فداء عيتانيليست الحرب بعيدة أو مستبعدة من حسابات المعارضة، ولا سيما حزب الله، الذي لا يزال البعض من قادته يبدون اقتناعهم بأن الأجواء الإيجابية لا تعني استبعاد حرب إقليمية، فضلاً عن ضرورة الحذر من الداخل اللبناني الذي تغري فيه الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل، قوى الأكثرية بمغامرة انتخاب رئيس بالنصف زائداً واحداً، مع ما يعنيه ذلك من تحقيق طموحات النائب وليد جنبلاط بشن حرب والقتال... «حتى آخر سني».
وتتحدث قوى في المعارضة عن تأهب حزب الله وقوى المعارضة للاحتمال الأسوأ، وخاصة مع تلمّسها لازدياد العمل على الحساسية السنية ـــــ الشيعية مجدداً، وفتح ملفات تصب كلّها في اتجاه تأزيم هذه العلاقات. مشيرة إلى أن من سيحاول بعد اليوم التلويح بقطع شريان المقاومة عبر الطريق الساحلية سيجري التعامل معه بأسلوب مختلف، وإن «قطع شريان المقاومة سيرتدّ قطع أعناق سياسياً».
إلا أن مسؤولين في المعارضة يقولون إن الاهتمام ينصبّ حالياً على الانتخابات النيابية، التي تحاول قوى الأكثرية الهروب منها، وعلى الأقل بعض هذه القوى، لعلّها بحجم التعقيدات التي ستبرز فور الحديث عن قانون الانتخاب، وهي تعقيدات ترتبط بمن سيمثل أية منطقة وأية لائحة ستشكل في كل قضاء أو محافظة، وأي تمثيل مذهبي ستكون عليه، وخاصة إذا تقررت المتابعة بتقسيمات تنتخب فيها طوائف ممثلين لطوائف أخرى.
ورغم ما تروّجه الأكثرية عن إصرار المعارضة على التعطيل، فإن القوى الرئيسية في المعارضة تؤكد أنها من أصحاب المصلحة المباشرة في إيجاد الحلول، وكلما اقترب موعد الانتخابات النيابية ازدادت مصلحة المعارضة في إيجاد حل والاتفاق على قانون للانتخاب وعدم التجديد للمجلس النيابي الحالي، كما بشّرت وزيرة الخارجية الأميركية. وفي هذا الإطار تؤكد مصادر المعارضة أن اقتراح النائب السابق سليمان فرنجية جاء منفرداً، ودون تنسيق، وانتظرت المعارضة موافقة الموالاة على التنازل الجديد، رغم عدم اتفاقها على هذا التنازل، إلا أن الأكثرية تعاملت باستخفاف مع اقتراح فرنجية.
ومن يعش في دائرة القرار ومتابعته يؤكد أن لا تحالف رباعياً جديداً، بغض النظر عن الظروف العامة والخاصة، والتحولات الممكنة، ويجيب بعد الإصرار على السؤال: «وهل نحن أغبياء أو حمقى؟»، مضيفاً أن الأزمة الكبرى تنتظر قوى الأكثرية من اليوم ولاحقاً، فالتحالف القائم على أسس سياسية لقوى 14 آذار لن يتمكن من تقديم إجابات على المستوى الانتخابي لمكوناته، وعلى كل نائب أو طامح أن يستنبط وحده أجوبة حول مصيره.
ويتابع أن ما يجري عملياً اليوم هو البحث في تحالفات انتخابية بديلة، فقوى المعارضة تعرف حجمها، وبغضّ النظر عن التقسيم الانتخابي، فإن لقوى المعارضة حجماً نيابياً لن ينخفض، بل على العكس، ولكن القوى الأخرى التي طالما كانت على هامش القرار في الأكثرية تعرف أن لا مكان لها في اللوائح.
والعديد من هذه القوى سيتجه قريباً إلى تشكيل تحالف انتخابي قد يمتد على طول الأراضي اللبنانية، وستخرج وربما، دون إعلان، عن تحالفها في قوى 14 آذار.
وسوف يقوم تحالف ثالث بين 14 آذار والمعارضة، وتسمّي مصادر المعارضة هذا التحالف الجديد «الكتلة الثالثة» التي ستحمل طموحات عدد من النواب وممثلي القوى بعيداً عن الأكثرية النيابية الحالية، ولن تحمل أي اتجاه سياسي حاسم، مما يجعل المعارضة تمنّي النفس بالتوافق مع هذه الكتلة أولاً لأن أغلبها اصطدم بأسلوب عمل فوقي في قوى الأكثرية، وثانياً لأنها لن تخسر بين جمهور المعارضة المتماسك، بل ستكون الخسارة الفعلية لأطراف تحالف الأكثرية.
وتبحث قوى المعارضة في التقسيمات الانتخابية للدوائر، سواء بعلبك ــ الهرمل، أو حاصبيا ــ مرجعيون، ومصير المرشحين في كل دائرة، وحجم التوتر الطائفي الذي يمكن أن تحدثه هذه التقسيمات، وإمكان خفض الحدة الطائفية في البلاد عبر إقرار قوانين أخرى.
وتخلص إلى التأكيد أن أي تقسيم انتخابي سيبدأ بإعادة فرز القوى والناخبين في مناطق رئيسية مثل شمال لبنان وطرابلس تحديداً، حيث سيكون هناك كتلة كبيرة خارج الأكثرية، ولن يقيّض للأخيرة أن تحصل سنة 2009 على ما حصلت عليه في عام 2005، وسينسحب ذلك على مناطق أخرى. وتقسيمات الجبل أيضاً ستكون مختلفة، وستنعكس على ما ستفرزه في الصناديق. وستشهد منطقة الشوف علاقة مختلفة بين النائب وليد جنبلاط والنائب سعد الحريري.
بعد نهاية 2008 لن يكون هناك مسلّمات سياسية، ولا نقاط توافق عامة تأتي إلى البرلمان بشخصيات كالنائبة بهية الحريري، التي، وكيفما تم توزيع الأقضية والدوائر، فإن عليها البحث عن مصيرها السياسي بعيداً عن قصر قريطم.