حسن فاخوريانفلت الوضع من العقال، وعادت الحيوانات الناطقة وغير الناطقة إلى الغابة. في لبنان يأكل القوي الضعيف، ولا من قانون وضعي ولا إلهي يصون ويصان. داسوه ومزقوه، وأقبل قايين يقتل هابيل مجدداً، ويُمنع الأطفال من الإتيان إلى السيد المسيح. «آه لبنان يا خمري وطيبي»، تركه أهاليه مرددين «خلّفت غاشية الخنوعِ ورائي» وأوغل الفساد والكذب حتى أصبحت «الخسّة» لزياد الرحباني كافرة كالجوع الكافر، ولا سيما أنهم تبرعوا لحديقة الحيوانات وتناسوا الجنوب ومستحقاته، ومنذ زمن بعيد. فالجنوب لا يعدّ من هذا الوطن، فنصيحتي عدم السماع للسياسيين لأنهم جعلونا نتوضّأ بدماء الجراح كما توضّأت قانا وأخواتها وأمثالها وبحر البقر وأشباهها... وحافظوا على الكيان الغاصب الوظيفي. أقول الوظيفي، للحفاظ على البترول، ولم يهتموا للبنان لأنهم رسموا له أن يتمزّق كيوغوسلافيا والاتحاد السوفياتي. يستحقون جائزة نوبل للغباء، فأخبار الساسة حبر كاذب والقمم منصّات كلام والنتيجة تعادل الخاسرين، وتسلّوا بالإنسان كما يتسلّى الطفل بـ«السمليحة» حتى أصبح رغيفنا يأخذ شكل القمر حجماً وهلالاً، مستذكراً أن اليابان تطورت عندما منع الساسة من «التعفيس»، علماً أنّ هيروشيما ضربت بعد ثلاثة أيام من الاستسلام؛ وصدقوني إنّنا سنستفيق من القمقم ونحاسبكم ونكون دولة علمية ونكمل المشوار. فلا امتصاص الليل يخيفنا، ولا الحقد على الياسمين يثنينا، فالربيع قادم ولو طال، وحصتنا من الحرية كبيرة ولو طال العذاب، وحتى ولو كان الغنى الفاحش والرياء الطافش يسبق الفقر المدقع. يجب أن نعرف علياً وخالداً وطانيوس شاهين وسلطان الأطرش قبل أن نعرف نابليون ولنكولن وهتلر، لأننا حملنا أولادنا إلى المدارس بين قذيفة وقذيفة وعلمناهم العلم لا الطائفية والطوائف والطائف، وعلمناهم أن القانون وجد للجميع، ولا تجعلوا لبنان يبكي، فلبنان أكبر منّا ومنكم.