غياب ممثلي التيار الوطني الحر والحزب الشيوعي اللبناني، إضافة إلى قوى معارضة أخرى، عن المشاركة في الاعتصامات الرمزية التي أقيمت في شتورة وغيرها من مناطق البقاع الأوسط والشمالي والبقاع الغربي وراشيا، كان العلامة الفارقة في التحرك البقاعي أمس.وقد بررت قيادات معارضة في البقاع «الغياب العوني» وأحزاب أخرى بـ«الاتفاق المسبق» الذي توصلت إليه قوى المعارضة في البقاع ليل أول أمس، وأفضى إلى إقامة اعتصام رمزي في ساحة شتورة طوال فترة ما قبل الظهر، ومن ثم الانسحاب بهدوء. وأضافت أن عدم دعوة قوى المعارضة في مدينة زحلة إلى المشاركة في الإضراب «يعود إلى الظروف المستجدة التي تعيشها زحلة منذ جريمة اغتيال قياديين في حزب الكتائب، ومن هنا تركت الحرية لأنصار المعارضة والاتحاد العمالي تنظيم تحركهم أو إضرابهم». ولكن جهات حزبية من المعارضة وجدت في عدم حث التيار الوطني الحر والكتلة الشعبية في زحلة أنصارهما على الإضراب كحد ـدنى «أمراً لم نفهمه بعد، وإن كنا نتفهم وضع زحلة الحرج في هذه الأيام، إلا أننا لم نفهم سر عدم دعوة أنصارهما إلى المشاركة في الإضراب وإرسال وفد رمزي إلى اعتصام ساحة شتورةوعزت جهات عمالية ونقابية معارضة في البقاع عدم مشاركة قوى حزبية أخرى في التحرك العمالي ودعم الإضراب إلى «غياب التنسيق بين قوى المعارضة، وأن دعوة حزب الله أنصاره المشاركة في الإضراب والاعتصامات أنقذ التحرك من الفشل التام في البقاع». وأضافت أن «قوى حزبية رفضت حث أنصارها على المشاركة في الاعتصامات لحسابات تتعلق بأوضاعها الداخلية وانتشار أنصارها في بلدات موالية»!
ميدانياً كان يوم راشيا والبقاع الغربي عادياً، إذ فتحت المدارس الرسمية والخاصة أبوابها، في وقت كانت الأسواق التجارية تشهد حركة طبيعية، فيما التزمت قرية مشغرة بالإقفال التام.
وفي ساحة شتورة، تجمع العشرات من العمال والمزارعين في ظل إجراءات أمنية مشددة للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، ورفع المعتصمون لافتات وأطلقوا هتافات ضد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، مع قطع محدود للطريق الدولية لنحو ساعة، حيث انفضّ المعتصمون دون تسجيل أي حادث أمني. أما المدارس الرسمية والخاصة فقد شهدت تفاوتاً في الإقفال بين بلدة وأخرى، إذ شهدت مدارس قب الياس وجديتا وسعدنايل وبر الياس ومجدل عنجر يوماً تعليمياً طبيعياً، مع إقفال تام لمختلف كليات الجامعة اللبنانية.
ولم تسجل في مدينة زحلة مشاركة تذكر، إذ شهدت السوق التجارية حركة عادية، في وقت كانت المدينة الصناعية تعمل كالمعتاد. ورأى رئيس جمعية تجار زحلة إيلي شلهوب أن الإضراب «مسيس، ونحن لا نتعاطى في الأمور السياسية»، لافتاً إلى أن حركة سوق زحلة كانت طبيعية. أما الدوائر الرسمية فقد شهدت يوم عمل عادياً مع تراجع ملحوظ في نشاط قصر العدل.
وفي البقاع الشرقي، عم الإضراب المحدود قرى المنطقة مع قطع رمزي لطريق عين كفرزبد ـــ كفرزبد بالإطارات المشتعلة. وعند تقاطع الكرك، اعتصم مزارعون وعمال لبعض الوقت دون قطع الطريق، فيما أشعلت إطارات مطاطية على طريق رياق الدولية.
وسجل الإضراب التزاماً واسعاً في مدينة بعلبك ومنطقتها، لا سيما على صعيد قطاع النقل، وأقفلت المحال التجارية والثانويات والمدارس. وقد واكبت حركة الإضراب إجراءات أمنية مشددة، وشلت الحركة داخل المدينة وسط انتشار وحدات الجيش اللبناني والمدرعات عند مداخلها وفي أحيائها، وأقيمت الحواجز العسكرية. وعند مدخل مدينة بعلبك الجنوبي قرب مفترق بلدة دورس، تظاهر العشرات، كما قطع بعض تقاطع البلدات الممتدة على طول الطريق الدولية.
وتميز الإضراب في منطقة غربي بعلبك عن سابقاته من الإضرابات التي شهدتها المنطقة، وذلك لناحية عدم إشعال الإطارات المطاطية وإقفال الطرق، واقتصر على الإقفال التام.
وفي البقاع الشمالي، لبى أبناء اللبوة ـــ العين ـــ النبي عثمان ـــ رأس بعلبك ـــ الجديدة ـــ الفاكهة القاع والهرمل الدعوة إلى الإضراب، فيما لم تلتزم بلدة عرسال، وكانت الحركة فيها شبه عادية.
وفي مدينة الهرمل، اجتمع المتظاهرون أمام السرايا الحكومية وأشعلوا الإطارات التي استطاع الدفاع المدني إطفاءها غير مرة، مما دفع بثلة من الشباب المتظاهرين للانتقال إلى أمام بلدية الهرمل وإشعال الإطارات التي رافقوها بوابل كثيف من الحجارة وما ملكت أياديهم، مما أجبر القوى الأمنية على التراجع. وبعد فترة غير قصيرة من الكر والفر، حصل اشتباك طفيف بين الفريقين، أدى إلى جرح آمر فصيلة درك الهرمل النقيب أحمد مظلوم، مما استدعى بعناصر الدرك إلى تفريق المتظاهرين واعتقال خمسة من المشاغبين.
(شارك في التغطية: عفيف دياب، نقولا أبو رجيلي، نيبال الحايك، أسامة القادري، علي فوعاني، فيصل طعمة، شريف سريوي، رامح حمية، علي يزبك، ورامي بليبل)