فوجئ متخرّجو علم النفس باستبعادهم عن قرار تنظيم المباراة المفتوحة في مجلس الخدمة المدنية لقبول طلاب في شهادة الكفاءة في كلية التربية للتعيين بوظيفة أستاذ تعليم ثانوي، وبالتالي إقفال باب الدخول إلى ملاك التعليم الرسمي أمامهم، في وقت بدا فيه أنّ المجلس يملك أسباباً قانونية، باعتبار أنّ أي استثناء يحتاج إلى نص جديد يجيزه
فاتن الحاج

شعر متخرّجو علم النفس بالخديعة لعدم السماح لهم بالمشاركة في المباراة المفتوحة عبر مجلس الخدمة المدنية لتدريس مادة الفلسفة في التعليم الثانوي، إذ ثمة تناقضاً، بحسب هشام شحرور، بين إتاحة المجال لنا كمتخرجين بدراسة الكفاءة التعليمية في كلية التربية في مادة الفلسفة وبين رأي مجلس الخدمة المدنية الرافض لإشراكنا في المباراة المفتوحة والمناقض لتوجّه وزارة التربية وكلية التربية على حد سواء. ويرى شحرور أنّ عدم الاعتراف بأحقية متخرجي علم النفس بالمشاركة يعني الطعن بأهليتهم التعليمية. وإذا سلّمنا جدلاً بهذا المنطق، يقول شحرور، فهذا يقتضي إعادة النظر بجدوى الاختصاص الجامعي الذي يمنح إجازة تعليمية، علماً بأنّ الغالبية تتجه لدراسة علم النفس التربوي على حساب الاختصاصات المهنية الأخرى مثل علم النفس العيادي والإرشاد المدرسي.
وما دامت هناك سابقة في هذا المجال، إذ سُمح لمتخرجي علم النفس بالمشاركة في المباراة المحصورة في عام 2004، يسأل شحرور: «ما الذي يمنع من إشراكنا في المباراة الحالية؟»، مقترحاً الرفع من مستوى المسابقات والحكم بموجب النتائج. ويؤيّد المدرّب في الكفاءة التعليمية في مادة الفلسفة منير صادر إشراك متخرجي علم النفس في المباراة لكونهم يستطيعون تدريس مادة الفلسفة العامة في الصفوف المنتهية، واصفاً القرار بالظالم، ومَن وضعه بغير الخبير بالشؤون التربوية. وانتقد صادر من جهة ثانية، الهوة بين المناهج الجامعية ومناهج التعليم الثانوي. وهنا يلفت صادر إلى الخلل الكبير في النظام التربوي، داعياً إلى إعادة الدور السابق لكلية التربية في تأهيل الأساتذة.
من جهته، أوضح الرئيس السابق لقسم علم النفس في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية الدكتور كمال بكداش أنّه رفع في وقت سابق كتاباً إلى عميد الكلية يفنّد فيه الفصول الواسعة التي يمكن متخرجي علم النفس أن يدرّسوها في مادة الفلسفة، وجاء الجواب إيجابياً من وزارة التربية لأنّ ما حصل أنّ غياب تمثيل علم النفس في لجان المناهج هو ما أدى إلى تسمية المادة «فلسفة وحضارات»، فيما بعض المحاور لا هي فلسفة ولا هي حضارات، فالمشكلة إذاً هي مشكلة منهاج وليست مشكلة متخرجين، على حد تعبير بكداش.
لكن يبدو أنّ رهان المتخرّجين على مزاولة هذه المهنة وتدريس مادة الفلسفة كما كان يحصل في السابق في القطاع الرسمي بات صعباً قبل تعديل المرسوم الرقم 10227 المتعلق بتحديد مناهج التعليم العام ما قبل الجامعي وأهدافه، لكون المرسوم لم يلحظ «منهاجاً لمادة علم النفس» بخلاف الاختصاصات الأخرى الملحوظة لمنهاج التعليم الثانوي، وبالتالي فمادة علم النفس لا تدخل ضمن المنهاج المحدد بموجب المرسوم المذكور، أو قد يكون الخيار بتعديل تسمية ومضمون منهاج «الفلسفة والحضارات» بحيث تصبح «الفلسفة وعلم النفس».
من هنا، فالمباراة المفتوحة في مجلس الخدمة المدنية لتعيين أساتذة تعليم ثانوي التي انطلقت منذ الأول من آذار الماضي لم تشمل متخرّجي علم النفس، باعتبار أنّ قرار مجلس الوزراء رقم 66 الصادر بتاريخ 27/10/2007 الذي أجاز المباراة قد حدد الاختصاصات العلمية المطلوبة بشكل واضح ودقيق، وهي الرياضيات والفيزياء والعلوم الطبيعية والكيمياء واللغة الفرنسية واللغة الإنكليزية واللغة العربية والفلسفة والجغرافيا.
أما قبول حملة الإجازة في علم النفس في المباراة المحصورة لعام 2004، فجاء على خلفية أنّ المرسوم المتعلق بتطبيق أحكام القانون الخاص بأصول التعيين في وظيفة أستاذ تعليم ثانوي قد أجاز الاشتراك في المباراة المحصورة لكل متعاقد مع وزارة التربية والتعليم العالي للتدريس بالساعة في الثانويات الرسمية، ويحمل الإجازة التعليمية أو الجامعية على الأقل، وبالتالي فالمرسوم لم يستثنِ أحداً، إذ لم يحدد الإجازات المطلوبة، بل مثّل بالنسبة إلى مجلس الخدمة المدنية نصاً استثنائياً لا يجوز القياس عليه.
وعليه، يقتضي، بحسب المجلس، الرجوع في المباراة الحالية إلى النص الأساسي النافذ حالياً والشروط المحددة بموجب المرسوم الرقم 1833 بتاريخ 16/3/1979وتعديلاته (تنظيم كلية التربية في الجامعة اللبنانية) والقانون الصادر بالمرسوم الرقم 3736 بتاريخ 21/12/1980 وتعديلاته (تنظيم شؤون طلاب شهادة الكفاءة في الجامعة اللبنانية).
إذا كان لا بد من الاعتراض، فالاعتراض يكون، برأي مجلس الخدمة المدنية، على المرسوم الذي حدد الشروط العامة، أما السماح للمتخرجين بالمشاركة في المباراة، فسيكون مخالفاً للقانون والمرسوم وسيعرّض المباراة للطعن من حاملي إجازة الفلسفة، على خلفية إدخال منافسين جدد من دون سند قانوني.
في المقابل، درست وزارة التربية والتعليم العالي، بحسب مصدر في الوزارة، إمكان إشراك متخرجي علم النفس في المباراة الحالية، وأوصت بأنّه لا مانع من ذلك، باعتبار أنه بعد توحيد مادتي الفلسفة أي تاريخ الفلسفة العربية والفلسفة العامة في مادة واحدة هي الفلسفة والحضارات صدر تعميم عن الوزير ألزم أساتذة المادتين تدريس المادة الجديدة، بعد خضوعهم لدورات تدريبية، ولم يكن هناك مشكلة بالنسبة إلى أساتذة الملاك، كذلك فقد نجح عدد من حملة الإجازة التعليمية في علم النفس في المباراة المحصورة وهم اليوم يدرّسون المادة. ومع ذلك فتمني وزارة التربية بتوسيع مروحة المشاركة لم يلقَ تجاوباً، باعتبار أنّ التمنّي من الوزير لا يكفي، فالتغيير يتطلب تعديل مرسوم المناهج، وهذا الأمر صعب شائك، بحسب المصدر.