strong>الجباة ليسوا مضطرين إلى تحمّل أذى من لا يريد دفع فاتورة كهرباء أو مياه. في المقابل، ليس مسموحاً للجباة باستخدام العنف لتحقيق «هدف نبيل»، ألا وهو تطبيق القانون. هذه المعادلة البسيطة لم تنجح أمس في النبطية
كامل جابر
جرت «العادة» في بلادنا أن يعترض مواطنون على عمال الكهرباء والمياه الذين يضطرون إلى الاستعانة بالأجهزة الأمنية الرسمية لتطبيق القوانين. لكن إحدى «السوابق» التي شهدتها مدينة النبطية أمس، تمثّلت باتهام وجّهه أحد المواطنين إلى موظفين في مصلحة مياه «نبع الطاسة» بأنهم انهالوا على عامل محطة وقود بالضرب المبرّح «لأنه تصدى لهم»، بدل الاستعانة بعناصر من قوى الأمن الداخلي من أجل تطبيق القانون وتنفيذه.
فقد نُقِل مهدي حسين شحرور (23 عاماً) صباح أمس إلى مستشفى حكمت الأمين التابع للنجدة الشعبية اللبنانية في النبطية، «مصاباً بكدمات في الرأس ونزيف في الأسنان الأمامية وآلام في الكتف، فضلاً عن ضربات في أسفل الصدر والبطن»، بحسب الطبيب الشرعي. وأفاد شحرور أمام المحقّقين من عناصر قوى الأمن الداخلي أن عمال مصلحة مياه نبع الطاسة، انهالوا عليه بالعصي وبالضرب، بعد محاولته منعهم من قطع المياه عن رب عمله في محطة «الصبوري» في شارع حسن كامل الصباح في مدينة النبطية.
وأكد صاحب المحطة جمال الصبوري خياط أن عمال المصلحة «قطعوا قبل يومين المياه عن محطتي، بسبب تراكم اشتراكات المياه ثلاث سنوات. وعدم تسديد الاشتراكات يعود إلى أنني لا أحصل على حصتي المستحقة من مياه نبع الطاسة، وأشتري طوال العام المياه بأسعار خيالية. ولذلك طلبت بأن تُحوَّل إلى محطتي مياه من «آبار فخر الدين»، إلا أن العمال قطعوا المياه التي لا تصل أصلاً، ثم فكّكوا «العيارات» قبل أن يقطعوا مياه «السبيل» الواقع أمام المحطة، الذي يشرب منه العامة عندما تكون المياه متوافرة». وأضاف صاحب محطة الوقود: «لاحقاً، أوصلت المياه الآتية إلى خزان منزلي بواسطة خرطوم إلى خزان المحطة. اليوم (أمس) صباحاً، فوجئت بعدد من عمال مصلحة مياه نبع الطاسة يقتحمون البوابة الخلفية ويدخلون إلى حرم البيت من دون أي إذن، بغية نزع الخرطوم وقطع المياه عن بيتي، مع العلم أن اشتراكات مياه البيت مسددة بالتمام والكمال. ولما طلبت من أحد العمال في المحطة منعهم من ذلك والاستفسار عما يفعلونه في حرم البيت، تلاسن معهم ثم طلبوا نجدة زملائهم، وهاجمه أكثر من 20 عاملاً من المصلحة وانهالوا عليه ضرباً بالأيدي والعصيّ، فضلاً عما تعرضتُ له من إهانات عندما حاولت التدخل».
ويضيف صاحب المحطة: «بعد نقل العامل المصاب إلى المستشفى، تقدمت بشكوى أمام النيابة العامة ضد مصلحة مياه نبع الطاسة وعمالها، وتحديداً ضد مسؤولهم ر. ع. الذي أهانني، والذي أفاد أنه تعرض للضرب على يد عمالي، مع أن الضربات التي تعرض لها كانت من رفاقه الذين راحوا يستخدمون العصي والضرب عشوائياً». وأشار المدعي إلى أنه «كان على العمال الاستعانة بعناصر الدرك تجاه اعتراضنا على تنفيذ القانون، إذا كان لهم حق في ذلك، بدلاً من مهاجمتنا كأنهم فرقة حزبية أو ميلشياوية».

المحافظة: اشتباك خلال تنفيذ القانون

مصادر محافظ النبطية القاضي محمود المولى، أكدت أنه تابع تفاصيل الحادثة، وأجرى اتصالات برئيس المصلحة بالتكليف محمد نعمة وبالجهات المختصة؛ وطلب إلى النيابة العامة التحرك وإجراء التحقيقات اللازمة. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن «عمال مصلحة مياه نبع الطاسة كانوا ينفّذون القانون عندما اعترضهم عمال المحطة وتطور الأمر إلى اشتباك بالأيدي والعصي، وصار ما صار». ولاحقاً علم أن قوى الأمن الداخلي التي كانت قد أوقفت عدداً من المشاركين في الخلاف أخلت سبيل بعضهم بسندات إقامة، وذلك بناءً على إشارة القضاء المختص، فيما أبقي شحرور في المستشفى ليخضع للمراقبة مدة 24 ساعة.
ولا بد من الإشارة إلى أن أهالي مدينة النبطية يُكثِرون من الشكوى منذ أكثر من شهر بسبب انقطاع المياه عن كثير من أحيائها السكنية ومؤسساتها التجارية، وخصوصاً في حي البيّاض. ويشير عدد من الأهالي إلى أن بعض الحفريات «الخاصة» تسبّبت بقطع الطريق وأنابيب المياه الخاصة والرئيسية عند أحد مداخل الحي المذكور.
وقدم أهالي الحي «أكثر من شكوى» واعتراض إلى بلدية النبطية متّهمين إياها «بالتقصير تجاه هذا الأمر، إذ إنها لم تتحرك بالسرعة المطلوبة لردع المخالفين ومتابعة إصلاح الأعطال»، بحسب أحد سكان الحي طارق صبّاح. ولفت كذلك إلى أن موظفي وعمال مصلحة مياه نبع الطاسة «لم يتحركوا بالشكل المطلوب؛ وأن سكان الحي يشترون المياه بأسعار مرتفعة، إذ لا يقل سعر الخزان الواحد عن 35 ألف ليرة لبنانية».