تويني يدعو من عين التينة الرئيس المكلّف إلى الاعتذار لأنّه «أشرف له»
في موازاة إصرار الرئيس المكلّف تأليف الحكومة على متابعة مهمته، عبّرت أوساط عين التينة عن تفاؤلها بقرب ولادة الحكومة العتيدة بعكس مصادر الموالاة التي استبعدت هذا الأمر، مركّزة في المقابل على موضوع مزارع شبعا

ما زال الغموض يكتنف مصير حكومة الوحدة الوطنية في ظل تقاذف الاتهامات بالتعطيل بين الموالاة والمعارضة، فيما برزت دعوة من النائب غسان تويني، من عين التينة، إلى الرئيس المكلف فؤاد السنيورة للاعتذار إذا لم يتمكن من إنجاز مهمته بعد 48 ساعة من انعقاد القمّة الروحيّة التي دعا إليها رئيس الجمهورية ميشال سليمان في قصر بعبدا يوم الثلاثاء المقبل، علماً بأن أوساط الرئاسة الثانية أعربت عن تفاؤلها بقرب ولادة الحكومة.
إلا أنه بدا أن الاتصالات دخلت فترة استراحة بسبب الانشغال الرسمي والدّيني بتطويب المكرّم الأب يعقوب الكبوشي في وسط بيروت غداً الأحد وسيجمع حوله الأطياف السياسة كافة، وتحضير دوائر القصر الجمهوري لحدث آخر هو القمّة الروحية التي رأى الرئيس سليمان أنها «تشكل تأكيداً للمصالحة الوطنية الشاملة ولإظهار التوافق والتضامن بين العائلات الروحية اللبنانية»، وشدد خلال استقباله رئيس المجمع الأعلى للطائفة الإنجيلية في سوريا ولبنان القسّ الدكتور سليم صهيوني، على رأس وفد من الطائفة، «أن المطلوب هو انفتاح جميع اللبنانيين بعضهم على بعض»، معتبراً أن «التعددية الطائفية ليست نقمة، كما يحاول البعض أن يروّج، بل هي نعمة لحياتنا، ولا سيما أن اللبناني بطبيعة نشأته وتربيته يشكل نموذجاً للانفتاح على كل شعوب العالم في مواجهة حركات التطرف والأصولية».
وبعد اللقاء، أثار القسّ صهيوني قضية المقعد الإنجيلي في المجلس النيابي، مشيراً إلى أن تمثيل الطائفة بمقعد «يعود إلى سنة 1950، عندما كان عدد أعضاء المجلس 44 نائباً، وأن الطائفة تطالب اليوم بمقعد إضافي، بعدما بلغ عدد أعضاء مجلس النواب 128 نائباً».
من جهته، تناول وزير الشباب والرياضة الدكتور أحمد فتفت، بعد لقائه الرئيس سليمان، الموضوع الحكومي، معرباً عن اعتقاده بعدم قرب تأليف الحكومة «نتيجة للأجواء التصعيدية التي ينتهجها البعض إزاء هذا الموضوع».
واطّلع رئيس الجمهورية من قائد الجيش بالنيابة، اللواء الركن شوقي المصري، على الأوضاع الأمنية في البلاد والتدابير التي يتخذها الجيش لحفظ الأمن والاستقرار في جميع المناطق اللبنانية، كما أطلعه على تفاصيل حادثة سقوط طائرة الهليكوبتر خلال قيامها بمهمة تدريبية في البقاع وإصابة عدد من العسكريين بجروح.
ونوّه الرئيس سليمان «بالجهود التي يبذلها العسكريون، ضباطاً ورتباء وأفراداً، والتي تتجاوز أحياناً طاقاتهم وإمكاناتهم»، داعياً إلى «أن يكونوا حازمين في حفظ الأمن في كل المناطق اللبنانية تجاوباً مع الإرادة الجامعة للمواطنين الذين يتطلعون إلى الجيش والقوى الأمنية لحمايتهم وتوفير الاستقرار لهم».
واطمأن الرئيس سليمان من اللواء المصري إلى أحوال العسكريين الذين أصيبوا في حادثة سقوط طائرة الهليكوبتر قبل ظهر أمس في البقاع.

فصل الانسحاب من المزارع عن السلاح

من ناحيته، ركّز الرئيس السنيورة على موضوع مزارع شبعا، لافتاً في الموضوع الحكومي إلى استمرار التنسيق بينه وبين الرئيس سليمان ورئيس المجلس النيابي نبيه بري للوصول إلى حل.
وأشار خلال دردشة مع الإعلاميين في السرايا إلى أنه لا يحب أن يدخل «عبارات تشاؤم أو تفاؤل وتشاؤل» في موضوع الحكومة، وقال: «لدينا موقف واضح أننا نريد تأليف حكومة، ولا أحد يراهن على أن فلاناً ييأس وفلاناً يصمد».
وأعرب عن ثقته «بوطنية العماد (ميشال) عون وحرصه على الشأن العام ورغبته في أن يكون مشاركاً في الحكومة».
ورداً عما قاله الرئيس بري إذا لم تؤلف الحكومة خلال شهرين فستؤلف حكومة انتقالية، لفت السنيورة إلى أن «من يشكل الحكومة هو رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، هذا ما ينص عليه الدستور، ونحن سنبقى ملتزمين بما ينص عليه الدستور».
وعن مسألة مزارع شبعا، أكد السنيورة أن هذا الاهتمام لبناني وليس أميركياً، وقال: «نحن منذ ثلاث سنوات نثير هذا الموضوع مع كل رؤساء الدول في العالم، وأينما كنت أصرّ على طرح هذا الموضوع وإثارته مع كل من التقيته في العالم، والأميركيون نحن أجبرناهم على ذلك، ومع ذلك لم نأخذ رأياً ثابتاً حول هذا الموضوع».
ودعا السنيورة إلى فصل موضوع انسحاب إسرائيل من المزارع عن موضوع سلاح «حزب الله»، مشيراً إلى أنه «بمجرد أن تتشكل الحكومة ستكون هناك مشاورات وحوار سيجريه رئيس الجمهورية في بعبدا لكل الفئات السياسية لبحث هذا الموضوع». وقال: «لماذا نتصرف وكأننا نخاف من الانسحاب الإسرائيلي من المزارع؟ هل نخاف أن تنسحب إسرائيل من الأرض؟ لقد أصبحنا كحال شخص استذوق أن هناك احتلالاً إسرائيلياً واستمرق ذلك، وأصبح مرتاحاً أن هناك احتلالاً إسرائيلياً»، مشيراً إلى وجوب «أن تنسحب إسرائيل وهذا يجب أن يتم من دون أي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة ولا أي اتصال بين لبنان وإسرائيل»، متهماً البعض بأنه يتصرف «وكأنه يريد أن تبقى إسرائيل. هذا أمر معيب».
وأجرى الرئيس السنيورة اتصالاً هاتفياً بوزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، وعرض معه التحضيرات لإنجاح مؤتمر الدول المانحة الذي سيعقد في فيينا في 23 الشهر الجاري.

رئيس الحكومة و«رواسب العهد السابق»

وفي موازاة تعثر تأليف الحكومة، أكد النائب غسان تويني بعد لقائه الرئيس بري في عين التينة أنّ «هناك تفاؤلاً في الجو»، لكنه لفت إلى «أننا وقعنا أسرى، فالرئيس السنيورة يعمل برواسب العهد السابق، وهو لا يستطيع أن يؤلف حكومة جديدة في عهد جديد برواسب العهد السابق».
ودعا تويني الرئيس السنيورة إلى الانتظار 48 ساعة بعد انعقاد القمة الروحية الثلاثاء المقبل، «وإذا لم يتمكن من تأليف الحكومة فليعتذر بعد ذلك وهذا أشرف له».
بدوره، أكد عضو «كتلة التحرير والتنمية»، مسؤول العلاقات الخارجية في حركة «أمل» النائب علي بزي في لقاء سياسي مع كوادر الحركة في الجنوب أن «هناك إيجابيات تشير إلى إمكان ولادة حكومة الوحدة الوطنية»، كاشفاً «أن هنالك حركة اتصالات ولقاءات مكثفة باتجاه الموالاة والمعارضة في هذا الإطار».
وشدد نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم على أن المعارضة مصممة على الحل وفق اتفاق الدوحة، مؤكداً أنها كتلة واحدة ولا خلاف داخلها، مطمئناً «جميع المراهنين على نفاد صبر المعارضة بأن صبرها لم ينفد»، وحذر «البعض الذي قد يعتقد بأنه بطرقه الملتوية سينجح في إعادة النظر باتفاق الدوحة» من أن هذا الاتفاق أصبح معبراً إلزامياً، «ومن يحاول الالتفاف يميناً ويساراً سيضرب رأسه بالحائط».
واستغرب قاسم في كلمة له في احتفال لـ«حزب الله»، اتهام البعض للحزب بالانزعاج من الانسحاب الإسرائيلي المحتمل من مزارع شبعا، مؤكداً أنه لم يصدر عن «حزب الله» أي تصريح يبرز فيه استنكاراً أو انزعاجاً من الانسحاب، ورأى أن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس «نطقت بكلمة مزارع شبعا، لكنها لم تقدم أي حل».
ونبّه عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب الدكتور نبيل نقولا من محاولات أميركية لتأخير ولادة الحكومة إلى حين إتمام صفقة تبادل الأسرى ووضع مزارع شبعا تحت الوصاية الدولية، ورأى أن اعتبار الحقائب السيادية ستاً، بما فيها وزارتا الاتصالات والعدل طرح مقبول يساعد في حل عقدة تأليف حكومة الوحدة الوطنية، لأنه يتيح إمكان توزيع الحقائب السيادية مثالثة بين رئيس الجمهورية والموالاة والمعارضة.
وانتقد النائب وائل أبو فاعور، ممثلاً رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط في حفل تدشين بئر ارتوازية وقاعة عامة، في بلدة تنورة في قضاء راشيا، الأسلوب السياسي الذي ينتهجه البعض في لبنان. ورأى أنه يجب أن ينظر إلى اتفاق الدوحة «بوصفه تسوية كاملة وقابلة للحياة، وذلك لا يكون إلا بوقف الضغط الأمني والتهديد والتهويل». ووصف ما حصل أخيراً من مصالحة في البقاع «بالأمر الجيد والضروري».
وقال وزير الدولة ميشال فرعون أنه «إذا عادت المطالب التي تشكل عقبة اليوم أمام تأليف الحكومة إلى المنطق، فلا نرى وجود إمكان لدى أي فريق يستطيع أن يعطل تأليف الحكومة»، ورأى أن طرح العماد عون تعديل صلاحيات رئيس الحكومة «ليس في مكانه ولا في توقيته».
وحملت «حركة التنمية والتجدد» برئاسة النائب محمد كبارة على العماد عون، وقالت: «إن زمن الحكم العسكري وحرب الإلغاء قد انتهى، والمساس باتفاق الطائف، في هذا الظرف الدقيق، سيكون قبل كل شيء على حسابك وحساب الطائفة المسيحية».

الحوري لن ينسى ولن يسامح

وفي المواقف، تساءل النائب عمار حوري عمّا إذا كان هناك تنسيق بين العماد عون ومن خلفه حزب الله من ناحية، والوزيرة رايس من ناحية ثانية «لعرقلة تأليف حكومة الوحدة الوطنية»، معتبراً أن العماد عون يمثّل العقدة في الوصول إلى التشكيلة الحكومية النهائية.
ولمناسبة مرور أربعين يوماً على حوادث بيروت، قال الحوري «أربعون يوماً مرت على غزوة بيروت، وواضح أنهم لا يريدون الاعتذار من بيروت وأهلها، فقد حرمهم الله تعالى هذه الفضيلة ضمن ما حرمهم»، مطالباً «بسلاح الجيش اللبناني والقوى الأمنية وحيداً في بيروت الكبرى كمقدمة لكل لبنان، وما لم يحصل ذلك في القريب العاجل فكل جرائمهم قد تتكرر». وقال: «لن ننسى ولن نسامح وسنواجه بمزيد من التمسك بمنطق الدولة والسلطة الشرعية واتفاق الطائف والدستور، وباتفاق الدوحة إلى أن نعيدهم إلى حضن الوطن وإلى الصواب».
وخلال تمثيله رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري في احتفال بوضع الحجر الأساس لمدرسة رسمية في بلدة القرقف في منطقة القيطع عكار، قال النائب مصطفى هاشم: «من قال عنكم ميليشيا تيار المستقبل؟ افخروا بكونكم ميليشيا تخرّج المهندس، الطبيب، المحامي والأستاذ».
أضاف: «أصحاب الميليشيات المدمّرة هؤلاء يعرقلون ولادة الحكومة بسبب تنافسهم في ما بينهم على الحقائب والوزارات».
وفي بلدة برقايل، مثّل النائب محمود المراد النائب الحريري في وضع الحجر الأساس لمدرسة رسمية، وألقى كلمة قال فيها: «إن الجرح الذي أحدثته عملية حزب الله المحدودة وغير الموضعية والوسخة وغير النظيفة، تركت وراءها جرحاً لا ندري إن كان يمكن معالجته في عشرات السنين، متستّرين ومتخفّين وراء بعض الأحزاب والزمر».

مصالحة بين أركان الصفّ الأول

وأكد مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس في خطبة الجمعة «أن المصالحة التي تمّت في أبلح بين أهالي سعدنايل وتعلبايا هي خطوة أولى تحتاج إلى الخطوة الأهم، وهي المصالحة بين أركان الصف الأول لوأد الفتنة والحصول على الضمانات لعدم تكرار ما جرى مرة أخرى»، ودعا «إلى تأليف الحكومة في أسرع وقت ممكن وعدم إطلاق العنان لبعض المعارضة للعرقلة وإضاعة الوقت وطرح قضايا خلافية مستعصية لا جدوى من طرحها إلا لغرض التعطيل».
من جهته، قال نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان «المعيب أن يكون الإنسان طفيلياً وصاحب فتنة يهمس في الأذان هنا وهناك، نقول للجميع لبنان وطن كل اللبنانيين يتساوى جميع بنيه»،(...) نحن لم نقتحم بيروت (...) ما جرى خلاف بين جيران وأهل وأصحاب مصير واحد وكل تشويش وإثارة ليس من مصلحة الوطن» مؤكداً «أننا لن نرحل عنها، ونحن خرجنا من القمقم ولن نعود إليه مرة ثانية».
وأثار قبلان في خطبة الجمعة مسألة التعيينات في مصلحة كهرباء لبنان مشيراً إلى أنه رأى فيها «التوزيع غير العادل والظلم اللاحق ببعض الفئات» داعياً المصلحة الى الإنصاف والعدل والتراجع عن الخطأ فـ«لبنان ليس لفئة من الفئات، وهو لكل الطوائف والفئات ولكل الكفاءات».
إلى ذلك، انعقد مساء أول من أمس المؤتمر الموسع لفعاليات بيروت والساحل لمناقشة «اتفاق الدوحة ودور الوطنيين العروبيين»، في فندق ميريديان ـــــ كومودور، بدعوة من «لجنة متابعة مؤتمر بيروت»، وألقيت كلمات شدّدت على ضروة مواجهة التحديات الراهنة وتحصين المجتمع من الفتنة وحماية الوحدة الوطنية.