فداء عيتانييحب البعض اللعب بالوثائق، ويلوّحون بمقولة المؤامرة، وسواء كانوا من الذين يعتقدون أن تعبير المؤامرة ينتمي إلى اللغة الخشبية أو من الجانب الذي يعتبرها أمراً واقعاً، فإن الكل يشير إلى المؤامرة، وكأنها دليل إدانة مسبق ودامغ، رغم أن فلاديمير إيليتش لينين صنّف العمل السياسي كله بالعمل التآمري.
ضمن المؤامرات الكبيرة التي يتم التحدث عنها دائماً تلك الأمنية التي كشف عن جديدها النائب وليد جنبلاط، الذي كما يبدو لم يتلقَّ رداً يناسبه على انعطافته الأخيرة، فعاد إلى ما كان عليه من سؤال لما يجد جواباً له بعد: «إلى أين؟»، مضيفاً هذه المرة: «إنهم يأخذوننا نحو المجهول».
وهو، مع موافقته سلفاً على مبدأ الحوار، يتقن فنّ التآمر إلى الحد الذي يدفع مراقبيه دائماً لاتهامه بالتلون والتقلّب والتذبذب، لكننا سنقرأ بعد أعوام ما يمكنه أن يصيب الأطفال بالشيب إذا نُشر حالياً.
يكفي أن نراجع الكتب السياسية التي صدرت في الأعوام الخمسة الأخيرة عن الحقبة الممتدة إلى ما قبل أربعة عقود لنعلم كم هي متجذّرة المؤامرة السياسية في هذه البلاد ومحيطها.
ولكن هل من داعٍ لإضاعة أعمارنا برهانات على أطراف نعرف ماضيهم ومستقبلهم؟