«حزب الله»: الحملات المسعورة لن تحقق أهدافها وسنستمر في مواجهة المشروع الأميركي ــ الصهيونيغادر الأمين العام لجامعة الدول العربيّة، عمرو موسى، بيروت وسط اشتباك سياسيّ حاد بين الموالاة والمعارضة غطّى غباره المبادرة العربيّة، ودعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الحواريّة، منذراً برياح صيفيّة ساخنة
انضمت «قوى 14 آذار» إلى رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط في حملته العنيفة على «حزب الله» والسفير الإيراني في لبنان، محمد رضا شيباني، مستنجدةً بالمجتمعين العربي والدولي لمساعدة لبنان.
ومن الكويت، رأى رئيس كتلة المستقبل النيابية، النائب سعد الحريري، أن «ما حصل في مطار بيروت أمر ينال من أمن اللبنانيين ومن أمن المسافرين اللبنانيين وأمن الدولة، ويجب أن يأخذ القضاء كل الإجراءات المطلوبة إزاء ما حصل في هذا الشأن»، مشيراً إلى أن «إيران دولة كبرى تعرف مصالحها في المنطقة وتعرف تاريخ الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع إيران وما الذي قدمه لها»، متمنياً على الإيرانيين أن يتذكروا ماذا فعل رفيق الحريري «ونحن نكون معهم إذا احتاجوا إلينا».
وأكد الحريري، في مؤتمر صحافي عقده بعد لقائه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ورئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر محمد الأحمد الصباح وكبار المسؤولين الكويتيين، أن «الأولوية بالنسبة إلى لبنان واللبنانيين وإلينا، هي انتخاب رئيس الجمهورية المتوافق عليه وهو الجنرال ميشال سليمان».
وتمنى أن «تلعب دمشق دوراً إيجابياً بانتخاب العماد سليمان بدل أن تلعب دوراً سلبياً».
ورداً على سؤال قال: «أنا مؤمن بالمحكمة الدولية منذ بداية الطريق، وبأنها ستقوم بدورها، وسيتم إحلال العدالة بالنسبة إلى عائلة الرئيس الحريري وإلى سائر عائلات الشهداء الذين تم اغتيالهم. أما بالنسبة إلى ما حدث مع عماد مغنية، فمن المفروض أن تكشف عنه الدولة السورية، التي قالت إنها ستكشف عما حصل لعماد مغنية خلال 3 أيام، ولغاية الآن لم نسمع شيئاً».

«ثكن مسلّحة في المباني السكنية»

وكان جنبلاط، قد تناول في مؤتمر صحافي عقده في المختارة، أول من أمس، موضوع أمن المطار وجهازه الذي رأى أنه «بكل معالمه في الأمن العام وربما الدرك والجمرك، وربما بقائده مخروق، وهو تابع لحزب الله ولا قيمة للإجراءات التي تتم بناءً على القرار 1701».‏ وقال: «إن مراسلة رسمية حصلت بين وزارة الدفاع ومخابرات الجيش تطالب جهاز أمن المطار ‏بالتصرف حيال موضوع الكاميرا الموضوعة في مستوعب تجاه المدرج 17 في المطار».
وطالب بوقف الطيران الإيراني إلى بيروت وطرد السفير الإيراني من لبنان وإقالة قائد جهاز أمن المطار «وكل العناصر المشبوهة، وهذه مسؤولية وزارة الداخلية (...) بالتعاون مع الجيش».
وعرض خريطة قال إنها تتعلق باتصالات لـ«حزب الله» على امتداد الوطن.
من جهتها، رأت الأمانة العامة لـ«قوى «14 آذار» إثر اجتماعها أمس، أن مشروع الحزب «الهادف إلى إقامة دولته دخل مرحلة حاسمة»، معتبرة أنه «بعد احتلال وسط العاصمة وتعطيل الدورة الاقتصادية فيها، وشلّ عمل الحكومة اللبنانية، وبعد العمل على «تطهير» مناطقه من أي وجود أمني فعلي للشرعية اللبنانية، انتقل «حزب الله» إلى مرحلة جديدة بتوجيهه ضربة قاسية للدولة من خلال محاولته وضع المطار تحت سيطرته الأمنية المباشرة. تزامن الأمر مع إنشاء شبكة مواصلات سلكية خاصة تربط العاصمة بالمناطق، وصولاً إلى سوريا».
وبعدما جددت اتهامها الحزب بإعاقة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، رأت أن «أخطر ما في الأمر هو الدور الذي يلعبه سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية» واصفة إياه بأنه «أصبح مندوباً سامياً لا يعترف بشرعية الحكومة اللبنانية، بل يرى أن مهمته تنحصر في الإشراف على قيام دولة «حزب الله» وتسخير الإمكانات الإيرانية: من خطوط جوية، إلى المصارف، إلى الإعلام، إلى مؤسسات البناء لخدمة هذا الهدف».
واستعجلت انتخاب رئيس جديد للجمهورية، داعية المجتمع العربي إلى مساعدة لبنان في وجه ما سمّته «المدّ الإيراني الذي يتهدده»، كما دعت «المجتمع الدولي إلى حماية لبنان من خلال تطبيق جميع القرارات الدولية».
ورأت أن «عمل اللجان النيابية مرتبط ارتباطاً مباشراً بالسلطة التنفيذية التي لا يعترف رئيس المجلس بشرعيتها».
بدورها، أثارت قوى «14 آذار» و«الجماعة الإسلامية» في إقليم الخروب خلال اجتماعها في منزل النائب الدكتور محمد الحجار حادثة إطلاق النار التي شهدتها منطقة السعديات منذ حوالى أسبوع، معتبرة أنها تدل «على سياسة «حزب الله» التوسعية العسكرية، التي تسعى إلى إقامة جزر أمنية مغلقة على امتداد ساحل الشوف، بدءاً من خلدة، مروراً بالسعديات وجدرا ووادي الزينة». ورأت أن الحزب ينفّذ «عملية إسكان منظمة لمجموعات تريد إقامة ثكن مسلحة في المباني السكنية على طول ساحل الإقليم ومداخله خدمة لأهداف مشبوهة»، داعية الجيش والقوى الأمنية إلى مداهمة «هذه الثكن ومصادرة السلاح المكدّس فيها والذي يحمل زوراً شعار مقاومة العدو الصهيوني»، كما دعت الحكومة إلى توفير الاعتمادات اللازمة لفتح باب التطوع في الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وتأمين العتاد اللازم لها وزيادة عديدها «ليتسنى لها القيام بواجباتها في مختلف المناطق اللبنانية».

فقاعات إعلاميّة وأفلام خياليّة

وردّ مصدر مسؤول في حزب الله على جنبلاط، مشيراً إلى أن الأخير «تحت شعار «ربما» و«ربما» يشعل البلاد تحريضاً وفتنة وافتراءات، فيركّب على المعلومات سيناريوهات أصبحت أفلاماً «ربما» خدمته في اتهاماته السياسية أو «ربما» خدمت من طلب ذلك منه».
ورأى أن مطار بيروت الدولي «كان ولا يزال يشكّل عقدة تاريخية للإدارة الأميركية ومعها اليوم أمثال جنبلاط، وهو المطار الذي صبّت عليه إسرائيل جام حقدها في حرب تموز وجهدت لإلحاقه بهيمنة أمنية معينة. كل ذلك لوجود المطار، مع الطريق المؤدي إليه، قريباً من منطقة تحتضن المقاومة لم يتوان جنبلاط عن إظهار حقده عليها».
وقال: «ربما عانى وليد جنبلاط من جرعة سياسية زائدة في الأيام الماضية، فأراد التراجع والعودة إلى التوتير وقطع فرص الحوار كي لا يوبّخ مجدداً، كما فعل تقرير الخارجية الأميركية مع جماعة 14 آذار». ورأى أن حملة جنبلاط «هي ترجمة أمينة لوعد راعيه ديفيد ولش بصيف لبناني ساخن، وصدى لبيان وزارة الخارجية الأميركية»، مذكّراً «جنبلاط بأن التقرير الأمني الإسرائيلي الذي تناقلته وسائل الإعلام عن تعاون بعض الجهات اللبنانية في قضية اغتيال القائد عماد مغنية، مع أجهزة الموساد الإسرائيلي، هو محل دراسة جدية من جانب حزب الله».
ووضع المعلومات التي تحدث عنها جنبلاط عن شبكة الاتصالات المرتبطة بعمل المقاومة «وبمعزل عن دقّتها برسم القضاء اللبناني ليتصرف تجاه من يعرِّض أمن لبنان واللبنانيين للخطر»، مؤكداً «أنّ كل هذه الفقاعات الإعلامية والأفلام الخيالية والاتهامات الجنونية لن تزيل حالة الإحباط عن أتباع المشروع الأميركي المتعثر، ولكن بشكل أكثر تأكيداً لن تمنعنا من الاستمرار في نهج الدفاع عن وطننا».
كما ردت العلاقات الإعلامية في «حزب الله» على بيان قوى «14 آذار» و«الجماعة الإسلامية» في إقليم الخروب، موضحة أن الأجهزة الأمنية المختصة وضعت يدها على حادثة السعديات، منهيةًً إياها مع ذيولها كلها. ورأت أن استنفار قوى 14 آذار والجماعة الإسلامية في إقليم الخروب لإصدار هذا البيان المتأخر «جزءٌ من الحملة المنظّمة التي بدأت منذ أسبوعين، انسجاماً مع «التقرير الإرهابي» لوزارة الخارجية الأميركية الذي يشير إلى خطر حزب الله ويحثّ القوى المؤتمرة بتوجيهاتها على أن تواجهه».
وختم بيان الحزب بالقول: «فليسمعوا جيداً، وليسمع معهم الأميركيون والإسرائيليون، لن تحقق مثل هذه الحملات المسعورة أهدافها، وسيبقى حزب الله ومقاومته جبلاً شامخاً بوجه كل المؤامرات، وهو مستمر بصلابة في مواجهة المشروع الأميركي الصهيوني ضد لبنان وشعبه».

احتمال لقاء بري ــ الحريري

ورأى النائب علي حسن خليل أن «أخطر ما في التصعيد الكلامي الأخير، هو إدخال المؤسسات الأمنية في سجالنا السياسي»، معتبراً أن «المطلوب اليوم أن نبقى حريصين جداً على تحييد المؤسسات الضامنة للاستقرار وللوحدة الداخلية عن المواقف التي تؤدي إلى إضعاف دورها وموقعها». وأكد أن «لقاء الرئيس بري مع النائب الحريري يمكن أن يحصل في أي وقت، لكنه رأى أن الأهم هو التركيز على الجوهر.
وأكد النائب علي بزي أنه «لا مبرر على الإطلاق لهذا التصعيد في السياسة والأمن، الذي من شأنه ليس تعكير الأجواء وشحن النفوس، بل أخذ البلد والعباد إلى المجهول»، وسأل «لمصلحة من الكلام الذي أطلق وسمعه اللبنانيون بالأمس؟»، موضحاً أن «الزعيم والقائد هو الذي يبتكر الحلول والتسويات لا الفنون في التعبئة وتوتير الأجواءوكشف أن «اللقاء الأخير مع الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى والرئيس نبيه بري كان إيجابياً جداً، وقد سادته أجواء من التطابق في وجهات النظر»، وقال: «استبشرنا خيراً وانتظرنا جواباً من الفريق الآخر، لكنه لم يأت».
وسأل النائب السابق إميل إميل لحود «إذا ما كان كشف عمليات تهريب أسلحة من كواتم صوت وغيرها للسفارة الأميركية وراء التهجم على رئيس جهاز أمن المطار». ورأى «أن المشكلة لا علاقة لها بكاميرات، بل برغبة الموالاة في فتح مطار بيروت أمام الطائرات العسكرية الأميركية وغير الأميركية التي تقلّ السلاح وآلات التنصّت إلى ميليشيات السلطة وشركاتها الأمنية التي باتت منتشرة في جميع الأراضي اللبنانية وهي تستعد للانقضاض على أبناء هذا الوطن».
ورأى الأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي، الوزير السابق فايز شكر، أن جنبلاط وضع حداً بكلامه الأخير «لكل الأوهام حول الحوار وقطع الطريق أمام كل الجهود الخيّرة التي تسعى إلى حلول تضمن وحدة البلد والعيش المشترك، ودفن كل المبادرات التي يمكن أن تحقق حلولاً».
وقال رئيس تيار التوحيد اللبناني، الوزير السابق وئام وهاب: «إذا كان المطلوب أن يرتاح لبنان، كان الأجدى بجنبلاط أن يطالب بطرد السفيرين الأميركي والسعودي من لبنان. فالسفيرة الأميركية تستكمل خطة إدارتها لتخريب الحل، والسفير السعودي يلاقيها إلى منتصف الطريق»، متسائلاً «هل الحملة على بعض الضباط هدفها استبدالهم بضباط مرتبطين بأجهزة أمن أميركية وعربية»، محذراً «من أية محاولة للاقتصاص من أي ضابط يحاول جنبلاط تشويه صورته».
وعزت الهيئة السنّية لنصرة المقاومة اتهامات جنبلاط لـ«حزب الله» إلى فقدان الأخير أي أمل لعقد مصالحة مع «حزب الله»، ورأت «أن جنبلاط يهدف إلى زعزعة ثقة اللبنانيين بالمقاومة وفك لحمة الجيش مع المقاومة في وجه العدو الإسرائيلي وأصحاب مشاريع التقسيم».

شهيّب: ظروف المواجهة ليست مستورة

في المقابل، رد النائب أكرم شهيّب على «حزب الله»، سائلاً «من نصّب «حزب الله» وصياً على الدولة اللبنانية أو بديلاً منها وفوّضه امتلاك ما يمتلك من سلاح وصواريخ ليجعل من لبنان موقعاً متقدماً للحرس الثوري الإيراني خدمة لمشاريع خامنئي ونجاد؟ من فوّضهم قرار الحرب والسلم بديلاً من الدولة ومؤسساتها؟ من فوّضهم إقامة شبكة اتصالات في طول البلاد وعرضها لأسباب مالية وانفصالية لا جهادية وأمنية؟». وقال «هذا دأبهم يدينون بدل أن يدانوا، لنا الحق في أن نسأل. لكن ندرك أن لا إجابات مقنعة عند من نصّب نفسه جندياً صغيراً للمحور الإيراني ــــ السوري».
ورأى شهيب خلال احتفال للحزب التقدمي الاشتراكي ان «ظروف المواجهة لم تعد مستورة»، وقال: «لا نخاف لا من «حزب الله» ولا من سلاحه، نخاف على لبنان من «حزب الله»، وعلى «حزب الله» من سلاحه».
واتهم عضو «كتلة المستقبل» النائب مصطفى علوش الحزب بأنه «يحاول تمتين دعائم دولته الطفيلية، تمهيداً لفرض نظام «ولاية الفقيه» على كل لبنان، وربطه بشكل كامل بالسلطة المركزية في إيران».
من جهته، أكد رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع في كلمة عبر الهاتف خلال احتفال قوّاتي في الكورة «أن مسيرة النضال مستمرة من أجل الحفاظ على سيادة واستقال لبنان»، ورأى «أن الأطماع بلبنان كبيرة جداً، ويحاول البعض حرماننا السيادة والاستقلال»، ولفت إلى «أن المواجهة طويلة وصعبة، ولكن في النهاية سيكون النصر حليف الذين يعملون من أجل سيادة واستقلال لبنان».


صفير غادر في جولة من دون مراسم رسميّة
غادر بيروت، أمس، البطريرك الماروني نصر الله صفير، متوجهاً إلى الدوحة على متن طائرة خاصة للوزير نعمة طعمة، في بداية جولة تستمر حوالى ثلاثة أسابيع، تشمل جنوب أفريقيا والولايات المتحدة الأميركية وإسبانيا.
وللمرة الأولى منذ أشهر، غابت مراسم الوداع الرسمية التي جرت العادة أن تكون في وداع صفير في المطار، نظراً إلى غياب ممثّل رئيس الجمهورية، بسبب الفراغ في سدة الرئاسة الأولى.
وفي المطار، رأى صفير أن عدم انتخاب رئيس دليل على «أن البلد لا يسير بمقتضى الدستور والقانون»، وكرر أن انتخاب الرئيس بالنصف زائداً واحداً مخالف للدستور، مشيراً إلى «أن هذا الأمر يتعلّق باللبنانيين، ولا يتعلّق بالرئيس( الأميركي جورج) بوش ولا بغيره».
ورأى «أن الحوار خارج المؤسسات الدستورية لم يأت بفائدة حتى الآن».
ورداً على سؤال قال: «الانتخاب يصح أن يكون في القضاء 3 أو 4 مقاعد ليعرف الناس من ينتخبون، ولذلك إذا كان القضاء أكثر من هذا العدد، يصبح في غير متناول الناخبين، وينتخبون كيفما كان».
وأسف لما يقال عن المطار، «مؤكداً أنه يجب أن يسود لبنان «الأمان والسلام».
وأوضح أن ما قاله سابقاً هو «أن اللبنانيين إذا عجزوا عن بسط السيادة على البلد والأمان فيه، فهناك الأمم المتحدة باستطاعتها أن تأخذ التدابير اللازمة لذلك، ولكن هذا القول لن يرضي جميع الناس»، متمنياً «أن يتدبّر الأمر اللبنانيون بذاتهم».