حسن زين الدينلكن تأثّر الطلاب بتضارب المواعيد هذا، يختلف بين مرحلة علمية وأخرى. ففي حين أن الطالب الجامعي أو التلميذ الثانوي يمتلك «خبرةً» وحنكة لاعتياده مصادفة مثل هذه المواعيد، فإن الأثر الأكبر يبقى على طلاب الشهادة المتوسطة الذين يختلف أسلوب تعاملهم مع تنظيم الوقت باختلاف العوامل التي تبدأ بمدى تعلّق التلاميذ بهذه البطولات الكروية، وتنتهي بطبيعة العلاقة التي تربطهم بالأهل وأسلوب التربية، وهامش الحرية الشخصية المعطى لهم. كما يرتبط المستوى العلمي والتفوّق في المدرسة بتسامح الأهل وتساهلهم مع أولادهم، فبينما يحظى المتفوقون بثقة الأهل، فإن تراجع النتائج طوال العام لدى الآخرين يجعلهم يصطدمون بصرامة الأهل وضغوطاتهم الكثيرة. كما أنّ التحضير الجيّد للامتحانات طوال العام الدراسي يترك اطمئناناً ذاتياً لدى التلميذ في أوقات المراجعة، ويخوّله أخذ قسط أوفر من الراحة لمشاهدة مثل هذه البطولات.
هذه المعادلة إذاً، هي الأسلوب الذي يتبعه معظم التلاميذ، أي إرضاء الأهل على أمل أن تخفّ ملاحظاتهم، وتحفيز الذات أيضاً على الدرس. يشرح شادي وهو تلميذ متفوّق في مدرسته عن الطريقة التي يتبعها في هذه المرحلة من العام الدراسي «بس يكون في ماتش حلو بتحمّس وبتشجّع على الدرس أكتر طول النهار». يختلف وضع عيسى عن شادي، إذ إنّ معدلاته هذا العام قد شهدت تفاوتاً بين فصل وآخر، ما دفع والدته إلى اتخاذ «إجراءات مشددة»، ولم يُستثنَ منها «يورو 2008» بالطبع، غير أن «المفاوضات» المستمرة بين عيسى ووالدته نجحت أخيراً. وبعد توسط طرف ثالث هو الوالد، صدر القرار القاضي بالسماح له بمتابعة بعض المباريات شرط «أن أخضع لاختبار بسيط في ما درسته خلال النهار».
من جهته، لا يواجه محمود أي صعوبة في هذا الأمر، لأن جوّ عائلته «كرويّ بامتياز، فأشاركهم مشاهدة المباريات»، لكن لا يخلو الأمر من بعض «التلطيشات»، من هنا وهناك، والتي تستفزّه، وخصوصاً من أشقائه الأكبر سناً عن تقصيره في الدراسة، وعندها، يبدأ محمود «بمرافعته» اليومية مستعرضاً ما درسه حتى اللحظة وجهوزيته التامة للامتحانات.
وفي حين تختلف انتماءات الطلاب الكروية بين ألمانيا وإيطاليا وهولندا والبرتغال، وتتباين مشاعرهم عند انتصار هذا الفريق أو خسارة ذاك، فإن آمالهم تتقاطع عند هدف واحد: «النجاح في الشهادة المتوسطة لا غير».