غسان سعودفوجئ الأقربون إلى العماد ميشال عون، صيف 2005، بطريقة اختياره المرشحين على لوائح التغيير والإصلاح. فالعماد العائد من منفاه قبل أسبوعين من الانتخابات بصفته عرّاباً «للتحرر بعد التحرير»، واعداً بحزب سياسي تتصدر أولوياته «محاربة إقطاع المال والتعصب المذهبي والعائلية»، سرعان ما رضخ لتوجهات الأرض الناخبة، مراعياً حضورها في توزيع مقاعد لوائحه.
استندت لوائح «أفضل الممكن» إلى القوّة التجييرية لكل مرشح بدل سيرته المدنيّة وماضيه النضالي وكاريزماه الشخصيّة. ولاحقاً، تراكمت ملاحظات العونيّين على أداء نوابهم (خمسة منهم فقط عونيون). وسقطت ورقة التين عن شعار «مهمة النواب الأساسيّة تشريعيّة وإنمائيّة لا خطابيّة سياسيّة». وبدا أن الناس يفضلون النائب الذي يعرفونه ويشعرون بوجوده سياسيّاً على النائب الخيّر «الذي يعمل في السر، ولا تدري يده اليمنى بما فعلته اليسرى». فيما أكدت فرعية المتن 2007 أن صفة «مناضل في التيّار» لا تكفي لتجعل المرشح مقبولاً عند غير الملتزمين. وهناك فئة ناخبة عريضة تتأثر بمعرفتها الشخصيّة بالمرشح، وإطلالته، وبراعته. كما تلعب علاقات المرشح العائليّة والخدماتيّة دورها في التفاف المواطنين حوله.
يقول أحد المتابعين المتنيّين إن عون، الذي يخوض الانتخابات المقبلة بلوائح التغيير والإصلاح في سبع دوائر على الأقل (جزين، زحلة، بيروت 1، بعبدا، المتن، كسروان، جبيل) سيجد نفسه أمام ثلاثة عوامل رئيسيّة تجعل من الصعب عليه انتقاء المرشحين:
* أولها، كثرة المتطلعين العونيين إلى شغل مقاعد المجلس، ووسط هؤلاء من قبل الانكفاء قبل 3 أعوام، لكنه قد لا ينكفئ هذه المرّة، مع العلم أن ثمة رأياً عاماً عونياً يلح على طلب لإفساح أكثر أمام من يمكن وصفهم بالعونيين 100% لإيصال «نَفَس التيّار» إلى المجلس، ولتخطي الشعور بأن هناك من يزرع ليحصد غيره. علماً بأن الحل لإنصاف الطامحين إلى الترشح، وعدم ظهور عون مظهر الوالد الذي يفضّل ابناً على آخر، موجود في النظام الداخلي لحزب التيار وهو ينص على الاحتكام إلى العونيين أنفسهم لاختيار المرشحين.
* ثانيها، بعث قانون الستين بقوى سياسيّة وعائليّة صغيرة يكبر تأثيرها بحكم صغر حجم الدائرة الانتخابيّة، وهو ما يفترض في عون أخذه في الاعتبار، وبالتالي تخصيص مكان في لوائحه لوزراء ونواب سابقين اعتقد البعض خطأ أنهم باتوا من الماضي.
* ثالثها، الاضطرار إلى مراعاة الحلفاء، عبر تبني عدد من مرشحيهم، من جهة، وعدم طرح أسماء تستفزهم، من جهة أخرى. وسط معلومات أولية تقول إن حصّة التيّار شمالاً قد تقتصر على مسؤول العلاقات السياسيّة في التيار جبران باسيل، ويترك للوزير السابق سليمان فرنجيّة حق اتخاذ القرار في شأن سائر الترشيحات، فيما يرجح أن يكون لرئيس الجمهوريّة حصّته ضمن لوائح التغيير والإصلاح في جبل لبنان.
هذا كلّه، مع افتراض، أن يأخذ عون في الاعتبار عند بدء الإعداد الفعلي للوائح أن إخفاء الأسماء حتى اللحظة الأخيرة كما فعل عام 2005 لن يكون ممكناً، وأن اقتراع الناخبين مغمضي الأعين لمتهمين بالفساد وبـ«السورنة» لن يتكرر، وأن محاربة حيتان المال لا تكون بتبني دلافينه، وثمة بورتريهات صنعت «الحالة العونيّة»، وتشد القاعدة الناخبة، ولا يمكن القفز فوقها.