راجانا حميةلكن لم تكن لبيبة، أمس، وحيدة في حزنها، وإن كانت هي الأكثر تأثّراً بينهم بسبب بناتها الغائبات، فثمّة لاجئون آخرون أيضاً، عراقيّون وسودانيّون وأفغان، يعيشون قصصاً مشابهة بدأت في البلد الأم ولم تنته في بلد اللجوء، وكلّ ما يستطيعون عمله بعد خسارة كلّ شيء هو المطالبة بما يسدّ الرمق أو بـ«فيزا» للهجرة إلى بلدٍ آخر قد يلقون فيه بعض ما كانوا عليه في بلادهم. غير أنّ هذا الطلب أيضاً لن يكون سهلاً الحصول عليه، فغالبيّة هؤلاء اللاجئين يواجهون أوضاعاً قانونيّة صعبة تعرقل في الكثير من الأحوال إمكان قبولهم في البلد الآخر، وقد تعيد النظر في ظروف بقائهم في لبنان أيضاً. وربّما يكون مناضل عبد العزيز أحد هؤلاء الذين قد يخسرون شرف الحصول على صفة لاجئ، إذا ما استمرّ التعامل معه على أساس اسمٍ آخر. بدأت قصّة لجوء عبد العزيز مع «صدّام حسين»، في عام 1999 بتهمةٍ ليست له، بل لاسمه الذي يشترك فيه مع «إرهابي»، فهرب وعائلته إلى لبنان. إلا أنّه في البلد الذي اختاره ملجأً، لم يكن مرحّباً به، بعدما رُفض طلب لجوئه في عام 2002، وأقفل الملف نهائياً. غير أنّ عبد العزيز عاود محاولة طلب اللجوء العام الماضي، بعدما تمكّن من جمع عدد من صوره في عمله السابق وأوراقٍ رسميّة مصدّقة من بلده تُثبت أنّه «مناضل»، ولكن كان العائق هذه المرّة في إيجاد كفيل، وخصوصاً «أنه لا أحد يستطيع أن يكفل غريباً»... ورُفض الطلب مجدّداً مع قرار «منع اللجوء لمدى الحياة». هذا القرار الذي لا يجد مناضل منه فراراً، أثّر سلباً على العلاقة مع الزوجة التي اختارت الانفصال عن زوجها كي «تنفد بأطفالها الأربعة الذين لا ذنب لهم بقضيّة تشابه الأسماء»، ولا ذنب لهم بالفقر الذي يعيشونه في غرفةٍ واحدة في الأوزاعي، لا يجدون ما يأكلونه سوى ما يتصدّق به المحيطون. ومن وجد فراراً من قرار المنع لمدى الحياة، وتمكّن من الحصول على فيزا الهجرة، لم تخل مسيرته من الصعوبات، وخصوصاً في حال قبول نصف العائلة من دون النصف الآخر، ممّا يضع النصف المقبول للرحيل أمام خيارين: إمّا الانتظار ريثما تُقبل العائلة كلّها أو القبول بـ«النصف فيزا»، وهو ما فعلته كاترينا عبد المسيح رفّو، العراقيّة أيضاً. ستترك كاترينا ابنها وزوجته في لبنان يكافحون من أجل اللجوء، فيما تختار هي السفر، إلى أوستراليا من أجل ضمان مستقبل ابنها الدراسيّ. وكما اختارت كاترين الرحيل، تستعدّ نهال الزيدي أيضاً لإتمام مقابلتها الأخيرة وعائلتها في السفارة الأميركيّة من أجل تأكيد قرار السفر والحصول على الفيزا، التي لن تكون كاملة أيضاً، بعدما لم يتمكّن ثلاثة من أفراد العائلة من ترك بلدهم، بسبب الظروف الأمنيّة.