نيويورك ـ نزار عبودقالت مصادر دبلوماسية مطلعة في نيويورك لـ«الأخبار» إن ناظر القرار 1559 تيري رود لارسن أبدى اهتماماً شديداً بالتقارير اللبنانيّة التي تلقاها من رئيس الحكومة عن شبكة اتصالات «حزب الله» وزوبعة أجهزة التصوير قرب مطار بيروت. ويتابع لارسن الأمر بدقة مع السنيورة، وينوي إثارته في الثامن من أيار الحالي عندما يناقش مجلس الأمن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بشأن تطبيق القرار. علماً بأن التقرير كان الأكثر انحيازاً منذ صدور القرار في خريف 2004، وفيه وصف المقاومة بأنها تمثّل خطراً إقليمياً على السلم والأمن في المنطقة. وجاء في الفقرة 36 من التقرير «إن استمرار حزب الله في المحافظة على ترسانة كبيرة وقاعدة شبه عسكرية خارجة عن سلطة الدولة يؤثر سلباً في جهود الحكومة اللبنانية في سبيل بسط سلطتها الحصرية على مجمل الأراضي اللبنانية. كما يمثّل هذا الأمر تهديداً للسلام في المنطقة وأمنها».
ويرى لارسن أن شبكة الاتصالات، والمزاعم بشأن المطار، فضلاً عن قضايا أخرى مثل حادث قوات اليونيفيل، وتوقيف النائب الفرنسي في الضاحية، تتناقض مع روح الفقرة التنفيذيّة الأولى من القرار بشأن «الاحترام التام لسيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي تحت سلطة حكومة لبنان وحدها دون منازع في كل أنحاء لبنان». كما يتنافى مع الفقرة الثالثة المتعلقة بحلّ المليشيات اللبنانية ونزع سلاحها. ولقد أشار في التقرير الأخير صراحة إلى أنها تشمل «حزب الله»، رغم تأكيده أن ذلك يتم بالحوار الوطني.
وأضافت المصادر أن البعثة الفرنسية في المنظمة الدولية بدأت منذ الأسبوع الماضي مشاورات بشأن الخطوات المنوي اتخاذها في المجلس، وأنها تتدارس معها عناصر بيان رئاسي تتركز على ما وصف بـ«تحدي السلطة المركزية اللبنانية» و«تعطيل الانتخابات الرئاسية الذي لم يعد محتملاً السكوت عنه». وهو ما عبّر عنه لارسن في تقرير الأمين العام عندما حذر من أن «غياب اتفاق بشأن الانتخابات الرئاسية يهدد كيان الدولة اللبنانية وسيادتها واستقلالها واستقرارها». وفي فقرة أخرى قال: «بسبب الأزمة السياسية في لبنان، وبخاصة الوصول إلى طريق مسدود بشأن انتخاب رئيس، والحالة الأمنية المتدهورة، بقيت قدرة الحكومة اللبنانية على توسيع سلطتها لتشمل كل الأراضي اللبنانية مكبلة. وفوق هذا، تستمر المعارضة في مساءلة مدى مصداقية الحكومة».
لارسن، الذي ينسق بشكل شبه يومي مع الرياض وباريس فضلاً عن واشنطن، سيحاول دفع فكرة تدويل الرئاسة اللبنانيّة بأقصى ما لديه من قوة. فالوقت ينفد مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، كما أن الحل الأميركي ــ الإسرائيلي في الشرق الأوسط يمر أولاً بلبنان «ولو بولادة قيصرية» حسب تعبير دبلوماسي مطلع في الأمم المتحدة.
لهذا من المتوقع أن تتضاعف في الأيام القليلة المتبقية الضغوط الدولية على عدد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وعلى رأسها ليبيا وجنوب أفريقيا وإندونيسيا الأكثر معارضة لإصدار أي بيان بعد مناقشة القرار. وقد تبلغت البعثة الفرنسية من نظيرتها الليبيّة أنها ترفض أي بيان يعدّ في هذا الخصوص «حتى لو كان من كلمتين». ذلك أن المجلس قاوم إصدار بيان بشأن تطبيق القرار 1701 الشهر الماضي حتى الرمق الأخير. ولم تقبل خمس دول معارضة بالبيان الهزيل الذي صدر في النهاية إلا بعد حذف كل المشاغل المثيرة للجدل منه.
وتقف ليبيا وجنوب أفريقيا، ومعهما إندونيسيا بدرجة أقل، موقفاً متشدداً، ولا سيما بعد إلغاء دور المجلس كلياً في قضية غزة ونقلها إلى أماكن أخرى مثل اللجنة الرباعيّة في لندن. ويقول دبلوماسي إن هذه الدول مستاءة للغاية من استخدام بيان الرباعيّة وصف «الأعمال الإرهابية» الفلسطينية، ورأت فيه خروجاً على التوازن. بينما رفضت الولايات المتحدة في مجلس الأمن إصدار أي بيان يدعو إلى تخفيف المعاناة الإنسانية للسكان عن القطاع دون استخدام تعبير «هجمات صاروخية إرهابية من القطاع». كما أن الليبيين يشعرون بأن خروج جان موريس ريبير، مندوب فرنسا من المجلس عندما وصف المندوب الليبي، جاد الله الطلحي ما يجري في غزة بـ«معسكر اعتقال» بما جرى في المعتقلات النازية، كان مفتعلاً لمنع إصدار أي بيان. لذا فإن الليبيين ينوون رد الصاع صاعين وسيتصدون بحزم لأي بيان في المجلس يتعلق بالقرار 1559.
وتوقعت المصادر أن يتقرب الفرنسيون كثيراً من الليبيين لإقناعهم بقبول فكرة البيان، ولم تستبعد أن يعقد مندوب فرنسا اجتماعاً مع نظيره الليبي لهذه الغاية، لكنها استبعدت تحقيق تقدم على هذا الصعيد. ورجحت أن تكون جلسة المناقشة طويلة تتبعها جلسة تشاور مغلقة لا تنتهي باتفاق. ولم تستبعد المصادر أن تلجأ الدول الغربية إلى تقديم مشروع قرار في حال الفشل في التوصل إلى حل وسط مع الدول المعارضة بشأن لبنان. فالتدويل يجب أن ينطلق من مجلس الأمن، علماً بأن القرار 1559 كان قد صدر بأصوات الحد الأدنى عند إقراره.