غسان سعودمع بدء الاستعدادات العمليّة للانتخابات النيابية، إذا حصلت في موعدها، تجد القوى المسيحيّة نفسها أمام تحديات عدة على مستوى التحالفات والحصص و«بروفايل» المرشحين. على صعيد التيار الوطني الحر، وفي موازاة انشغال العماد عون ونواب تكتل التغيير والإصلاح بتشريع التقسيمات الانتخابيّة التي اتفق عليها في الدوحة، هناك خياران صعبان أمام عون على صعيدي اختيار دائرة ترشحه ومرشحي اللوائح التي سيدعمها.
في النقطة الأولى، يرى مصدر يتنقل منذ أسبوعين بين القوى السياسيّة لتسويق أفكار، أن هناك أربع دوائر انتخابية يحتمل أن يترشح عون في إحداها.
أوّلها، دائرة بيروت الأولى التي تشمل مناطق الأشرفية، الرميل، والصيفي. فيترشح عن المقعد الماروني في هذه الدائرة مكرراً سلوك مؤسس حزب الكتائب الشيخ بيار الجميّل، الذي ترك عرين الكتائب في المتن وبكفيا عاصمته السياسيّة وترشح في بيروت مكرّساً رمزية أن يكون الزعيم نائباً عن العاصمة. ويزكِّي هذا الاحتمال صعوبة المعركة البيروتيّة في ظل ما يحكى عن لائحة موالية تضم نديم بشير الجميّل، نايلة جبران تويني، وأبرز القوى السياسيّة في هذه الدائرة الوزير ميشال فرعون الذي، على ما يقول المصدر، سيخرج من حلف قريطم ويترشح إلى جانب عون إذا قرر الأخير خوض معركة الأشرفيّة، ويُقضى تالياً على آمال الموالين، وخصوصاً أن نديم لا يستطيع تجاهل أبوّة عون له عشرة أعوام في باريس وإطلاقه سياسياً عام 2003 في معركة حكمت ديب. كما ستحرج نايلة تويني التي تعلم، يتابع المصدر، أن والدها ربما كان سيفكر طويلاً قبل الترشح ضد صديقه طوال أكثر من سبعة عشر عاماً.
وفي حال الفوز، يكون عون ممثّلاً لكل الطوائف المسيحيّة لا للموارنة وحدهم كما هي الحال في كسروان، وتضمن المعارضة الفوز بخمسة مقاعد.
أما سلبيّات ترشح عون في هذه الدائرة فخمس. أوّلها، يقول مصدر آخر، إقصاء مسعود الأشقر ذي الحيثيّة القويّة والفاعلة في هذه الدائرة، وذي الأحقيّة بالحصول على مقعدها الماروني. وثانيها أن الموارنة في هذه الدائرة هم الكتلة الناخبة الثالثة بعد الأرثوذكس والكاثوليك، وبالتالي فإن صورة عون كالزعيم الماروني الأول، التي يحاول الأكثريون ضربها، ستهتز فعلاً. وثالثها، إظهار الأكثريين عون مظهر الهارب من مواجهات في دوائر تحظى القوات والكتائب بوجود قوي فيها إلى دائرة لا وزن حقيقياً فيها لهذه الأحزاب، ووجود الأكثرية فيها يعتمد بشكل أساسي على الوزير ميشال فرعون وناخبي الطائفة السنّية. والسلبية الرابعة، يتابع المصدر، تكمن في جرِّ عون إلى معركة مسيحيّة مباشرة، هو في غنى عنها، مع ورثة بشير الجميّل وجبران تويني «الأشبه بالقدِّيسين السياسيّين في المجتمع المسيحي». أما العامل السلبي الخامس فهو في التأثير السلبي لغياب عون على معركتين مفصليتين قد تكونان أهم من العاصمة بكثير: الأولى في كسروان «حيث العصب الماروني الذي يختزل وجهة الخيارات المسيحية»، والثانية في المتن الشمالي.
هنا يحضر خيار عون الثاني، وهو الترشح في دائرته الحالية كسروان. ويقول مصدر آخر إن الاستغناء عن هذا الخيار محكوم بنجاح بعض الوسطاء في مسعاهم للتوفيق بين عون والنائب السابق منصور البون فتضم لائحة التغيير والإصلاح الكسروانيّة خمسة موارنة هم النائبان نعمة الله أبي نصر وفريد الخازن والنائب السابق منصور البون ومرشح عوني ومرشح من آل افرام. مع العلم أن لائحة مماثلة توفّر عن «قلب المنطقة المسيحية» معركة مؤثرة، وتقطع الطريق على دخول قوى مسيحية أخرى إليها. وبنتيجة التوافق، يضمن البون النيابة، ويتفرغ عون لمعارك أخرى.
أما خيار الترشح الثالث بالنسبة إلى عون، يقول مصدر متابع، فهو في المتن الشمالي. والأسباب الموجبة ثلاثة. أوّلها، افتقاد لائحة المعارضة المفترضة قطباً قوياً قادراً على مقارعة أمين الجميّل ونسيب لحود، وملء الفراغ الذي يخلّفه خروج النائب ميشال المر. ثانيها، إحراج الطاشناق فلا يعودون قادرين على المفاضلة بين مرشح أرثوذكسي وآخر، ويلتزمون اللائحة كاملة. أما ثالثها، فمرتبط بالحالة العونيّة نفسها في هذه الدائرة «إذ يعيد ترشّح كهذا المسؤولين العونيِّين والنواب إلى أحجامهم
الحقيقيّة».
أما في حال تصالح عون والمر من جهة، وعون والبون من جهة أخرى، واطمئنان رئيس التغيير والإصلاح إلى نتيجة الأشرفية من جهة ثالثة، فسيعود عماد الرابية، يقول المتابع، إلى دائرته الأصيلة فيترشح عن بعبدا، ويستقر بين منزل العائلة في حارة حريك و«بيت الشعب» ليخوض معركة انتخابية حسم تحالف مار مخايل قبل عامين وثلث نتيجتها.

(غداً: كيف سيختار عون مرشّحيه هذه المرّة)