أنطون الخوري حربأرست حوادث أيار الماضي حالتين في صفوف الطائفة السنّية. الأولى حالة الحرج التي أصابت الشخصيات السنّية المعارضة وتلك المحايدة على حد سواء، والحالة الثانية هي اقتناع منافسي آل الحريري وتيار المستقبل وأخصامهما بأن حوادث بيروت كسرت الجرة وأن هذه لن تلحم مجدداً، لأن الشرخ كان أكبر من الاحتمال حتى إلى درجة فاجأت معها سنّة المعارضة حين يتحدثون عنها بين أربعة جدران.
وبعد التقارير التي وصلت إلى أكثر من جهة عربية ولبنانية عن احتمال تحوّل وضع السنّة إلى ما يشبه وضع المسيحيين في لبنان، كشفت مصادر لبنانية رفيعة في جامعة الدول العربية لـ«الأخبار» عن مسوّدة وثيقة حوار لترتيب البيت السنّي تسلّمت نسخةً منها القيادة السعودية، ذلك أن الانقسامات الحادة التي شهدتها الطائفة بعيد اغتيال الحريري تحولت من حالة استثنائية إلى مادة انقسام تضعف قدرة السنّة على فرض حضورهم السياسي في لبنان، إضافة إلى عدم تحقيق فعالية كبرى من خلال التحالف الحريري ــــ الجنبلاطي في مواجهة الطائفة الشيعية وحدها، فكيف بالوضع أمام التحالف المسيحي ــــ الشيعي؟ وتبدو القيادة السعودية متقدمة في تقديم الاقتراحات الإيجابية إلى درجة دعوة حلفائها إلى إبداء التفهّم لمواقف المراجع السنّية المتمثلة بالرئيس عمر كرامي في الشمال والنائب مصطفى سعد في الجنوب وبينهما الرئيس سليم الحص في بيروت، بالإضافة إلى الوزير السابق عبد الرحيم مراد.
وتستند الوثيقة السعودية عن الواقع السنّي اللبناني إلى التفهّم المتبادل بين آل الحريري وأخصامهم خلال الحوادث من جهة، وإلى الرغبة المتبادلة في إرساء قاعدة مشتركة يلتقي عليها قادة الطائفة ضمن الخطوط الحمراء التي تجمعهم من جهة أخرى. وبسبب التباعد الحاصل بين القوى المذكورة، ترغب الوثيقة في تحريك التكتل الطرابلسي كجسم بين الطرفين لتسويق الحاجة إلى ميثاق يحدد سقف الخلافات وطرق إدارتها والضوابط المطلوبة لعدم تفلّتها. كما تشير الوثيقة إلى قدرة التكتل الذي يتقدمه الوزير محمد الصفدي على وصل ما انقطع بين السعودية وبعض أركان السنّة في المعارضة، مع تأكيدها على استمرار تقديم المساعدات المالية السنوية كالتي حصلت عليها جمعية المقاصد والمؤسسات الاجتماعية الإسلامية. وتلحظ الوثيقة إعادة تشكيل مرجعية اللقاء الإسلامي ودار الفتوى على نحو يسمح بمشاركة الجميع في قرار الطائفة، وتحدد الوثيقة: النواب محمد الصفدي وأحمد كبارة والنائب السابق تمام سلام كمجموعة صالحة لإطلاق المبادرة ضمن مهمة لمّ شمل البيت السنّي.
وتتطرق الوثيقة إلى النقاط الصعبة في المهمة والتي من أبرزها الارتباطات السياسية والمالية لبعض الأطراف بالمعارضة وحزب الله بالتحديد، والتي أدّت إلى التزامات حيال سوريا وإيران، مما يفقد الطائفة ككل القدرة على الإمساك بزمام المبادرة عندما يصبح وجودها مهدداً. وتختم الوثيقة بدعوة الدبلوماسية السعودية إلى ضرورة الانفتاح على جميع أركان الطائفة السنّية اللبنانية وعدم إعلان العداء الدائم لسوريا وإيران، لكون ذلك يعقّد إتمام المصالحة ويجعل الطوائف الأخرى مستبعدة أو مرتاحة على حساب السنّة.