باريس ـ بسّام الطيارةأثارت الحكومة الإيطالية على لسان وزير خارجيتها فرانكو فراتيني مسألة تغيير قواعد الاشتباك لقوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان لتثير تساؤلات عن التوقيت والأسباب والأهداف من إثارة الموضوع «حيث لا ضرورة»، كما قال لـ«الأخبار» أحد المتابعين العرب للملف اللبناني في باريس. فأين تنتهي «مسؤولية الطليان» في تحريك هذا الملف، وأين تبدأ مسؤوليات الأطراف الخارجيين الآخرين؟ سؤال يطرحه أكثر من مراقب في باريس، وخصوصاً أن فتح ملف القوات الدولية جاء في خضم معركة تأليف الحكومة اللبنانية وكأنه جواب على انفتاح أفق الأزمة اللبنانية، حسبما قال مصدر مسؤول.
يقول أحد الإعلاميين الأوروبيين من الوفد الذي رافق الرئيس الاميركي جورج بوش في جولته الوداعية في أوروبا: «إن ملف الجنوب اللبناني سوف يطرح بقوة في المرحلة المقبلة وليس فقط من باب وضع مزارع شبعا في عهدة الأمم المتحدة».
وعلمت «الأخبار» من مصدر مرافق للوفد الأميركي أن «تغيير قواعد الاشتباك هو إعادة تقويم لدور اليونيفيل بحيث يتم التنفيذ الفعلي والكامل للقرار ١٧٠١» وأوضح أن هذا التقييم يهدف إلى «تفعيل مراقبة كل الحدود اللبنانية»، وخصوصاً أن سوريا «تقول إنها توافق على ترسيم الحدود مع لبنان وفتح سفارة فيه»، مشدداً على أن «إعادة المزارع لا يمكن أن تحصل من دون ترسيم للحدود شرق المزارع».
أما عن سبب تحريك الموضوع عبر البوابة الإيطالية، فيقول المصدر «إن لإيطاليا مساهمة عسكرية كبرى في اليونيفيل» من جهة، ومن جهة أخرى فإن «التوافق بين برلسكوني والرئيس بوش تام في ما يتعلق بلبنان»، وخصوصاً أن الرجل القوي الثاني في إيطاليا جيانفرانكو فيني رئيس البرلمان الذي يعتبر وارث برلسكوني هو من أقرب المقربين إلى سياسة واشنطن عموماً وفي الشرق الأوسط خصوصاً. ويقول المصدر، نقلاً عن محيط فيني، إن على إيطاليا أن تحمي «خواصر قواتها ومؤخرتها» في إشارة إلى ضرورة ضبط الحدود «لضبط تهريب السلاح ومنع حزب الله من تقوية مواقعه خلف اليونيفيل» حسب قوله.
ويلفت المصدر إلى أن طرح مسألة المزارع في جولة بوش «هدف إلى مساعدة الحكومة اللبنانية، ولا سيما الرئيس السنيورة» عبر دعم «الانتهاء من مسألة المزارع»، مما يساعد في «الانتهاء من ملف السلاح خارج يد السلطات اللبنانية».
ويوافق مصدر فرنسي على هذا التحليل ويرى فيه «تحولاً في الموقف الأميركي»، ويضيف أن «بوش يسعى إلى تحقيق شيء ما قبل مغادرته من الحكم». ويرى المصدر أن المسألة كلها هي بمثابة «تمرين أميركي لجس نبض جدية سوريا» في المسار الذي يتبعه معها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.
ويرى المراقبون أن أوروبا تحاول الاستفادة من ضعف الإدارة الأميركية المنتهية ولايتها ومن «البازار القضائي السياسي» القائم في إسرائيل للضغط في اتجاه حل قضية المزارع على أمل إيجاد حل يحفظ ماء وجه الجميع ويذهب في اتجاه ما يطلبه جميع الأفرقاء علناً، أي تخلي حزب الله عن سلاحه. وحسب محلّلين سياسيّين فإن لعبة ميزان المصالح بين التشدد في فلسطين مع الانفتاح على التفاوض مع سوريا، يمكن أن تنكسر إذا أرادت بعض القوى «تغيير قواعد اللعبة في جنوب لبنان» واعتبار المنطقة خارج إطار «الشقين الفلسطيني والسوري»، وبالتالي يكون وضع المزارع في عهدة الأمم المتحدة في مقابل «الفصل بين ما يحصل في سوريا وما يمكن أن يحصل في غزة» وتالياً مد نطاق عمل اليونيفيل ليشمل مراقبة مجمل الحدود السورية ــــ اللبنانية.