن مصير الجندي المفقود ما زال مجهولاً. وتوقّعت المصادر أيضاً أن تعلن إسرائيل أن آراد بات في عداد الموتى بعد إتمام صفقة التبادل وإغلاق هذا الملف.
في المقابل، رأى مراقبون أن عدم تضمّن جدول مواعيد أولمرت أي لقاء مع عائلة الجنديين الأسيرين في الأيام القريبة القادمة، مؤشر على أن الصفقة لم تنضج كلياً.
وفي سياق التعليقات الإسرائيلية على الأنباء عن صفقة التبادل، قال المراسل العسكري لصحيفة هآرتس، عاموس هرئل، إنه من بين مجموعة القنوات السياسية والأمنية التي تشغل الآن أولمرت، فإن الاتصالات لإعادة الجنديين الأسيرين تبدو القناة الأضمن، ذلك أن ثمن إعادة الجنديين ليس مستحيل الدفع، بحسب هرئل، كما أن فرص إتمام الصفقة معقولة، ما لا يقل أهمية، بحسب هرئل، هو أنه يمكن إتمامها في فترة زمنية قصيرة نسبياً، بحيث يمكن ذلك قبل حلول الذكرى الثانية «للقرار المتسرع بشن الحرب» الذي اتخذه أولمرت.
وأضاف هرئل، إنه في الوقت الذي توقّفت فيه الحكومة عن أداء مهمّاتها وفيما الجميع ينتظرون التحقيق المضاد الحاسم مع موشيه تالنسكي، تبدو استعادة الأسرى لدى حزب الله الهدف القابل للتحقق بالنسبة إلى أولمرت.
وأشار هرئل إلى أنه يتوقّع قريباً حصول نقاش في المجلس الوزراي المصغر، الذي تُعدّ مصادقته الخطوة ما قبل الأخيرة لاستعادة الأسرى، بحيث إن الخطوة التالية تتمثّل في «حياكة» التفاصيل مثل طريقة التبادل، مكانها، وتحدّ الحاجة الى إجراء خطوات لتحديد هوية الجثث.
في المقابل، انتقد موتي غولان، في صحيفة غلوبس الاقتصادية، الصفقة الجاري الحديث عنها، وذلك على خلفية عدم معرفة إسرائيل مسبّقاً مصير جنودها، وسأل غولان كيف يمكن لطرف في صفقة أن يوقّع صفقة يعرف بموجبها ماذا يدفع، ولا يعرف على ماذا يحصل، في إشارة إلى الثمن المعروف الذي ستدفعه إسرائيل إلى حزب الله، مقابل الثمن المجهول الذي ستحصل عليه، أي مصير الأسيرين، على الرغم من أنّ ثمة شبهَ إجماع إسرائيلي على أن الجنديين ليسا على قيد الحياة.
وفي بيروت، أعلنت المسؤولة في قسم الإعلام والنشر في اللجنة الدولية للصليب الأحمر جيسي شاهين «استعداد اللجنة في أي وقت كان، وعند الطلب منها، تسهيل أي عملية تبادل يمكن أن تحصل وأي عملية إنسانية».
وأوضحت شاهين «لا معلومات لدى اللجنة بخصوص عملية التبادل التي يحكى عنها ما بين إسرائيل و«حزب الله»، ولا تملك سوى ما نشر في الصحف والإعلام»، مشددة على «أداء دور الوسيط والمحايد»، مؤكدة «أن اللجنة وسيط فقط وهي ليست جزءاً من المفاوضات التي تجري أو غيرها من المفاوضات»، مجدّدة تأكيدها «حيادية اللجنة وعملها الإنساني الخالص».
ولفتت شاهين إلى «أن اللجنة طلبت أكثر من مرة السماح لها بزيارة الأسيرين الإسرائيليين إلا أنها كانت تواجه بالرفض»، مشيرة إلى «أن العلاقة مستمرة مع «حزب الله» مع الأمل بموافقته يوماً ما على زيارتهما».