ن. ف.تجمّع عدد من الأطفال، يحمل أحدهم كرة، أقفلوا مدخل أحد الشوارع وباشروا في لعب كرة القدم. سدّوا الشارع، ومن حاول فتحه أو اختراقه من سيارات مواطنين، قوبل باحتجاجهم وذرائعهم المتعدّدة: «الطريق مقطوعة. اسألوا الحكومة عن السبب» أو «ممنوع المرور، حاول غير شارع» أو حتى «اذهب واسأل المسؤول، نحن ننفّذ الأوامر فقط». ولم تفتح الطريق إلا بعد جهود بذلها عدد من شباب «الحركة»، فـ«مسح الأطفال الموضوع بذقن أحدهم» وأعيد فتح الطريق.
عادت الحياة إلى طبيعتها في أحياء بربور والنويري ورأس النبع التي أطلقت الشرارة الأولى لاشتباكات العاصمة: المحال التجارية فتحت أبوابها، وتعدّدت زيارات الاطمئنان على الأحوال، فيما ساهم نهار الأحد في تخفيف حركة السير والمحال.
في النقطة الجامعة بين كل من البسطة الفوقا، بربور ورأس النبع، يجتمع عشرات الشبّان من حركة أمل. يجلسون بهدوء دون التعرّض لأحد، تتوسّطهم النراجيل، يستمعون إلى أغاني «الحركة» وبعض الزجل «المقاوم».
«كنا متجمّعين في الصباح، مستعدّين لأي محاولة اعتداء من الطرف الآخر»، يقول الشاب، مؤكداً أنّ القيادة طلبت منهم البقاء في حالة تأهب قصوى تحسباً لأي تطوّر أمني. منذ ساعات الظهر، سكّرت عناصر الجيش مداخل المنطقة المطلّة على كورنيش رأس النبع الفاصلة بين أنصار المعارضة والموالاة، إلا أنّ الآليات كانت توجّه مدافعها الرشاشة نحو رأس النبع الغربية، أي نحو نقاط تجمّع المعارضين، فاستنفر الشبّان، وزادت نقمتهم عند وصول باصين كبيرين يحملان أكثر من سبعين مسلّحاً أكثرياً إلى شوارع رأس النبع الشرقية. يروي المقاتل أنّ القيادة لم تصدر أي أمر ببدء القتال، إلا أنّ الشبان أخذوا على عاتقهم الأمر، فتحرّكت 3 مجموعات، إحداها من منطقة «الخندق الغميق»، صوب المقلب الآخر من الشارع وبدأت عملية اقتحام المراكز، مؤكداً أنّ أحدها سقط بـ«رمي 3 قنابل يدوية، فهربت العناصر من داخلها، ودخلناها ليعود ويتسلّمها الجيش».
يؤكد الشاب أنّ كل المسلّحين سحبوا من الشوارع وأنّ المسألة تحوّلت إلى متابعة أمنية، مشيراً إلى أنّ الوضع تحت السيطرة و«خاصةً مع انتشار الجيش في المنطقة». ويسرد الشاب مجموعة من الأحداث التي جرت في المنطقة خلال السنتين الماضيتين، من «حركات قرعة واستفزازات واعتداءات على شبّاننا»، فكانت العملية الأخيرة في جزئها الأكبر للتخلّص من الضغوط النفسية التي مورست على الشبان خلال الفترة الأخيرة.