راجانا حميّةعند طريق مطار رفيق الحريري الدولي، كلّ شيء بات محسوماً نحو «المعركة» المفترضة: سواتر ترابيّة وإطارات مشتعلة وحرس.
هنا، خارج المطار، لم يتغيّر المشهد عمّا كان في اليوم الأوّل للإضراب، المعتصمون ومكبّرات الصوت التي لم تخفت أصواتها منذ ساعات الصباح الأولى والإطارات المشتعلة والسواتر الترابيّة التي ما عادت في مواجهة المطار فقط، بعدما زنّرته من الجهات جميعها. وفي الخارج أيضاً، لم يعد الجيش «حاكماً» وحيداً، فبات على قاصد المطار المرور بمسؤول الانضباط والتعريف بهويّته قبل ولوج الباب الرئيسي للمطار، باستثناء الموظّفين أو من حضر منهم، فهؤلاء يسعفهم «اللباس» في تخطّي الحواجز، دون الخوض في الأسئلة.
عند الدخول إلى حرم المطار لا يعود المشهد مألوفاً. المدرّجات فارغة من طائراتها، ولا أحد يشغل الباحة الرئيسيّة سوى عناصر القوى الأمنيّة، بعدما توقّفت الرحلات منذ مساء أول من أمس.
ولئن كان المطار المقفر يسرد حكايته بنفسه، فإنّ أحد المسؤولين في رئاسة أمن المطار أكّد «أنّ العمل في المطار يسير بشكله الطبيعي بدءاً من رئاسة المطار وصولاً إلى برج المراقبة، كما أنّ جهاز الأمن قدّم الكثير من التسهيلات للعائدين أوّل من أمس، غير أنّه لن يستطع تقديم الخدمة نفسها في الفترات المقبلة». وإذ لفت إلى أنّ الرحلات متوقّفة حتّى «هذه اللحظة»، لم ينف احتمال قيام بعض شركات الطيران بالعودة الاستثنائيّة عن قرار المنع.
جوّ رئاسة المطار بدا إيجابيّاً مقارنة بما يحدث في الخارج، غير أنّ من حضر من الموظّفين لم يكن بتلك الإيجابيّة، إذ يلفت أحد الموظّفين إلى «أنّ المطار للمرّة الأولى يشهد هذا الفراغ، فإضافة إلى غياب المسافرين، لم يمتثل بعض الموظّفين لقرار الإدارة، فبقي في منزله إمّا خوفاً وإمّا مجبراً لتعذّر الوصول».
مقابل هذا الغياب اللافت للمسافرين، ثمّة من احتفظ ببعض التفاؤل وانتظر، علّها تنفرج. تسعة مسافرين فقط يتهيّأون لرحلةٍ مفترضة. حضروا منذ ساعات الصباح الأولى، وقد يبقون حتّى آخر ساعات الليل، كما يؤكّد محمّد، أحد المسافرين إلى فرنسا.
محمّد الذي حضر وعائلته يعرف أنّ طائرته لن تقلع في الوقت المحدّد، ولكن «علينا الانتظار، فإمّا الرحيل وإمّا العودة إلى المواجهة»!