ثائر غندورإذا ما حُشر القطّ في الزاوية فإنه «يُخرمش»، وإذا وُضع النمر في الزاوية فهو «يُخرمش» أيضاً. فلماذا يُصرّ فريق السلطة على زرك حزب الله في الزاوية؟ يتعرض هذا الحزب لهجوم شرس، وتُحرّك أفعى الفتنة السنيّة ــــ الشيعيّة الرابضة تحت تبن التحريض المذهبيّ، لتغطيسه أكثر وأكثر في وحول السياسة الداخليّة. كان ليل أول من أمس حافلاً بالمشكلات الأمنيّة. اللافت أن أحد المشتركين الأساسيين في مشكلة منطقة الجناح هو مخبر لدى أحد الأجهزة الرسميّة في منطقة الضاحيّة. ويؤكّد هذا الجهاز لأحد الصحافيين أن الأيّام المقبلة (وضمنها ليل أمس) سيكون من الصعب ضبط إيقاع المشكلات فيها، وهو الأمر الذي يقوله أيضاً أحد أعضاء لجنة المتابعة في 14 آذار.
ويضيف هذا الرجل الذي يعتبر أنه قد ضحّى كثيراً في حزبه، أن المعطيات المتوافرة لديه تُشير إلى نيّة لدى حزب الله بتحويل الإضراب الذي دعا إليه الاتحاد العمّالي العام في السابع من هذا الشهر إلى يوم شبيه بيوم الثالث والعشرين من كانون الثاني 2006، حين نزلت المعارضة إلى الشارع بنيّة العصيان المدني، وهو ما ردّ عليه فريق السلطة حينها بافتعال حوادث الجامعة العربيّة وتحويل الصراع مذهبيّاً. ويحمّل حزب الله مسؤوليّة هذا الأمر لأنه «الوحيد في لبنان الذي يملك القدرة على دفع مليون متظاهر إلى الشارع لكونه يمسك بمفاصل الطائفة الشيعيّة، وحركة أمل لم تعد سوى تجمّع شخصيّات».
يقول المعارضون إن ما يجري يُمكن وضعه في خانة الهجوم على المعارضة ودفعها إما إلى التراجع وإما إلى اتخاذ خطوات تؤدّي إلى تعرية سلاح المقاومة من الشرعيّة التي ما زال يتمتع بها، وهو الأمر الذي لن يقبل به حزب الله، كما لن يقبل باستمرار الاستفزازات وكأنها أمر عادي، وخصوصاً أن الجميع يعرف أن ما يثار أمور قديمة لا أهميّة لها سوى توتير الشارع. لكنّ سجعان القزّي، المعروف بقربه من الرئيس أمين الجميّل، يشير إلى أن ما يحصل هو في الواقع إعادة تمركز الأطراف اللبنانيّين عشيّة مرحلة جديدة، عنوانها خروج معالجة الوضع اللبناني من الداخل ومن العرب إلى المراجع الدوليّة. وفي إطار هذا التمركز تفتعل مشكلات تُثير الجدل من نوع ما يُقال عن حزب الله وما يتهم الحزب خصومه به من عمالة وارتهان للمحاور الدوليّة.
لكن القزّي يرى أن الفضيحة الكبرى هي تسريب وثائق رسميّة سريّة إلى الصحافة والسياسيين، «فقبل أن يحصل تحقيق مع عسكري في المطار يجب التحقيق في كيفيّة وصول هذه الوثائق إلى جريدة «النهار» والنائب وليد جنبلاط وعبرهما إلى العلن». ويُضيف أنه لو كان الموضوع بهذه الخطورة لوجب على وزيري الدفاع والداخليّة إلياس المر وحسن السبع عقد مؤتمر صحافي يشرحان فيه الموضوع.
ويرى القزّي، الذي يُشدّد على أن سلاح المقاومة انتهى دوره، أنه لا يحق للحكومة أن تعترف بشرعيّة ثم ترفض أموراً تعتبر من تفاصيل عمل المقاومة، وخصوصاً أن الحكومة لم تطبق القرار 1559 منذ أربع سنوات ورفضت إخضاع القرار 1701 للبند السابع. فعلى الدولة بدايةً سحب شرعيّة المقاومة ثم إلغاء بنيتها التحتيّة، لأن المشكلة ليست في شبكة الاتصالات التي هي ضروريّة لعملها.