عدنان عرقجي (نائب سابق)لعلّه صار بديهياً القول إن لبنان يعيش أزمة سياسية واقتصادية عميقة. وقد يكون من أبسط الأمور أن نقول إن هذه الأزمة تترك تأثيراتها السلبية على اللبنانيين، وهناك المزيد من الدراسات والإحصائيات المحلية والإقليمية والدولية التي تشير إلى الواقع الاقتصادي والاجتماعي البائس الذي يعاني منه اللبنانيون، وقد يكون ما أعلنته منظمة «UNDP» عن أن أكثرية اللبنانيين صاروا تحت مستوى خط الفقر منذ سنوات قليلة، دليلاً دولياً متخصصاً عن الواقع المر الذي يرزح تحته اللبنانيون.
لكن، ما هي التدابير التي اتخذتها الحكومة للحد من تزايد وتيرة الفقر، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية؟
بالتأكيد لن نحصل على جواب، لأنه ليس لدى الحكومة الحالية أي خطّة، ولا رؤية للمعالجة الصحيحة والسليمة، حتى يخال المرء أن يعتقد أنّ المعالجة تقوم على طريقة مكافحة الجوع بالصيام، والفقر بالتسوّل وبالبطالة بالتجوّل في الشارع، وانقطاع الكهرباء بإضاءة القناديل، والمرض بالتعاويذ.
أما أجهزة الدولة، من رأس السلطة الباحثة عن شرعية لها، إلى أخمص قدميها، فهي في إجازة عن الاهتمام بالشؤون الحياتية للناس، وإذا ما حصل أي تحرك لمكتب حماية المستهلك، فقد لا نراها إلا في الأماكن والمحال والمؤسسات التي تتميّز بالارستقراطية في معظم الأحيان، أما المراقبة في أماكن الفئات المتوسطة والشعبية فهي معدومة كلياً، وخصوصاً في ما خص قوت الشعب.
ثم ماذا يمكن لحكومة أو سلطة أن تفعل أو تقدم للناس حينما لا نرى للدولة أي دور اجتماعي، لا على مستوى الاهتمام بالإنسان، ولا على مستوى التنمية الاجتماعية، لأنه ليس في قاموسها أي معنى لدولة الرعاية الاجتماعية.
الآن ونحن على أبواب تحرك اجتماعي للعمال، ترى ماذا يمكن للحكومة الغائبة عن شعبها أن تعدّ وأن تقدّم، وهي المأخوذة بالمفاهيم الليبرالية المتوحشة التي تنفذها حكومات غربية ويرعاها في العالم الثالث البنك الدولي؟ ثم، وهذا هو الأهم، كثير من وزراء هذه الحكومة مأخوذ بهذه النظريات، وهم تلاميذ نجباء لها.
اللّهمّ احمِ لبنان وشعبه من أنبياء الاقتصاد الجدد، ونجّه من شرورهم، ولسان حالنا يقول:
بالأمس كنّا وكان للحيطان آذان واليوم أصبحنا لا أحد يسمعنا
هل أصبح للآذان حيطان؟