Strong>وسط صراع بين “الاشتراكيين” في الجبل ومعارضة يقودها حزب اللّه، وجد الأهالي أنفسهم أمام مشهد دمويّ لم يشهدوا مثله منذ زمن. وهم يحمّلون حزب اللّه مسؤولية ما جرى
بدا أمس سكّان مناطق جبل لبنان في حال من الصدمة والذهول غداة المعارك العنيفة التي دارت بين مقاتلي المعارضة والحزب التقدّمي الاشتراكي.
وتقول ندى (49 عاماً) التي لم تجد وسيلة تحميها من المعارك إلا بأن تختبئ طيلة أربع ساعات تحت درج المنزل بينما كانت المعارك الطاحنة تدور في الخارج، «نحن مخدّرون من الخوف والتوتّر اللذين عشناهما البارحة».
أما الموظف في بلدية الشويفات الشيخ عبد الله الخشن فيقول «أعتقد انهم ضلوا طريقهم الى تل أبيب، ولكننا مع هذا نسامحهم»، وذلك في إشارة الى تأكيدات حزب الله في السابق أن سلاحه لن يوجه الى الداخل وأن مهمته هي حصراً مقاومة إسرائيل.
قلّة من السكان تجرّأوا على الخروج من منازلهم في الشويفات التي امتلأت طرقاتها بسيارات متفحّمة، وزرع الكثير من أبنيتها بآثار الرصاص، فيما فتحت القذائف فجوات كبيرة في جدران أبنية أخرى. وفي بعض المنازل، مزقت صور للنائب وليد جنبلاط بضربات سكين.
وتقول نيفين نعيم (28 عاماً) التي عاشت وطفلتها ابنة الخمسة أعوام رعباً ما بعده رعب عندما انفجر صاروخ في الطبقة العلوية من منزلها، ولم تجد ملاذاً إلا بأن تحتمي وطفلتها تحت السرير «لم نعلم ماذا نفعل، ماذا كان بإمكاننا أن نفعل؟».
وتضيف بمزيج من الغضب والاسف «هل ترين يهوداً هنا؟ هل يحاول (الامين العام لحزب الله السيد) حسن نصر اللّه تحرير مزارع شبعا انطلاقاً من هنا؟».
وفي شقّة قريبتها في الطبقة العلوية التي تعرّضت للقصف، لا تزال رائحة البارود تملأ المكان. الجدران سوداء والنوافذ محطمة، أما المفروشات فاستحالت رماداً. وبينما كانت نيفين تتفقّد الاضرار، سألت بعينين دامعتين «كيف سنصدق مجدداً أن سلاحهم سيحمينا؟».
أما فراس (28 عاماً) وهو من سكان الشويفات فيقول «لم يكن لدينا إلا سلاحنا الفردي فيما كان المهاجمون يمطروننا برصاص رشاشات أم 16 وبالصواريخ والقذائف». ويضيف «ماذا كان بإمكاننا أن نفعل بدون سلاح؟ ماذا كان بإمكاننا أن نفعل؟ حتى سلاحنا الفردي نفدت ذخيرته ولم تكن لدينا ذخيرة إضافية».
وبالانتقال الى قرية بيصور، لا يختلف المشهد كثيراً. ويقول علاء (55 عاماً) وهو من سكان بيصور «هناك قول مأثور يقول اكذب، اكذب، لا بد وأن يصدق الناس بعضاً مما تقول»، في إشارة الى حزب الله الذي اتهم الاكثرية بالعمالة لإسرائيل.
ويضيف علاء: «هل يصدقون فعلاً أننا عملاء لإسرائيل، لقد وقفنا الى جانبهم عندما اعتدت اسرائيل عليهم، هل نسوا؟»، في إشارة الى حرب تموز ونزوح العديد من أهالي الجنوب والضاحية الى الجبل. ويشك علاء في أن يكون أبناء كيفون (القرية ذات الغالبية الشيعية المجاورة لبيصور) قد شاركوا في المعارك، ويقول «لدينا تاريخ مشترك مع أبناء كيفون، العلاقات بيننا تعود الى الجدود. حتى إن هناك وفداً منهم جاءنا لتقديم واجب العزاء».
في كيفون، يردّد علي جابر (57 عاماً) الامر نفسه «نحن جيران منذ وقت طويل جداً، إن شاء الله نعود مجدداً الى بيصور وتعود العلاقات بيننا الى سابق عهدها. يجب فقط أن تهدأ الامور قليلاً». وأضاف «الحل بيد الحكومة، يجب أن تستقيل أو تلغي قراريها. هذا هو السبيل الوحيد للحل».
(أ ف ب)