strong>جنبلاط يفوّض أرسلان وضع الجبل في عهدة الجيش وصفير يدعو إلى الحوار
يفتح الأسبوع السياسي على تحرك عربي جديد في إطار البحث عن مخرج للأزمة اللبنانية المستفحلة، ولكن هذه المرة على وقع متغيرات سياسية عميقة فرضتها المعارضة عسكريّاً على الحكومة و«قوى 14 آذار» قد تدفع باتجاه الحل

بانتظار وصول الوفد العربي إلى بيروت بتكليف من اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي انعقد في القاهرة أمس، عكف فريقا الموالاة والمعارضة على ترتيب أوراقهما الجديدة بعد التغيير الذي أحدثته التطورات العسكريّة على الأرض. وعشية وصول الوفد، عقد اجتماع وزاري تشاوري في السرايا الكبيرة برئاسة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، سبقه لقاء بين الأخير والقائمة بالأعمال الأميركية في لبنان ميشيل سيسون التي كانت قد التقت أيضاً رئيس حزب الكتائب أمين الجميل الذي عاد إلى لبنان عن طريق قبرص، وحضر اللقاء الوزيران نايلة معوض ومروان حمادة.
ويتوقع أن يجتمع مجلس الوزراء اليوم للبحث في طلب قيادة الجيش إلغاء القرارين المتعلقين بشبكة اتصالات المقاومة ونقل رئيس جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير إلى ملاك الجيش، بعدما كانت قيادة الجيش قد قررت إبقاء العميد شقير في مركزه ومعالجة موضوع شبكة الاتصالات من قبل سلاح الإشارة بما لا يضر بالمصلحة العامة وأمن المقاومة، رداً على وضع الرئيس السنيورة القرارين اللذين فجّرا الوضع الأمني، في عهدة الجيش.
رئيس الحكومة لا يرى للعنف نتيجة
وكان السنيورة قد أوضح أن موضوع القرارين متروك لما بعد عودة الوزير طارق متري من القاهرة، مشيراً إلى أن «هذا الموضوع سيبحث داخل مجلس الوزراء وهو يقرر الطريق إلى هذا الأمر وما بعد هذين القرارين».
سئل: المعارضة تقول إن القرارين صدرا بالفعل، لا كما قلت أنت إن القرارين لم يصدرا، وقد أبرزت وثائق بذلك. فبماذا تردّ؟ أجاب: «لقد حصل خطأ في التعبير، كان المقصود أن نقول إن المراسيم لم تصدر، فقلنا إن القرارين لم يصدرا. فيما كان يجب أن نقول: المراسيم لم تصدر، وهذا ما حدث. إنه خطأ في التعبير».
ورأى السنيورة بعدما وقف دقيقة صمت عند الساعة الثانية عشرة تماماً في الباحة الداخلية للسرايا الكبيرة إلى جانب عدد من الوزراء حداداً على أرواح الضحايا الذين سقطوا في حوادث اليومين الماضيين «كخطوة أولى للإعلان عن رفض العنف والتقاتل الداخلي والاحتراب الأهلي»، أن «أساليب العنف لم تؤد إلى أي نتيجة، ولن تؤدي في المستقبل إلى أي نتيجة».
وكان السنيورة على اتصال مع الوزير متري الذي وصل إلى القاهرة مساء أول من أمس لتمثيل لبنان في اجتماع وزراء الخارجية العرب، كما سافر معه مستشار رئيس الحكومة الدكتور محمد شطح.
وتلقى السنيورة اتصالات من كل من رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ووزيري الخارجية السعودي سعود الفيصل والمصري أحمد أبو الغيط.
وتلبية لدعوة رئيس الحكومة، وقف عدد من المواطنين في بعض المناطق دقيقة صمت حداداً على أرواح ضحايا المعارك.

المختارة توسّط خلدة لدى المعارضة

وفيما نعمت بيروت والشمال والبقاع بالهدوء وانتشر الجيش في هذه المناطق بعد إزالة المعارضة المظاهر المسلحة فيها، انتقلت المعارك بعد ظهر أمس إلى الجبل، ما حدا برئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط إلى تدارك تدهور الوضع بتفويض رئيس الحزب الديموقراطي النائب السابق طلال أرسلان بإجراء اتصالات مع قيادات المعارضة لتسليم مناطق الجبل إلى الجيش اللبناني.
وقال جنبلاط في حديث إلى محطة «ال بي سي»: «لقد تطورت الأمور بشكل مفاجئ، الأمر الذي يهدد السلم الأهلي في منطقة عاليه ومنطقة الشويفات والجوار، والعيش المشترك بيننا وبين إخواننا من الطائفة الشيعية الكريمة، لذلك قررت وبعد التشاور مع دولة الرئيس نبيه بري أن يتولى الأمير طلال أرسلان، وفق اتصالاته، موضوع وقف هذا النزف وهذا الدمار الذي سيلحق بالجميع»، متمنياً على أرسلان أن ينسّق، وأن يكون الجبل في عهدة الجيش.
وتوجه جنبلاط إلى أنصاره بالقول: «السلم الأهلي والعيش المشترك ووقف الحرب والدمار أهم من كل اعتبار»، كما طلب من الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله «ألا يجعل الطائفة الدرزية تدفع ثمن ثأر شخصي».
إلا أن زعيم المختارة اتصل بعد دقائق من إدلائه بهذا الحديث ليوضح «كي لا يفهم كلامي على غير محمله» أن ما قصده بـ«الثأر الشخصي» هو «الخلاف السياسي» بين حزب الله والحزب الاشتراكي الذي يتزعمه.
وفي حديث آخر، قال جنبلاط إن «أيام الحرب الأهلية ولت»، متمنياً أن تكون «سلطة الدولة هي السلطة الوحيدة». واتهم البعض بـ«إرادة الاستيلاء على الجبل»، نافياً أن تكون لدى حزبه ميليشيا «بل بعض الأسلحة الفردية التي لا تمكّننا من مواجهة الماكينة العسكرية لحزب الله»، مطالباً بأن تكون الدولة هي صاحبة قرار الحرب والسلم. وأكد بقاءه في بيروت، مشدداً على أن مشروعه ومشروع فريقه هو «مشروع الدولة».
من جهته، أعلن أرسلان في مؤتمر صحافي في خلدة أنه سمع نداء جنبلاط، لافتاً إلى أن الأخير اتصل به، وأكد أرسلان «أنه مهما حصل، لا يمكن أن يكون هذا الجبل طعنة في ظهر المقاومة، بل العكس أؤكد للمقاومة وللمعارضة أن هذا الجبل وأبناء معروف والموحدين الدروز في الجبل لا يمكن إلا أن يكونوا حماة صادقين لظهر المقاومة ولاحتضان المقاومة الشريفة التي ضحت بالغالي والرخيص من أجل الحفاظ على هوية لبنان وسيادته واستقلاله ضد العدوان الإسرائيلي المستمر منذ عقود على لبنان وعلى اللبنانيين».
وأعلن أنه فاوض في بعض الأمور الأمنية التي تتعلق بالمراكز المسلحة ومخازن الأسلحة في الجبل للحزب التقدمي الاشتراكي، مؤكداً أن المعارضة وافقت على أن يتم تسليم المراكز ومخازن الأسلحة بالتنسيق مع جنبلاط إلى الجيش. وتمنى «على كل أبناء الجبل، وتحديداً أطالب وأناشد أنصار المعارضة بفئاتها كافة بضبط النفس ووقف إطلاق النار»، مشيراً إلى أنه سيتصل بقائد الجيش العماد ميشال سليمان ليباشر معه خطة انتشار الجيش اللبناني في المنطقة وإنهاء المواجهة من أي جهة أتت.

وهاب يحذّر من المناورة

وأوضح وزير الإعلام غازي العريضي أنه حصل الاتفاق على تفويض أرسلان بما أعلنه النائب جنبلاط، متمنياً أن يتوقف كل شيء و«أن نذهب إلى النقاش والحوار السياسي الهادئ الذي يوصلنا إلى معالجة كل المشاكل».ووصف منزله في بيصور، الذي تعرض للقصف واحتجزت فيه عائلته، بأنه «أحد مواقع بيصور الوطنية العربية البطولية الذي كان عليه كل الرجال الذين دافعوا عن وحدة لبنان وعروبته وانتمائه». وتوجه إلى السيد نصر الله «الذي اعتبرني صديقاً سابقاً»، قائلاً: «هذا البيت كان بيت مقاومة ويبقى بيت مقاومة، وإذا كان أحد يريد استهداف البيت لأي سبب من الأسباب، فهذا البيت هو للمقاومة ولن يجدوا فيه إلا صور الأحرار والوطنيين والشرفاء والكتابات عن الأحرار والوطنيين والشرفاء. لن يجدوا فيه إلا صور غازي العريضي مع السيد نصر الله ومع رجال المقاومة في الجنوب وصور عمر ابني، مع رجال المقاومة في الجنوب. هذه أغلى المحطات وأغلى الصور».
ورداً على سؤال عن مصير المخطوف من «حزب الله» من جانب الحزب التقدمي الاشتراكي، أوضح العريضي: «أن البحث لا يزال جارياً في هذا الموضوع».
في المقابل، رأى رئيس تيار «التوحيد اللبناني» وئام وهاب في نداء النائب جنبلاط «مناورة»، متمنياً أن لا يلاقيه أحد فيها. وشدد على أن «الأمن الخاص في الجبل انتهى، وعلى وليد جنبلاط أن ينفذ الأمر من دون مواربة ومناورة».
وطالب وهاب جنبلاط بتسليم الأسلحة وإقفال المكاتب فوراً، مؤكداً مشاركة تياره في المعارك الجارية في الجبل، نافياً في الوقت عينه أن يكون «حزب الله» مشاركاً في هذه المعارك.

«الجيش عالج الأمور بحكمة»

في موازاة ذلك، توالت المواقف السياسية أمس من التطورات العسكرية وتقويم نتائجها. وفي السياق، وجّه الرئيس العماد إميل لحود نداءً جاء فيه: «بعد مرور ثلاثة أيام على التطورات الأخيرة التي تشهدها البلاد، وفيما يتوسع نطاق المواجهة وتنتقل النار من بيروت إلى الشمال والبقاع والجبل، فتكبر المأساة وتسقط الضحايا البريئة ويعيش اللبنانيون فصلاً جديداً من فصول الخوف والرعب والتهجير والنزوح. في هذا الوقت العصيب، أناشد جميع القيادات المعنية وقف التخاطب بلغة النار ولا سيما في منطقة الجبل الذي يتعرض عدد من قراه لقصف مدفعي وتراشق بالأسلحة الثقيلة، والعودة إلى لغة العقل والحوار، وذلك من خلال تمكين الجيش اللبناني فوراً من تسلّم الأمن في كل المناطق اللبنانية من دون شروط، وسحب المسلحين، لأن هذه المؤسسة الوطنية باتت المؤسسة الوحيدة التي يجمع اللبنانيون على دعمها وتأييدها والقبول بدورها، بعدما باتت المؤسسات الأخرى إما معطلة أو موضع خلاف عميق».
أضاف: «إن تمكين الجيش من إعادة ضبط الوضع الأمني في المناطق اللبنانية المضطربة، يفترض أن تواكبه فوراً عودة إلى الحوار الجدي للوصول إلى توافق على القضايا المختلف عليها، تحقيقاً لشراكة وطنية كاملة، لا مكان فيها لغالب ومغلوب، ولقاهر ومقهور، ومهيمن ومهمش. هذا الحوار الذي طالما دعوت إليه وحذرت من عدم التجاوب معه، يبدو اليوم في هذه اللحظات العصيبة التي يعيشها لبنان، حاجة ضرورية وملحة ومخرجاً وحيداً للأزمة التي بدأت تأخذ منحى خطيراً يخشى أن يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه».
وناشد القيادات اللبنانية أن تعي «خطورة ما يحصل، وتضع ثقتها بالجيش الوطني، وتنطلق إلى الحوار الذي يحمي الوحدة الوطنية، ويعيد إنتاج المؤسسات التي تحفظ للبنان دوره وحضوره وتؤمن للبنانيين الراحة والطمأنينة».
وأكد الرئيس نجيب ميقاتي أن الجيش يتصرف في مواجهة الحوادث الجارية «بمسؤولية وحكمة وفق المستطاع، للحفاظ على وحدته». ولفت إلى «أن الأطراف المتخاصمة تقيّم موقف الجيش انطلاقاً من انسجامه مع طموحاتها ومواقفها، فيما الجيش هو فوق صراعات الموالاة والمعارضة». وسأل: «هل المطلوب أن ينهار الجيش ونخسر الورقة الأخيرة الباقية من حكم المؤسسات؟».
وقال ميقاتي رداً على سؤال: «كل فريق يعطي توصيفاً لما يحصل وفق قاموسه، لكن رأيي الشخصي أن ما يجري هو خسارة للبنان ككل وللطرفين المتخاصمين. المعارضة خسرت بتوغّلها في أوحال الشارع، والمقاومة انجرفت بشكل أو بآخر في الصراع الداخلي، كما أن قوى الموالاة خسرت أيضاً الكثير مما كانت تعتد به لجهة امتلاكها القرار، مستندة إلى حجم التمثيل الشعبي. ما يحصل يجب أن يكون عبرة للجميع أنّ لبنان لا يحكم إلا بالمشاركة والتوافق والتعاون، ويقتضي التخلّي عن سياسة العناد والمكابرة التي حكمت الأداء السياسي لفريقي الموالاة والمعارضة على مدى السنتين الماضيتين، للعودة إلى كلمة سواء، لتنطلق فعلياً عجلة الحل المنشود».
ورفض أن يقدم السنيورة استقالته، لأنه «في ظل الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية، فإن الحكومة تقوم دستورياً بمهام الرئاسة». ورأى أن الاستقالة «ستوصلنا إلى الفراغ الدستوري، ويدخل البلد في المجهول».
وسأل النائب بطرس حرب: «كيف لنا أن نلبي الدعوة إلى الحوار السياسي، والسلاح مشهور في وجهنا والطرق مقفلة ومنها طريق المطار؟»، داعياً حزب الله إلى أن «يؤكد للبنانيين من جديد العودة إلى التزام عدم استخدام سلاحه مطلقاً وفي ظل أي وضع أو خلاف. وإذا لم يفعل حزب الله ذلك فكيف يمكن إجراء الحوار الحر؟».
وقال: «إذا كانت الحكومة ــــ فرضاً ــــ قد اتخذت قراراً سيئاً وأن القرارين المشكو منهما في جلستها الأخيرة قراران خاطئان، فهل يجوز مواجهتهما بالسلاح؟ ولماذا أنشئت المؤسسات الدستورية؟ ولماذا كان الاتصال السياسي بين الناس والحوار الديموقراطي وكيف يمكن تجاوز القانون وقوى الجيش والأمن؟».
ورأى أن «موقف قائد الجيش دقيق وحرج، وهذا ما استدعى بنظره بقاء الجيش على الحياد، لكن ما صدر عن قيادة الجيش البارحة يدل على أن الجيش وقوى الأمن لم يعد بمقدورهما البقاء متفرجين، فيما المواطن عرضة للقتل والاعتداء».
ورأى رئيس حركة «التجدد الديموقراطي» نسيب لحود أن «أحداث الأسبوع الماضي تشكل بفداحتها أكبر اهتزاز للسلم الأهلي منذ انتهاء الحرب عام 1990 وأكبر انتكاسة للصيغة اللبنانية منذ استقلال لبنان». وأشار إلى أن «أي تهدئة لن تكون بعد اليوم في نظر العديدين سوى محطة انتظار موقتة لترتيب شؤون الذات لا شؤون لبنان كما عرفناه حتى اليوم». وقال: «إن سلوك حزب الله في المقبل من الأيام سيكون له الأثر الحاسم على صيغة لبنان ووحدته، اللتين سنبقى من جهتنا متمسكين بهما حتى الرمق الأخير».

«بيروت تحوّلت إلى بغداد ثانية»

وتعليقاً على الحوادث الجارية، قال تيار «المستقبل» في بيان له: «يأبى المعتدون على السلم الأهلي، وبعد مرور خمسة أيام على «جهادهم» في العاصمة وضد أهاليها، إلا أن يستكملوا السعي إلى تحويل بيروت إلى بغداد ثانية، وزرع الفتنة المذهبية التي يرفض أهل المدينة جرّهم إليها، وقد تجلى ذلك في الإصرار على مداهمة البيوت واعتقال رجالها وأبنائها وتنفيذ عمليات خطف للمواطنين العزل».
واتهم ما سماه «ميليشيات حزب الله وملحقاته» بـ«التلطي وراء عملاء المخابرات السورية الذين أخرجتهم من جحورهم التي اختبأوا فيها منذ إخراج الجيش السوري من لبنان عام 2005، لينفذوا عمليات الاعتداء على حريات المواطنين وإهانتهم واعتقالهم، وهذا ما شهدته اليوم أحياء الزيدانية وساقية الجنزير وعائشة بكار وعين المريسة، إضافة إلى شارع شبعا في الشويفات».
وراى «أن البطولات الوهمية التي ترتكبها ميليشيات الحزب وملحقاته، علناً وبالواسطة، ومحاولتهم افتعال التحارب مع أهل بيروت تحديداً، تزيد اللبنانيين إصراراً على أهمية بناء الدولة ومؤسساتها على أنقاض الدويلات والحالمين بها وبمواصفاتها المفصلة على مقاساتهم ومقاسات مخططات إقليمية تناقض العروبة وقيم الحرية والعدالة والديموقراطية والسلم الأهلي».

قبلان: الخلاف سياسي لا مذهبي

وأكد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، «أن ما جرى من أحداث مؤلمة حصلت نتيجة خلافات سياسية لا يجوز تحريفها لتكون مذهبية. فالخلاف في لبنان سياسي بامتياز وليس خلافاً مذهبياً أو دينياً، فالطوائف في لبنان متفقة ومتعاونة ومتواصلة، ولا يوجد أي مشكلة بين طائفة وأخرى، سواء كانت مسيحية أو إسلامية فلا يوجد خلاف بين المسلمين والمسيحيين أو بين السنّة والشيعة، فما يجري في لبنان منشأه سياسي، ونحن على تواصل مع المرجعيات الدينية الإسلامية والمسيحية. فالمسلمون والمسيحيون إخوة وشركاء، والسنّة والشيعة في لبنان متحابّون ومتعاونون، وهم يد واحدة يتوحدون تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله». وأكد الشيخ قبلان «أن الحديث عن خلافات ونزاعات مذهبية ليس صحيحاً، فلا علاقة للدين في الصراع الدائر حالياً، ونحن نعمل باستمرار لفض الخلافات وحل المشاكل بين اللبنانيين، لكن هناك جهات خارجية تضرم النار بين اللبنانيين وتثير النعرات المذهبية في صفوفهم، لذلك نطالب اللبنانيين بنبذ الخلافات والابتعاد عن التشنجات وتوحيد الصفوف والعمل لمصلحة الوطن وأهله».

زوبعة قصيرة والوحدة ستنتصر

ومن جنوب افريقيا، رأى البطريرك الماروني نصر الله صفير «أن ما يحدث الآن في لبنان هو عملية تنفيذ أجندات خارجية تخدم أكثر من دولة، ولو أن الأمر ترك للبنانيين وحدهم فقط لما حصل ما نراه اليوم في لبنان».
ووجه نداءً إلى جميع الأفرقاء اللبنانيين بأن «يتوجهوا إلى طاولة الحوار والمفاوضات السلمية، وترك كل أعمال العنف التي لا تخدم لبنان ولا الشعب اللبناني، بل تخدم من لهم مصالح في لبنان وهم ليسوا لبنانيين»، وتوقع «عودة الأوضاع إلى طبيعتها»، مؤكداً أن «ما يحدث ليس إلا زوبعة قصيرة لا مدى لها وأن الوحدة اللبنانية سوف تنتصر في القريب العاجل».
بدوره، قال رئيس الهيئات الاقتصادية عدنان القصار «لقد حذرنا منذ زمن بعيد جميع القوى السياسية في البلاد من مخاطر الشارع، ولطالما حذّرنا من انعدام الحوار وانسداد آفاق التواصل السياسي بين القوى المعنية بمصير الوطن، وللأسف ذهبت البلاد نحو التصادم»، داعياً جميع الأفرقاء للعودة إلى الحوار والبحث جدياً في حلول حقيقية تنهي هذه الأزمة التي نعتقد بأنها اليوم أشبه بكرة نار نحملها جميعاً بين أيدينا».
ورأى الأمين العام للحزب الشيوعي الدكتور خالد حدادة أنه « لو نفّذت الحكومة قرار قيادة الجيش في ما يتعلق بقراراتها لتفادينا ما يحصل في الجبل اليوم وكذلك في بيروت»، ووجّه نداءً إلى جميع الشيوعيين وأبناء الجبل من موقعهم الوطني الديموقراطي الذي يمتلكونه، أن يتعاونوا مع أرسلان ومع كل القوى الفاعلة في المنطقة، مع الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الله ومع قيادة الجيش لإيقاف ما يجري لأنه يمثل مجزرة في الجبل وفي الوطن».


قبّاني يدعو للتهدئة وتحكيم العقل

استأنف مفتي الجمهورية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني نشاطه حيث استقبل، في دار الإفتاء، نقيب الصحافة محمد البعلبكي، الذي قال إثر اللقاء: «كانت لنا جولة أفق مع سماحته، ومن ناحيتي كنت حريصاً على أن أؤكد لسماحته أن التطاول على رجال الدين أياً كانوا أمر غير مسموح به، وأياً كان مصدره. لرجل الدين في هذا البلد وعندنا جميعاً مسلمين ومسيحيين احترام رجال الدين في كل ما يصدر عنهم من أقوال وتصريحات».
أضاف: «اطلعنا على رأيه في ما هو حاصل وفي ما حصل في الايام الاخيرة، فسمعت من سماحته دعوة صادقة الى التهدئة والعودة الى تحكيم العقل في كل تصرف، وهذا التوجه من سماحته مستوحى من إيمانه العميق بالله سبحانه وتعالى وبهدي القرآن الكريم، وسمعت أيضاً من سماحته شجباً لما تعرضت له الصحافة اللبنانية والإعلام اللبناني من عدوان ليس له أي مبرر وإنما هو اعتداء على حرية الرأي والتفكير والعقيدة».
من جهة أخرى تلقى المفتي قباني اتصالين من النائب السابق تمام سلام ومن رئيس جمعية المقاصد أمين الداعوق وجرى البحث في آخر المستجدات على الساحة.