نيويورك ـ نزار عبودلا تنتظر الأمم المتحدة الاتفاقات والقرارات بالنسبة إلى تولي مهمة جديدة بنقل السيطرة على مزارع شبعا إلى مسؤولياتها، لا من الحكومة اللبنانية ولا من مجلس الأمن الدولي. فالأمين العام بان كي مون، بحكمته وخبرته، يتميز بأنه يقرأ الأفكار الأميركية الإسرائيلية سلفاً. ويبادر من تلقائه إلى اتخاذ الإجراءات بما يرضي توجهات البلدين. ومثلما بادرت اليونيفيل إلى فتح مكتب تل أبيب قبل موافقة الجمعية العمومية وقبل رصد الاعتمادات اللازمة له بموجب تقرير الأمين العام في هذا الخصوص، فإن التعليمات وجهت إلى اليونيفيل لإعداد خطة مفصلة حول كيفية توليها لمزارع شبعا ورفع تقرير سريع في هذا الخصوص إلى الأمين العام في أسرع وقت ممكن.
وعلمت «الأخبار» من مصادر مطلعة في الأمم المتحدة أن قيادة قوات حفظ السلام بدأت تدرس كيفية التعاطي مع حدود المنطقة العامة، وما لتلك الحدود من حساسية بالنسبة إلى انتشار قوات اليونيفيل في منطقة جبلية وعرة قبالة قوات الأندوف في الجولان المحتل شرقاً، وقبالة الجيش الإسرائيلي جنوباً، ومحيط مدني من كل النواحي غرباً وشمالاً وجنوباً. ومن الأمور التي توقف عندها الخبراء أسئلة عن نشاط أصحاب الأراضي في مزارع شبعا بعد وضعها تحت الوصاية الدولية، وهل سيسمح للمدنيين بالتنقل الحر داخل المزارع ومزاولة أعمال هناك مثل بناء مساكن وزراعة أراضٍ ومدّ خطوط طاقة ومياه واتصالات؟ وهل يسمح لمواطنين لا يحملون وثائق ملكية بالتجول في المنطقة، وخاصة أن إسرائيل تخشى وجود عناصر من المقاومة بأشكال مدنية في منطقة كانت خالية من السكان منذ أواخر الستينيات؟ وماذا لو كانت إحدى قطع الأرض يملكها مواطن سوري؟
ومن الأمور الأخرى التي تُبحث، جنسية قوات اليونيفيل المرشحة للانتشار في المزارع وعددها، وطرق التسليم والتسلم، وحجم القوات العسكرية اللبنانية التي ستنتشر إلى جانبها، إذا تم الاتفاق على دخول الجيش اللبناني إليها. كل هذه الشؤون وغيرها تُدرس جديّاً بناءً على توقعات أن العملية ينبغي أن تتم في وقت مبكر من تموز المقبل، أي قبل ذكرى حرب تموز وقبل تشكيل حكومة لبنانية جديدة.
لكن وكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة، جان ماري غيهينو، يمضي آخر أيامه في منصبه، وبالتالي فإنه يدرك مدى تعقيدات العملية عند هذا المفصل الجيوستراتيجي البالغ الدقة في الشرق الأوسط. ومن المرجح أن يخلفه وكيل آخر من فرنسا قالت صحيفة «لو فيغارو» إنه الجنرال آلان لو روا.
مصادر مطلعة رأت أن وضع الموضوع على نار حامية قد يلحق به «الشياط». فالغاية الحقيقية هي منع صدور بيان وزاري يمنح المقاومة شرعية لسنوات مقبلة. وهي قضية غير قابلة للتحقيق في غمرة الاستعجال الراهن. ورأت أن الرهان الإسرائيلي ـــــ الأميركي في هذا الخصوص يبقى أضغاث أحلام، أكثر منه ممكنا قابلاً للسلق السريع، بل لا بد من ربط الحل في المزارع بالحلول الأخرى على المسارات السورية والفلسطينية وحتى الإيرانية.