strong>الحملة مستمرّة على حزب اللّه، وعون يتحدّث عن شبكات في كل المربّعات الأمنيّة
على طريقة الرئيس نبيه بري بتوصيف الأزمة على أنها بين «س. س»، يبدو أن هناك من أراد أن يلعبها صولد برمي ورقة الـ«ا.س»، بما تعنيه من: إيران ــ السعوديّة والسجال حولهما، أو أمن وسياسة والقلق من إشعال أحدهما للآخر

عاش البلد أمس غلياناً، اختلط فيه حابل الإشكالات بنابل الشائعات، ووقائع التحضيرات والدعوات إلى المشاركة بإضراب، بمساعي «تنفيس» هذا التحرك المطلبي عبر المزيد من درس رفع الأجور والتحذير من «مدسوسين» في التظاهرات... مع استمرار الحملة والحملة المضادة.

حوري: نخشى أن يكون الخافي أعظم

النائب وليد جنبلاط ظهّر أمس موقفه في جريدة الأنباء، مستذكراً الاستراتيجية الدفاعية و«اتهامات التخوين والعمالة بُعيد صدور القرار 1559»، واتهم البعض بتقديم قراءات خاطئة لهذا القرار. ورأى أن اتفاق الهدنة هو جوهر الطائف، مهاجماً ما سمّاه «الأمن الاستراتيجي للمقاومة»، ليصل إلى القول: «يكفي مهاترات واتهامات سخيفة بالعمالة، فنحن متمسكون بمشروع الدولة في لبنان، ولن نتراجع عنه تحت وقع أي شكل من أشكال التهديدات».
وفي كلمة باسمه، في عشاء لـ«المتخرجين التقدميين»، اتهم النائب علاء الدين ترو، حزب الله بتدريب «ميليشياته في كل المناطق وداخل كل الطوائف عبر المال والسلاح، من أجل استمرار هيمنته وتعزيز دويلته على أنقاض الدولة». وشدد على نقاط إجماع الحوار، متهماً المعارضة باستخدام قضية العمال. فيما شبه النائب أنطوان أندراوس «ما يقوم به حزب الله» بـ«الممارسات التي انتهجتها القيادات الفلسطينية منذ السبعينيات إلى أوائل الثمانينيات».
كذلك دعا عدد من نواب المستقبل إلى العودة إلى مقررات طاولة الحوار، مع تركيزهم على اتهام الحزب بإشكالات بيروت، التي وصفها النائب مصطفى علوش بـ«التحرشات»، وقال إن حزب الله «سيحتفظ بكل قدراته وأكثر، وسيزيد، ويحاول التودد إلى أن يبسط سيطرة ولاية الفقيه على كل لبنان». واتهم النائب عمار حوري الحزب بحوادث كورنيش المزرعة، وبأنه استعمل سلاحه في الداخل، سائلاً: «هل هذه دويلتكم التي تعدون الناس بها؟ أم أنها تغطية على قضيتَي المطار وشبكة الاتصالات؟». وأوحى بإمكان تصعيد الحملة بالقول: «ما علمنا به في موضوع الاتصالات وفي موضوع الكاميرات هو الجزء الذي تسرب للإعلام، وأخشى ما نخشاه أن يكون الخافي أعظم». وقال النائب محمد الأمين عيتاني «إن ما جرى في الساعات الماضية، بدءاً بالمطار، إلى الإشكالات المتنقلة في شوارع بيروت، إضافة إلى بعض الممارسات، وأبرزها متمثل باحتلال بيروت البغيض، هو بكل بساطة تهديد للدولة وتهديد لكل مواطن لبناني بأمنه واستقراره»، محذراً من «استثمار التحرك العمالي سياسياً وتحريفه».

«جنبلاط ينفّذ أمر عمليّات أميركي وخليجي»

وفي المقابل، رأت مرجعيات دينية وشخصيات في المعارضة، في الحملة المستجدة، استهدافاً لجهاز أمن المطار وللمقاومة. فنوّه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، بأداء هذا الجهاز وقائده العميد وفيق شقير الذي وصفه بأنه حيادي و«رجل وطني عاقل لا يجوز الافتراء على مقامه ومكانته، وهو رجل حكيم ونزيه». وقال: «من يعتقد أنه قادر على إقالة هذا الجهاز وقائده، فهو واهم، لأن المس بهذا الجهاز مس بوطنيتنا ونزاهتنا وبإخلاصنا في المحافظة على البلد». وطالب هذا الجهاز «بتفتيش كل الطائرات، ولا سيما الطائرات الأميركية دون استثناء، لأننا نريد سلامة أمن المطار». كما استنكر «الدعوة المغرضة إلى طرد السفير الإيراني الذي يمثل أكبر دولة صديقة في المنطقة ساندت لبنان وقدمت له الدعم والمساعدة ولا تزال، فهذا الأمر لا نقبل به على الإطلاق».
وبعد ترؤسه اجتماع تكتل التغيير والإصلاح، تساءل النائب ميشال عون، عن سبب توقيت إثارة موضوع شبكة الاتصالات، مشيراً إلى أنها موجودة منذ سنوات و«استعملت أثناء الدفاع عن حدود لبنان». وأعلن وجود «شبكات كثيرة خاصة في كل المربعات الأمنية»، مشيراً إلى شبكة التنصت والمؤسسات الأمنية التي «لا تعمل للدفاع عن الحدود، بل ضمن المجتمع». وإذ استغرب «كيف تصل مراسلات الجيش إلى الذين يتحدثون عنها»، رأى أن الحملة الأخيرة هي «لعبة لإيجاد صدام بين المعارضة والجيش»، لكنه أكد وجود «نضج عند الجيش وضباطه». وسأل: «إذا كان للمقاومة الحق في أن تحرر، بحسب البيان الوزاري، فلها حق في أن تكون لديها اتصالات سرية بين أجهزتها العسكرية». وأشاد بحسن استعمال حزب الله لسلاحه.
ورداً على وجود الحزب في مناطق جبيل، قال إنه موجود في كل القرى الشيعية، مثلما للقوات اللبنانية وجود في القرى المسيحية في الجنوب، داعياً جنبلاط إلى إعادة المسيحيين الذين هجرهم قبل أن يدافع عن جبيل، وقال: «من هو ليتحرش بجبيل وأهالي كسروان؟ فهو أول شخص فئوي دموي».
وقال: «لا ذاكرة عند البعض، وخصوصاً عند الذين يأخذون مواقف عبر التلفزيون، فإما يبررون أحياناً عن جهل أو عن تجاهل». ورد على من «يقولون لنا: الضمير، ما بيسوى، لازم ننزل ع مجلس النواب»، بالقول: «نحن نمارس حقنا». وحدد ثمن نصاب الثلثين بـ«المشاركة في 11ـــــ19 وقانون انتخابات يسمح بالتمثيل العادل». وأردف: «كل من يتحدث عن انتخابات رئاسية قبل أن يتفق على القانون والمشاركة، يكون هو من يضرب التوازن اللبناني والوحدة الوطنية ويهمش المسيحيين لإلغاء وجودهم السياسي في لبنان، سواء أكان في موقع ديني أم علماني أم سياسي». وقال: «إذا كانوا لا يريدون أن يقروا بحقوقنا وبصفتنا التمثيلية، فإذاًً عدنا إلى القرون الوسطى، وهم يدفشوننا في اتجاه ثورة فرنسية»، مكرراً أن الانتخاب بالنصف زائداً واحداً «انقلاب، وسيواجه بانقلاب آخر». وحض على المشاركة في إضراب الغد، داعياً العمال وأرباب العمل إلى التظاهر معاً لإسقاط الحكومة. كما دعا رئيس الحزب الديموقراطي طلال أرسلان، إلى جعل 7 أيار «يوم انتفاضة فقراء لبنان»، متهماً «الطغمة الانقلابية الفاسدة المفسدة» بأنها «تحمي نفسها من خلال ارتكاب جرائم التوتر المذهبي، فيبقى الشعب منقسماً على نفسه، بينما هم يثابرون على هدر حقوقه ونهب المال العام».
ورداً على مطالبة جنبلاط بطرد السفير الإيراني، دعا النائب حسين الحاج حسن، في مهرجان اقتصادي في البقاع، إلى «طرد السفير الأميركي»، لأن «من يستحق الطرد هو من أعطى سلاحاً إلى إسرائيل لتطرد الناس من بيوتهم»، وقال إن ما قام به جنبلاط «لا يخدم لبنان واللبنانيين، بل يخدم إسرائيل». وأكد عدم العودة إلى الحلف الرباعي، مخاطباً جنبلاط بالقول: «ما غدرتنا به لن يتكرر على الإطلاق، وإذا كان هذا سبب الارتداد عندك، فهذه مشكلتك، وأنت من وضعت نفسك في هذا المكان».
ورأى النائب إسماعيل سكرية، أن موقف جنبلاط «لم يأت مفاجئاً، إذ إنه ينطلق من تموضعه السياسي المراهن على حصاد المشروع الأميركي في المنطقة ولبنان». وقال: «إن مشروع الدولة مختطف منذ الاستقلال على أيدي سياسيين هم أقرب إلى الممارسة المافياوية منها إلى ممارسة المسؤولية». واتهم النائب مروان فارس رئيس اللقاء الديموقراطي والموالاة عموماً بـ«العمل على تهديد السياحة في لبنان»، عازياً موقفه الأخير إلى «إعلان حزب الله أن التحالف الرباعي دفن ولن يعود إلى الحياة مجدداً».
وإذ أعلن رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي، علي قانصو، الوقوف «إلى جانب المقاومة وحزب الله في وجه الحملة التي يتعرضان لها»، وضع هذه الحملة في إطار استهداف «قوة لبنان ومنعته وحقه في اعتماد المقاومة سبيلاً إلى تحرير أرضه المحتلة». كما وضعها النائب السابق وجيه البعريني في سياق «الاستهداف الأميركي للمنطقة عبر الإساءة إلى المقاومة التي لا تخص طائفة أو حزباً بعينه، بل تخص كل الشعب اللبناني». وإذ اتهم النائب السابق جهاد الصمد، جنبلاط، بأنه «يدفع البلد نحو الهاوية»، لفت إلى أن تصعيده «تزامن تماماً مع الكلام الداعي إلى تدويل الأزمة». ورأى رئيس جبهة العمل الإسلامي، فتحي يكن، أن ملف المطار «حلقة جديدة من حلقات التآمر على هذا البلد»، محذراً من «أن المرحلة الراهنة هي الأخطر منذ حرب تموز، ما يفرض الحذر والجهوزية الكاملة من كل الوطنيين الأحرار في هذ البلد». واتهمت حركة النضال اللبناني العربي، جنبلاط، بأنه «ينفذ أمر عمليات أميركي ومن بعض الدول الخليجية».
كذلك، اتهم تجمع العلماء المسلمين مهاجمي المقاومة بأنهم «ينفذون خطة صهيو ـــــ أميركية»، مدافعاً عن «شرعية المقاومة وسلاحها، ومنه شبكة الاتصالات». وقال إن إيران «لن تكون يوماً عدوة للبنانيين، وإعادة مشهد عام 1983، عندما اتخذت حكومة أمين الجميل قراراً بقطع العلاقات مع إيران، تنفيذاً لإرادة أميركا التي كانت تحتل جزءاً من لبنان، وانسجاماً مع اتفاق السابع عشر من أيار». ورأى لقاء الأحزاب في الجنوب، في مواقف جنبلاط «ترجمة ميدانية للموقف الأميركي الحقيقي من أزمة لبنان». فيما قال لقاء الجمعيات والشخصيات الإسلامية، إنه أصبح «عراب المشروع الأميركي ـــــ الصهيوني بعدما خلع ثوبه العربي واللبناني الأصيل ورماه في وحول العمالة والخيانة». ونبه اللقاء التضامني الوطني في المنية إلى أن «استمرار التحرش بالمقاومة خيانة صريحة متقدمة، وهو أمر ينذر بشر مستطير». كما حذر «المؤتمر الأول لإقليم الخروب العربي المقاوم» من الحملات لـ«تدويل أمن المطار والنيل من مناعة المقاومة تمهيداً للخروق الأمنية المعادية التي تستهدف سلاح المقاومة وأمنها وحصانتها».
واستنكرت هيئة العمل التوحيدي، إثر اجتماعها أمس برئاسة الشيخ صالح ضو، الحملة على إيران، مشيرة إلى أنها «استكمال لحملة أميركية ـــــ إسرائيلية على بلد إسلامي يقوم بدور كبير على مستوى مقاومة الكيان الغاصب في فلسطين والاحتلال الأميركي لبلاد العرب والمسلمين». ورأت في الوقت نفسه «أن الدور الذي تؤديه السعودية في دعم قوى التخريب في لبنان أصبح مكشوفاً وواضحاً». كذلك، دعا رئيس تيار التوحيد وئام وهاب، إلى وضع حد لما وصفه بـ«عمليات الشحن السعودي على الساحة، ووقف النشاط المشبوه للسفير السعودي الذي يستكمل تحرك السفيرة الأميركية في التحريض على المعارضة»، متهماً السعودية بأنها «من خلال تحريضها وضخها للأموال، تدفع لبنان باتجاه الفوضى وتُسهم في ضرب الدولة ومؤسساتها خدمة لفريق لن يستطيع أن يربح المعركة».
من جهتها، نفت «الجماعة الإسلامية» اطّلاعها المسبق على البيان المشترك مع قوى 14 آذار في إقليم الخروب، والذي «تعرّض بالنقد والتجريح للإخوة في حزب الله والمقاومة الإسلامية»، مؤكدة عدم موافقتها عليه، وتمنّت لو أن الحزب تمهّل قبل إصدار بيان الرد، «وأفسحوا في المجال للجماعة كي تتصرف إزاء الإشكالية المترتبة».

الجميّل وصفير في الدوحة

على صعيد آخر، زار أمس وفد من المكتب السياسي لحزب الكتائب ضم نائب رئيس حزب الكتائب سليم الصايغ، رئيس إقليم زحلة إيلي ماروني وسامي الجميل، مقر حزب الطاشناق في برج حمود. ووضع الصايغ، اللقاء، في إطار تأسيس علاقة سليمة «كما كانت في الماضي»، وهو استكمال لاتصالات سابقة، قائلاً: «إننا في مرحلة إعادة بناء الثقة على أساس واضح مع حزب الطاشناق ومع الأرمن في لبنان». فيما وصف النائب آغوب بقرادونيان، الجو بأنه مريح، وأن اللقاء يصب «في خانة توجهنا والوصول إلى الحوار والاعتدال»، رافضاً ربط الموضوع بتكتل التغيير والإصلاح، ومكرراً أن وجود نواب الحزب في التكتل «وجود حليف، نحافظ على استقلاليتنا»، وقال إن عون «يحترم استقلاليتنا، بل يطالب بها».
في الدوحة، استقبل أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وعدد من المسؤولين القطريين، كلاً من البطريرك نصر الله صفير، والرئيس أمين الجميل، وشدد على أهمية دور لبنان في المنطقة «وضرورة استعادة مكانته التي كان عليها»، مكرراً استعداد بلاده «لدعم هذا الوطن حتى يستعيد استقراره وأمنه ودوره الطليعي». فيما دعا الجميل إلى «فك الارتباط بين لبنان والصراعات الإقليمية والدولية التي تتفاعل على حساب لبنان».