يكشف أحد الناشطين على خطّ الوساطة بين حليفي الأمس القريب: زعيم التيار الوطني الحر ورئيس كتلة الإصلاح والتغيير النائب العماد ميشال عون والنائب ميشال المر عن أن وتيرة الخلاف هي إلى تصاعد بين الرجلين، تزكّيها عقدة تشكيل الحكومة.ويشير إلى أن المساعي لم تهدأ، بين الرجلين الساكنَين في الرابية، منذ «انتفاضة» المر الشهيرة على تكتّل التغيير والإصلاح، وقد زار أكثر من عضو في التكتّل النائب المر في محاولة لرأب الصدع، لكن لا وفاق لمن تنادي.
ويعترف الوسيط بأن العلاقة أصبحت متوتّرة بين الرجلين، لكنّها لم تبلغ مرحلة اللاعودة (على الأقل حتى الآن) وبأن تأخير تشكيل الحكومة ألقى بظلاله على هذه العلاقة.
ويتحدّث الوسيط المقرّب من الرجلين عن محاولات قام بها كثيرون ويواصل هو القيام بها من أجل بلورة هدنة إعلامية وسياسية بين الطرفين تكون مقدّمة لإعادة إحياء التحالف الانتخابي، وخصوصاً أن سقوط هذا التحالف يشكّل إحراجاً لمقرّبين من الاثنين معاً.
إلا أنّه يشير، في الوقت عينه، إلى مساعٍ «تبذلها فاعليات متنيّة وبعض أصحاب الأقلام لإحداث المزيد من الشرخ بين الطرفين، الأمر الذي يصبّ في مصلحة طرف ثالث».
ويبدي الوسيط ثقته بأن حظوظ التحالف لا تزال متفوّقة على إمكان التصادم الانتخابي، متوقعاً أن يلعب بعض الأطراف، مثل حزب الطاشناق وحتى الرئيس نبيه بري، دوراً ايجابياً في هذا المجال.
لكن المنحى التفاؤلي الذي يحتفظ به الوسيط يصطدم غالباً بطبيعة الرجلين العنيدين اللذين لا يتنازلان بسهولة، ويملك كلّ منهما حسابات تتعدّى الحدود الجغرافية للمتن. إلا أن ذلك لا يمنع استمرار جولات التفاوض، عبر الوسيط الموثوق به لدى الطرفين، والذي، وإن لم ينجح بعد في إعادة المياه إلى مجاريها، استطاع أن يحول دون تطور العلاقة بين الميشالين إلى الأسوأ. علماً بأنّه يعترف بأنّ كلاً منهما على حق في نقاط معيّنة، وأن العنصر الشخصي يكاد يكون في أهمية العنصر السياسي.
ويلفت إلى أن كلاً من عون والمر يعتبر أنّه يستطيع النجاح في المعركة الانتخابية من دون الآخر، بينما الواقع يحتّم اتفاقهما كي يؤمّنا الفوز بلائحة كاملة في انتخابات 2009. ويرى أن التوصّل إلى اتفاق، كحل وسط، يقضي بتشكيل كلّ منهما لائحة غير مكتملة، مما يترك لكل واحد منهما مجالاً للحفاظ على مواقعه، هو أمر سابق لأوانه، «فالتركيز حالياً هو على إيجاد قواسم مشتركة لجمعهما في لقاءات خارج البروتوكول وفتح صفحة جديدة من التعاون».
ويكشف عن إمكان إجراء جولة وساطة تستمرّ أيّاماً وتشمل، إلى النائبين المذكورين، وزير الدفاع الياس المر المعني مباشرةً بالموضوع، وخصوصاً إذا حُسم أمر ترشّحه بديلاً من والده.
وتبدو التشكيلة الحكومية المنتظرة هي البوصلة التي ستحدّد مسار التحالفات الانتخابية في المتن، والتي يعتبر الوسيط المتني أنّها مفتوحة على مختلف الاحتمالات وحتى احتمال حصول اتفاق بين المعارضة والموالاة، لافتاً إلى أن استمرار الشرخ السياسي بين الكتائب والتيار الوطني الحر ومؤيّدي آل المر سيمنح أرجحيّة للصوت الأرمني وسيحوّل حزب الطاشناق إلى بيضة القبّان في ميزان الحسابات الانتخابية.
وإلى أن تحلّ العقدة المرّيّة وتولد التشكيلة الحكومية ثم يحين أوان الانتخابات، ستبقى العيون شاخصة إلى المتن الشمالي الواقع ما بين النهرين (نهر بيروت ونهر الكلب) وخيارين، ثالثهما مرّ!
(الأخبار)