مقدمة: يتميّز التقرير السابع عن تطبيق القرار 1701 المتوقع أن يتقدم به في الأيام المقبلة الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن بخلوّه من الإشارة إلى سوريا وإيران بتهريب السلاح، وملاحظته تكثيف الخروق الإسرائيلية للسيادة اللبنانية
نيويورك ـ نزار عبود

أشاد تقويم بان كي مون باتفاق الدوحة الذي «أسس لتسوية الخلاف الذي طال» وباستمرار الهدوء في منطقة عمليات اليونيفيل رغم تردي الوضع الأمني في أماكن أخرى من لبنان، فيما غابت ملفات أساسية عالقة مثل الأسرى واحتلال الغجر ومزارع شبعا. كما لفت إلى عدد ضحايا الألغام والقنابل العنقودية غير المنفجرة منذ نهاية حرب تموز في صفوف المدنيين.
وشدّد التقرير على تعزيز قدرات اليونيفيل الاستخبارية في جنوب لبنان، ووضع مزيد من العلامات الواضحة على طول تسعة كيلومترات من الخط الأزرق.
وعرض بان الأوضاع الأمنية، فذكر أحداث أيار الماضي حين «امتدت الاشتباكات المسلّحة إلى أنحاء عديدة من البلد بين المعارضة والمجموعات الموالية للحكومة واستُخدمت فيها الأسلحة الثقيلة أحياناً».
ورأى بان أنّ الجهود العربية والوساطة القطرية أنهت الأزمة المسلحة في لبنان، فخرج اتّفاق الدوحة وانتُخب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، فيما «لا تزال المفاوضات جارية لتأليف حكومة وحدة وطنية جديدة». وأكد الأمين العام أن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان واصلت تنفيذ أنشطتها «لكفالة الاحترام التام للخط الأزرق»، كما واصلت جهودها مع الجيش اللبناني لـ«ضمان عدم استخدام المنطقة الواقعة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني لتنفيذ أعمال قتالية ولبقائها خالية من العناصر المسلحة والأسلحة غير المأذون بها»، مؤكداً أنّ التعاون لا يزال قائماً بين اليونيفيل والجيش.

الخط الأزرق

وفي ما يتعلق بتطبيق القرار 1701، ذكر التقرير أن تردي الأوضاع الأمنية في لبنان زاد الوضع هشاشة في منطقة عمل اليونيفيل، «فوقع، خلال الفترة المشمولة بالتقرير، عدد من الحوادث التي أدّت بعض الأحيان إلى زيادة حدة التوتر في منطقة العمليات».
ولفت التقرير إلى أن الطرفين، اللبناني والإسرائيلي، احترما الخط الأزرق، فيما «بقي الوضع على حاله في قرية الغجر والمنطقة الصغيرة المتاخمة لها شمال الخط الأزرق». وأُحرز بعض التقدم بشأن المشروع التجريبي الذي تنفذه اليونيفيل مع الجيش اللبناني والقوات الإسرائيلية والرامي إلى وضع علامات ظاهرة للعيان على جزء من الخط الأزرق يمتد ستة كيلومترات.

ترتيبات الأمن والاتصال

وأفاد التقرير أنّ الاجتماعات المنتظمة التي يعقدها الفريق الثلاثي برئاسة قائد قوة اليونيفيل مع كبار ممثلي الطرفين، تمثّل آلية بالغة الأهمية في بناء الثقة بينهما، «ويُظهران التزاماً قوياً حيال هذا الفريق الذي يستهدف تعزيز الاتصال والتنسيق على الصعيدين الأمني والعسكري».
وواصلت الحكومة اللبنانية بذل جهودها لتعزيز قدرتها على إدارة الحدود فأكملت العمل، بدعم دولي، لتنفيذ بعض توصيات الفريق المستقل لتقويم الحدود اللبنانية. وبحسب التقرير تقوم القوة المشتركة لمراقبة الحدود «بإجراء عمليات تناوب دورية في إطار الدوريات المشتركة ونقاط التفتيش المتنقّلة والثابتة ونقاط المراقبة في مختلف أنحاء منطقة عملياتها»، فيما تتواصل عملية بناء قدرتها وتعزيز تماسكها عن طريق برنامج تدريب مستمر.
وأثناء الفترة المشمولة بهذا التقرير، صادفت القوة المشتركة لمراقبة الحدود حالات تهريب يشمل معظمها تهريب الوقود والمنتجات الاستهلاكية الأخرى. ولم يلاحَظ أي حادث تهريب أسلحة. واتخذت القوة تدابير لإغلاق الطرقات غير القانونية التي يستخدمها المهرّبون، كما أكد بان ترحيبه بنقل نقطة العبور في العبودية إلى ضفاف النهر الكبير وفقاً لتوصية رئيسية صادرة عن الفريق المستقل لتقويم الحدود اللبنانية، إلا أنّ الحالة السياسية والأمنية التي سادت لبنان حالت دون إحراز الكثير من التقدم.
وأشار التقرير إلى عمل السلطات اللبنانية، بدعم من المانحين الدوليين، لتعزيز قدرتها على مراقبة الحدود في مناطق أخرى عن طريق الاضطلاع بمبادرات جديدة، فيجري «إطلاق مشروع شامل في مطار بيروت، من بنوده غرفة عمليات مشتركة جديدة وعنصر تدريب يشمل وكالات ووحدات عدة للتخلص من المتفجرات»، إضافةً إلى أجهزة أخرى لكشف عمليات التزوير.
ورأى التقرير أنّ لبنان ركّز على الحاجة إلى التعاون في مجال مراقبة الحدود مع النظراء السوريين الذين نفوا ما ورد في التقرير السابق عن تهريب أسلحة من الأراضي السورية.

القنابل العنقوديّة

وقال التقرير إنّ الذخائر غير المنفجرة والذخائر العنقودية أدت إلى قتل 27 وإصابة 231 في صفوف المدنيين، فيما أدّت الحوادث المتصلة بإزالة الألغام إلى وقوع 13 قتيلاً و38 جريحاً من العاملين في إزالة الألغام.
وشدد بان على قيام مركز الأمم المتحدة لتنسيق الإجراءات المتعلقة بالألغام في جنوب لبنان بتنسيق جهود ‏إزالة الألغام وتقليل عددها.

الأسرى والترسيم

يتحدث بان عن متابعة العمل على المفاوضات المتصلة بمسألة الجنديين المخطوفين والأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية، «ونظراً لحساسية هذه المفاوضات، لا يمكنني أن أشمل في تقريري هذا ما أُحرز حتى الآن في هذا الصدد».
وأكد التقرير أنه لم يحرز أي تقدم في موضوع ترسيم الحدود اللبنانية عملاً بإقرار 1701، مشيراً إلى تأكيد الجانب السوري أنّ هذه القضية «مسألة ثنائية تتعلق بسيادة الدولتين ينبغي حلها بين الحكومتين السورية واللبنانية». ويؤكد بان استعداد السوريين للبدء بترسيم الحدود السورية ـــــ اللبنانية بدءاً من الشمال وذلك لضرورات عملية يمليها وجود الجزء الجنوبي تحت الاحتلال، «ولم تُتّخذ أي خطوات ملموسة لبدء هذه العملية». كما أعلن بان أنه تلقى رسالة من رئيس الوزراء السنيورة «رحّب فيها باستكمال أعمال رسم الخرائط في مجال تحديد المنطقة المسمّاة مزارع شبعا تحديداً جغرافياً». وقال التقرير إنّ السنيورة رأى أن التحديد المؤقت الوارد في تقرير بان S/2007/64 الصادر في تشرين الأول 2007، «يوفّر قاعدة معقولة وعملية لإزالة أحد العوائق التي تحول دون التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وفقاً للقرار 1701»، ليضيف «ولم يَـبْـلغني أي رد فعل رسمي بشأن التحديد المؤقت من الجمهورية العربية السورية، ولا من إسرائيل، رغم أنني طلبت منهما ذلك». كما يقول بان إنه لم يتلقّ أي رد على طلباته المتكررة من سوريا لتقديم وثائق في هذا الخصوص.

أمن اليونيفيل

وفي ظل التهديدات الواردة من بعض الجماعات المتطرفة بما فيها القاعدة، أكد التقرير أن سلامة أفراد اليونيفيل لا تزال تثير قلقاً خاصاًً، فـ«رغم التزام جميع الأطراف بهذه المسألة، ومسؤولية الحكومة اللبنانية عن حفظ القانون والنظام، تواصل البعثة التركيز على التخفيف من الأخطار التي تهدّد أفرادها وأصولها ومنشآتها عن طريق الاضطلاع بمشاريع لتعزيز الهياكل الأساسية، وجمع المعلومات وتحليلها، والمواظبة على شراء وسائط إلكترونية مضادة لتعطيل الأجهزة المتفجّرة ومركبات جوية بالغة الصغر تعمل بلا طيار». وأشار إلى أنه ستستخدَم هذه المركبات، بحسب تقدير قائد القوة، كـ«إحدى المعدات الإضافية البالغة الأهمية لتخفيف الأخطار من أجل تعزيز حماية القوة وأمن الموظفين المدنيين». مضيفاً إنه أنشئ مركز للتحليل المشترك للبعثة «سيتمكّن من تعزيز قدرة اليونيفيل في مجال تحليل المعلومات».
وأكد التقرير في الختام على استمرار اليونيفيل إجراء تعزيزات أمنية في منطقة عملياتها، عبر «بناء هياكل معزّزة في محيطها وتشييد أبراج مراقبة دائمة وبناء ملاجئ معززة تحت الأرض»، كما استبدلت الهياكل الأساسية المؤقتة للمياه والصرف الصحي في المواقع العسكرية.


خروق حدوديّة

ذكر التقرير حصول عدد كبير من الخروق الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، أهمها على الصعيد الجوي، إذ سجّلت خروق يومية بـ«معدل زاد على 20 خرقاً في اليوم في آذار ونيسان، و72 خرقاً بواسطة طائرات بلا طيّار يوم 16 نيسان 2008». وسجّل التقرير حادثة ضخ إسرائيل لمياه السيول المتراكمة في أراضيها وتفريغها في الأراضي اللبنانية، مما أدى إلى قيام المزارعين اللبنانيين المتضررين بعدد من التظاهرات الصغيرة. وحصلت خروق برية، وخاصةً في منطقة مزارع شبعا، وأوقفت القوات الإسرائيلية راعياً لبنانياً. كما سجلت حادثة اعتراض دورية مسلّحة لعناصر من اليونيفيل، فيما أبلغ الإسرائيليون عن ارتكاب رعاة لبنانيين محليين عدداً من الخروق البريّة الطفيفة.