سباق بين الأمن والحكومة... والتأليف في أي لحظة أو بدون موعدبين «خلال ساعات أو أيام» ومن «غير الممكن تحديد موعد»، اختلفت الآراء بشأن المرحلة التي وصل إليها المخاض الحكومي، فيما غادر أحمد الأسعد إلى الرياض للقاء ملك السعوديّة، الأمر الذي حُرمَه رئيس مجلس النواب سابقاً!أجواء التفاؤل بقرب ولادة الحكومة، لم تنسحب على كل السياسيين الذين تفاوتت آراؤهم بين متحدّث عن ساعات، وآخر عن أيام وثالث يجزم بأنه «من غير الممكن تحديد موعد».وفيما لفتت زيارة قواتية للسرايا توحي بمداولات خاصة بشأن حصّة القوات اللبنانية، وخصوصاً أنها الثانية خلال 24 ساعة، خلت أجندة لقاءات قصر بعبدا من قادة الصف الأول أو ممثلي الأطراف الفاعلة. وتواصل بالتزامن مع ذلك، التركيز الأكثري على موضوع السلاح، ودائماً تحت شعار الأمن.
ورغم أن المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية ذكر في مقدمة نشاط أمس أن الرئيس ميشال سليمان «واصل اتصالاته المتعلّقة بتأليف الحكومة الجديدة ونتائج التحركات السياسية المتنوّعة تحقيقاً لهذه الغاية»، فإن الاستقبالات شملت النائب جواد بولس، الذي طالب «بالحزم في تطبيق القوانين والعمل على نزع السلاح من جميع الأطراف والأفرقاء اللبنانيين كوسيلة لعودة الأمن إلى المناطق الشمالي». والوزير السابق كريم بقرادوني، الذي أطلعه على التحضيرات لانعقاد اللقاء الوطني المسيحي في 4 تموز المقبل. وكان أول من تناول موضوع الحكومة، رئيس تيار التوحيد وئام وهاب، الذي قال إنه لمس عند سليمان، تفاؤلاً في هذا الشأن، وأمل أن «تشهد الساعات المقبلة ولادة مخرج لهذا الموضوع يرضي الجميع»، ثم الأمين العام للحزب الشيوعي خالد حدادة، الذي زار سليمان على رأس وفد من الحزب، وطالب بـ«الإسراع في تأليف الحكومة»، و«بالعودة إلى المجلس الاقتصادي ـــــ الاجتماعي كأساس لإقرار السياسة الاقتصادية الاجتماعية على قاعدة رؤية جديدة توازن بين النمو الاقتصادي الوطني المنتج والحقوق الاجتماعية للفقراء». ورأى أن اتفاق الدوحة رغم إيجابيته «لم يطرح أي شيء على مستوى الإصلاح، وخصوصاً على مستوى القانون الانتخابي»، لافتاً إلى أن الحزب «يدعم صيغة النسبية».

تفاؤل شبه شامل بقرب التأليفوهذه الأجواء، أكدها النائب نبيل نقولا، في حديث تلفزيوني، قائلاً إن ما يحكى عن التفاؤل «في محله، وقد نشهد ولادة قريبة للحكومة لأن الفريق الآخر قبل بمبدأ المشاركة بعدما كان يعمد سابقاً إلى إحراج العماد عون لإخراجه»، آملاً ترجمة هذه الأجواء خلال 48 أو 72 ساعة. وذكر أن الأسماء والحقائب التي تتداولها وسائل الإعلام «غير صحيحة، لأن الخلاف ليس على الحقائب بل على مبدأ المشاركة»، مشيراً إلى أن زيارة السفير محمد شطح إلى الرابية «كانت في إطار توضيح أو إخراج صورة المشاركة».
كذلك، أكد النائب أمين شري، بعد زيارته ووفداً من حزب الله متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة، وجود «خطوات إيجابية وجديّة عند كل الأطراف». وقال: «هناك طروحات عدة تناقش مع كل الأفرقاء، وخصوصاًَ مسألة كيفية وقوف الرئيس المكلف عند المطالب الحقيقية والأحجام الطبيعية للكتل من أجل تأليف الحكومة». وذكّر بأن كتلة الوفاء للمقاومة طالبت بوزارة الاتصالات خلال الاستشارات مع الرئيس المكلف، لكنه أضاف إن الأخير عنده خيارات متعددة، وإن لرئيس الجمهورية «دوراً كبيراً في كيفية إيجاد حلول لكل هذه الخيارات والوصول إلى حكومة في القريب العاجل». وعن مطالبة القوات بمساواتها بعون بالنسبة إلى الحقيبة السيادية، قال: «إذا كانت هناك عقدة عند بعض الأطراف يضعونها أمام تأليف الحكومة، فهذه مسؤولية الرئيس المكلف وهم يضعون العصيّ في الدواليب أمامه». ونفى على صعيد آخر، ما ذكرته صحيفة «هآرتس»، عن اتفاق خطّي بين الحزب وإسرائيل في موضوع تبادل الأسرى، مؤكّداً «ليس هناك اتصال مباشر بيننا وبين العدو الإسرائيلي (...) ولن يكون هناك اتصال مباشر ولا اتفاق بيننا وبين هذا العدو».
بدوره، أكد النائب علي خريس، أن الأجواء كانت إيجابية أول من أمس، وأمل أن «تستمر هذه الإيجابية للوصول إلى الانفراج المنشود»، قائلاً: «إن شاء الله، من الآن وحتى منتصف الأسبوع المقبل، تكون الأمور قد توضّحت وتبلورت أكثر»، لكنه تخوّف من كون «الشيطان يكمن في التفاصيل»، مشدّداً على «ضرورة التعاطي من جميع الأطراف الموالية والمعارضة، بكل إيجابية، لأن الوضع لم يعد يسمح بمزيد من التشنّج والمواقف القاسية الصادرة من هذا الفريق أو ذاك، ولا سيما أن لبنان يشهد اليوم توتراً أمنياً ووضعاً اقتصادياً ومعيشياً صعباً». ورهن الوضع الأمني بالسياسة «وإذا لم يأت الحل السياسي أولاً، فنحن في وضع لا نحسد عليه».
وفي اجتماع في بلدية صيدا دعا إليه اللقاء الوطني الديموقراطي، شدّد النائب اسامة سعد على أهمية «تأليف الحكومة بأسرع وقت ممكن». كذلك طالب المجتمعون بـ«استكمال تنفيذ بنود اتفاق الدوحة، للخروج من حالة التأزم السياسي، وما يرافقها من توترات أمنية تتنقّل من منطقة إلى أخرى». وحمّلوا مسؤولية الأزمات التي تعصف بلبنان للنظام الطائفي و«التآمر الأميركي الهادف إلى تصفية المقاومة وفرض السيطرة على لبنان».
لكن الوزير أحمد فتفت، خالف كل التوقعات بالقول إنه «من غير الممكن تحديد موعد لتأليف الحكومة، رغم الأجواء التفاؤلية»، وحصر السبب بالمعارضة التي «لم تعط أي جواب نهائي»، واصفاً مواقف «بعض» أطرافها بـ«السلبية، وخصوصاً في ما يتعلق بعدد المقاعد الوزارية». وتوقف عند تخيير المعارضة بين المالية أو الخارجية «إما لحركة أمل أو حزب الله أو الجنرال عون»، أما الحقائب الأمنية، فقال إنها «من اختصاص رئيس الجمهورية نظراً للوضع الأمني في البلد». وأسف لـ«تصرف المعارضة السياسي والأمني»، مشكّكاً في «إمكان الوصول إلى حل حقيقي».
وإذ أمل النائب محمد كبارة، الإسراع في تأليف الحكومة، رأى أن هذه المسألة «متوقفة عند الشروط»، محمّلاً «الذين يضعون العصي في دواليب التأليف»، مسؤولية دفع البلد نحو مزيد من التوتر. وقال: «إن الوطن أهم بكثير من المصالح الآنية والانتخابية وإرضاء الطموحات الشخصية»، وإن «المسؤولية الوطنية تتطلّب من بعض الفرقاء التوقّف عن هذه المكابرة والعنجهية التي لا تقيم وزناً ولا حساباً لا للوطن ولا للشعب».
في هذا الوقت، واصلت قوى 14 آذار، تركيزها على سلاح المقاومة من باب أولوية الأمن، فزار وفدان منها قائد الجيش بالإنابة اللواء شوقي المصري والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، وأثارا معهما، بحسب بيان لهذه القوى «الأوضاع الأمنية الخطيرة التي تعيشها البلاد»، مطالبين بأن «تتحمل القوى الأمنية الشرعية كامل مسؤولياتها في ضمان أمن المواطنين، كل المواطنين، والانتقال إلى مستوى الحسم بدلاً من الاكتفاء بالفصل بين المتخاصمين، لأن مثل هذا السلوك يبرّر بروز حالات من الأمن الذاتي، وهو ما ترفضه قوى 14 آذار». وأضافت في بيانها: «إن شعار أمن المقاومة فوق كل اعتبار، الذي رفعه حزب الله خلال أحداث بيروت والجبل، وكان آخر تطبيقاته انتشار الحزب في جرود جبل لبنان، سيواجه من قبل قوى 14 اذار بشعار أمن المجتمع اللبناني فوق كل اعتبار، الذي هو مسؤولية الدولة وقواها الشرعية المسلحة دون سواها، والتي عليها احتكار استخدام السلاح والعمل على جعل بيروت مدينة خالية من السلاح، تمهيداً لنزعه من جميع الميليشيات على كل الأراضي اللبنانية».

علوش: سلاح حزب اللّه فئويأما حزب الوطنيين الأحرار، فتوجّه إلى المسؤولين والرأي العام اللبناني و«الشرعيتين العربية والدولية»، مطالباً بـ«موقف عملاني واضح قبل استفحال الأمر»، بعدما اتهم حزب الله بتنفيذ «مخطط يستهدف الصيغة وبعدها، ومن خلالها، الكيان»، ورأى أنه «لم يعد مسموحاً للمسؤولين، من رسميين وسياسيين الاستخفاف بهذا المخطط أو تلطيفه وتخفيف تداعياته بمقولات يعرفون سلفاً عقمها واستحالة تطبيقها»، مشيراً بذلك إلى الاستراتيجية الدفاعية.

قلق من عدم وجود قضاء مستقل

وفي خطوة لافتة، بعد عرض الحلقة التلفزيونية عن مجزرة إهدن وما أثارته تفاصيلها البشعة من ردود فعل لدى الرأي العام، زار وفد من أهالي مجزرة القاع، البطريرك الماروني نصر الله صفير، ووزّعوا بياناً اتهموا فيه «الوحدات الخاصة السورية وعناصر من المردة وبعض عملائها الآخرين»، بقتل 26 شاباً من كتائبيي القاع ورأس بعلبك وجديدة الفاكهة «انتقاماً لمقتل الوزير السابق المرحوم طوني فرنجية»، عارضين بالتفصيل كيفية قتلهم. وحمّلوا آل فرنجية والمردة «المسؤولية المباشرة عن المجزرة»، معتبرين «أن اعترافهم بهذه المسؤولية، هو ممر أساسي لأي مصالحة مسيحية ـــــ مسيحية».
على صعيد آخر، جالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية ايرين خان على رأس وفد من المنظمة، على الرؤساء سليمان وبري والسنيورة، وذكرت أنها بحثت معهم «في أفضل الوسائل التي يمكن أن يلجأ إليها لبنان لإزالة طرق التعذيب، وللتصديق على الاتفاقات الدولية التي تؤيد هذا الأمر»، وفي «اتخاذ خطوات من شأنها إلغاء عقوبة الإعدام». وقالت: «إن أحد أهم بواعث قلقنا بالنسبة إلى القضاء، هو عدم وجود نظام قضائي مستقل وشامل».
وفي حديث صحافي، أعرب سفير إيطاليا غبريال كيكيا، عن «ثقة بلاده بالرؤساء الثلاثة وبقدرتهم على التوصل إلى تأليف الحكومة». وقال: إن «اتفاق الدوحة سلة متكاملة، ولدينا قناعة بأن جميع الذين وقّعوه، أمام مسؤولية وواجب تنفيذه من دون تجزئة للوصول إلى حل للأزمة الراهنة». ولفت إلى أن حكومة بلاده «أكدت أن لا داعي إلى تغيير قواعد الاشتباك (لليونيفيل في الجنوب) وفي كل الأحوال هذه الأمور تقرّر على مستوى الأمم المتحدة».
إلى ذلك، وصل إلى بيروت أمس، النائب الأول لرئيس الحكومة وزير الدفاع الكويتي الشيخ جابر حمد مبارك الصباح، في زيارة وصفت بأنها خاصة، استهلها بزيارة رئيس الجمهورية، حيث نقل إليه رسالة شفهية من أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، تمنّى له فيها التوفيق في مسؤولياته الرئاسية، مؤكداً «وقوف الكويت أميراً وشعباً بجانب لبنان وشعبه الشقيق»، كذلك نقل إليه دعوة لزيارة الكويت.
وأيضاً، وصلت إلى بيروت، الوزيرة والمفاوضة الفلسطينية السابقة حنان عشراوي، آتية من عمان، في زيارة خاصة تستمر أيّاماً.
أمنياً، ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن شبّاناً في منطقة بعل محسن في طرابلس، ألقوا إطاراً مشتعلاً على محل تجاري في شارع سوريا، وعندما بادر آخرون إلى إخماده ألقى مجهولون قنبلة يدوية، ما أدى إلى سقوط ثلاثة جرحى.