فداء عيتانيأخطر ما أصاب الموالاة هو ما أصاب رجلاً كان يراهن على أنّ الكون كلّه خلفه وينتظر إشارة من بنانه، وأن السفراء ينتظرون أمام بابه للدخول والحصول على رضاه وأوامره اليومية، ثم اكتشف ذات صبيحة أنّه معزول بمفرده داخل قصره، وأنّ حرسه الشخصيين على أهبة الفرار، وأنّ الصحافيين الذين أسكنهم في محيط قصره وفي داخل مربّعه الأمني تخلّوا عن منازلهم خوفاً من وصول قوى المعارضة إليهم، وأنّه لم يحصد من كل الأموال التي أنفقت تحت مسمّى التدريب والتجهيز والحماية أكثر من خسارة جمهوره وكراهيتهم له ولكل الأطراف الأخرى.
«لا قاعدة في لبنان، والقاعدة في لبنان هي قاعدة مزوّرة، زوّرها لنا النظام السوري»، هكذا كانوا يقولون له. وبالأمس اكتشف أن من كان يسرّ في أذنه ويقبض من مصارفه قد تحوّل إلى الفرار، وأن السفير الذي طالما همس بأذنه داعياً إياه إلى الصمود قد فر بحراً، وأن الجنرال يقول له كل صباح إنه لا أحد يراسلنا. وربما في الغد حين تنقله طائرة خاصة خارج البلاد سيرى صورة أوضح وينضج قليلاً، قبل العودة إلى اللعب بالنار.