استثنائيّة هذه المرّة بقدّيسها واحتفال تطويبه، فهنا الأب يعقوب الحدّاد الكبّوشي لم يكن شخصاً عاديّاً في حياة المسيحيين، ولم يكن بالتالي احتفال الأمس بتطويبه حدثاً كغيره، وخصوصاً أنّها كانت المرّة الأولى التي يُعلن فيها مكرّماً طوباويّاً خارج حاضرة الفاتيكان، بعدما درجت الكنيسة الكاثوليكيّة على إقامة مثل هذا الحدث الكنسي في باحة بازيليك القدّيس بطرس في روما.إذاً، استثنائيّة الحدث، فرضت على البابا بنديكتوس السادس عشر أن يقبل بالتطويب بعيداً عن الفاتيكان وينقل الحدث إلى بلد المكرّم، وتحديداً إلى ساحة الشهداء التي وحّدها الطوباوي الجديد بعد الانقسامات التي عصفت بها سنوات، فتوافد مئات الآلاف من المواطنين اللبنانيين على اختلاف معتقداتهم وانتماءاتهم إلى الساحة للمشاركة في الاحتفال، إلى جانب ممثّل البابا رئيس مجمّع دعاوى القديّسين الكاردينال خوسيه ساريفا مارتنس والكاردينال البطريرك مار نصر الله بطرس صفير ورئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال موسى الأول داود وبطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام وكاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس آرام الأول كيشيشيان والسفير البابوي المونسنيور لويجي غاتي ومطران اللاتين بولس دحدح والرؤساء الثلاثة وحشد من النوّاب
والوزراء.
بدأ الاحتفال، بالرسالة البابويّة التي قدّمها الكاردينال مارتنس، معلناً فيها الأب يعقوب طوباوياً، وذلك «نزولاً عند رغبة المطران دحدح والكثيرين من إخوتنا في الأسقفية ومؤمنين عدّة، بعدما اطّلعنا على رأي مجمع دعاوى القديسين، وسلطتنا الرسولية».
وأزيح بعدها الستار عن الصورة الرسمية التي سيتمّ اعتمادها كصورة رسمية للطوباوي الجديد. كما حدد مارتنس 26 حزيران يوم ولادته في السماء عيداً سنوياً للطوباوي الجديد».
بدوره، ألقى البطريرك صفير عظة تحت عنوان «حينئذ يسطع الأبرار كالشمس في ملكوت الله»، استوحاها من إنجيل (متى 13: 43) شاكراً فيها «الله على أنّه حقق الأمنية التي طالما صلّت من أجلها جمعية راهبات الصليب اللبنانيات، وكثير من المؤمنين والمؤمنات في لبنان وسواه من البلدان. وهذه الأمنية هي رؤية صورة الأب يعقوب الكبوشي ترتفع على مذابح الكنيسة الكاثوليكية، بعدما أعلنته الكنيسة المقدّسة طوباوياً».
وقبل أن يستعرض صفير مزايا الطوباوي، أثنى على حضور «أركان الدولة اللبنانية، وعلى رأسهم الرئيس العماد ميشال سليمان الذين أرادوا أن يحضروا الاحتفال تقديراً منهم لفضائل الطوباوي، واستمطاراً بشفاعته، لنعمة السلام التي يتوق إليها لبنان منذ سنوات».
بعدها عرض صفير سيرة حياة الأب الكبوشي وفضائله، بحيث امتاز بـ«الاستسلام للإرادة الإلهية والبساطة المسيحية وعمل الرحمة».
من جهةٍ ثانية، قدّم جورج قطان ابن شقيقة ماري قطان التي شفاها الطوباوي يعقوب شهادتين، الأولى هي «التساعية التي صلّاها لشفاء عمته، والثانية شهادة الأعجوبة التي تحقّقت بفعل شفيع الصليب الأب يعقوب»، وبعدها توالت الشهادات حول القديس، منها شهادة رئيس بلدية غزير ابراهيم حداد، مسقط رأس الأب يعقوب، وأخرى لابن شقيق الطوباوي فيكتور حداد الذي قدم شجرة آل حداد، إضافة إلى تسع شهاداتٍ أخرى من رهبانٍ وراهبات عرفوا الطوباوي أو شهدوا بعضاً من معجزاته.
أمّا رئيس الإخوة الأصاغر الذي أتى خصّيصاً من روما إلى لبنان، فقد توجّه بالشكر إلى «الرب وجميع الأشخاص الذين التزموا في نشر قداسة الأب يعقوب والذين يعملون للخير والسلام من أجل الجميع».
فيما شدّدت الرئيسة العامة لجمعية راهبات الصليب الأخت ماري مخلوف على عظات الطوباوي الذي «أعلن مراراً أنّ القريب هو كلّ إنسان بحاجةٍ إلى ابتسامة ومحبة وعناية والتفاتة حنان. وتحدّثت الأخت مخلوف عن «ساحة الشهداء التي نجا فيها الطوباوي من الموت يوم علّقت حبال مشانق الظلم لعظماء افتدوا لبنان بأرواحهم».
من الجهة المقابلة، نظّمت منطقة دير القمر، ليل أوّل من أمس، مسيرة شموعٍ انطلقت من أمام مستشفى راهبات الصليب إلى قمة جبل الصليب تقدمتها كشافة رعية سيدة التلة والفرق الموسيقية والحركات الرسولية في دير القمر رافعين العلم اللبناني وصور الأب الكبوشي.
وشارك في المسيرة أيضاً كاهن رعية كنيسة سيّدة التلّة الآباتي مرسيل أابي خليل والنائب الاسقفي لطائفة الروم الكاثوليك في الجبل الأب نبيل واكيم والأب أنطونيو الفغالي والخوري إيلي كيوان، وانتهت المسيرة بسهرة روحية وقراءة وتأملات في حياة الأب الكبوشي.
(وطنية)