فداء عيتانيكان لزاماً على ريجينا صنيفر الانتظار عشرين عاماً قبل أن تكتب شهادتها عن الحرب، في سيرتها «ألقيت السلاح» المترجمة أخيراً إلى العربية. كان عليها الانتظار حتى يأخذ الموت آخر الأمهات اللواتي انتظرن عودة أبنائهن، بينما ريجينا تعلم أن هؤلاء الشبان الذين انتصروا للقضية المسيحية قتلتهم قوات سمير جعجع وألقت جثثهم في البحر بعد تحميلها بالأثقال.
ترسم ريجينا صورة سمير جعجع الذي يصوِّر نفسه للمحيطين به قديساً وحكيماً وفيلسوفاً، وابناً باراً للأفكار المسيحية الثورية، ومدافعاً عن الأمن المسيحي، في وجه متخاذلين كأمين الجميل وإيلي حبيقة، وحين يقترب من السلطة تنحصر الحلقة المحيطة به بأبناء منطقته الشمالية، بينما يتعامل بالحديد والنار والاختطاف والتصفية مع كل من يخالفه الرأي. صمتت ريجينا عشرين عاماً، وحين نطقت، بعبارات قليلة، مكنتنا من فهم شخصية ذاك الذي يتحدث على الشاشات كما كان يفعل قبل أكثر من عقدين. وحين تسلم السلطة باتت جثث رفاقه تسوّر شواطئ المناطق المسيحية، التي سقطت كأوراق الخريف حين آن أوانها.