نادر فوزرغم التأجيج المذهبي المستمرّ على مساحة لبنان الأخضر، ووقوع مسؤولية ذلك على عاتق الطائفة الإسلامية، بمذهبيها الأكبر تمثيلاً، نرى حضوراً معارضاً وغير مذهبي في الطائفة السنيّة وآخر خجولاً موالياً وغير مذهبي في الطائفة الشيعية.
ما يجمع القوى والشخصيات السنيّة التي تنضوي تحت مشروع المعارضة عنوانان أساسيان: قضية مقاومة إسرائيل والعداء للمشروع الأميركي في المنطقة، إضافةً للسعي إلى مواجهة الفريق السنيّ السلطوي الذي نجح خلال الحقبة الماضية في احتكار التمثيل على مستوى الطائفة. ويشاع أنّ وضع المعارضة السنّية هو الأصعب بين زميلاتها في أي مذهب أو طائفة، على اعتبار أنها تواجه المرجعية الدينية السنيّة في لبنان (دار الإفتاء) والمرجع السياسي والديني الأعلى (السعودية)، فضلاً عن المرجعية الأخرى الكبيرة وفي بعض المراحل كانت الأكبر (مصر). إلا أنّ المعارضين السنّة يتحمّلون مسؤولية الخمول السياسي الذي يصيبهم. حتى إنّ أحدهم وصل إلى القول إنه «علينا (كمعارضين سنّة) تبرئة أنفسنا من دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حتى لا يُطْعَن بانتمائنا إلى السنّة».
يضاف إلى هذا الخمول صراع ـــــ منه العلني ومنه المخفي ـــــ في داخل الصفوف الواحدة، بعضه لاعتبارات وطنية غير طائفية ورفض الارتباط بطرف خارجي، وبعضه، وهو الأكبر والأهم، حول «من هو الزعيم السنّي الأقوى لمواجهة تيار المستقبل».
تحضيراً للانتخابات النيابية، بدأت القوى السنيّة المعارضة بالتحرك، فعقدت اجتماعاً خلال اليومين الماضيين بغية «بلورة نشاط المعارضين السنّة، ووضع خطة عمل مشتركة تنجح في دفعنا إلى الأمام في المواجهة السياسية التي نخوضها إلى جانب مختلف قوى المعارضة»، على تعبير أحد الذين حضروا اللقاء. ويصف الاجتماع، الذي دعا إليه الوزير السابق عبد الرحيم مراد، بـ«الإيجابي والناجح الذي يمكن البناء عليه لاجتماعات لاحقة، ويمكن أي يؤدي إلى وحدة الأمة والمبادئ والأهداف». ويضيف أنّ «أهل السنّة المعارضين، على اختلاف توجهاتهم السياسية، بحاجة إلى إطار جامع».
وحضر اللقاء، بحسب المصدر، معظم الشخصيات السنيّة المنضوية تحت تجمّع اللقاء الوطني، باستثناء رئيسه عمر كرامي لـ«اعتبارات خاصة به، مع العلم أنّ الرئيس كرامي يتزعم مجموعة كبيرة ولكن شبه متوقفة عن العمل السياسي رغم خطورة المرحلة».
ويؤكد عضو قيادة حزب التحرر العربي، خلدون شريف، أنّ فكرة قيام تجمّع للمعارضين السنّة طرحت منذ فترة، وأنّ أي حديث عن «الانتخابات والتحالفات وإعلان التجمّعات السياسية سابق لأوانه»، مؤكداً عدم مشاركة الرئيس كرامي في اللقاء السنّي الأخير. ويرى شريف أنّ القضية الأهم اليوم «عودة السلم الأهلي إلى طرابلس ولبنان قبل الشروع في أي حديث سياسي آخر». وترى أوساط كرامي أنّ الأخير «يرفض إقامة أي كيان أو تجمّع طائفي يساعد في تأجيج الصراعات المتنقّلة على الأراضي اللبنانية». أما صاحب الدعوة، الوزير السابق مراد، فأشار إلى تداول أفكار حول إقامة جبهة للمعارضة السنيّة، دون أن يذكر الاجتماع الأخير.