ارتفعت معنويات أنصار المستقبل في البقاع. فقيادة التيار المحلية نجحت في استيعاب الصدمة بعد تراجع المعارضة عن تنفيذ خطتها في المنطقة مع بروز واضح لدور رجال الدين في رفع المعنويات
البقاع ـ عفيف دياب

استوعب تيار المستقبل في البقاع «الصدمة» التي أحدثتها تطورات الحوادث العسكرية الأخيرة ولا سيما في البقاع، حيث نجح في استغلال تراجع المعارضة عن تنفيذ خطتها المقررة للبقاعين الأوسط والغربي ومعهما راشيا، وأعاد الإمساك بشارعه الذي كاد أن ينهار تحت صدمة حسم المعارضة الوضع في بيروت لمصلحتها في ساعات معدودات. ويقول قياديون في «مستقبل» البقاع إنهم استوعبوا الصدمة الأولى التي حدثت في بيروت وارتدّت سلباً عليهم في البقاع: «إذ كنا نتوقع أن تجتاح المعارضة عسكرياً البقاعين الأوسط والغربي وراشيا، ما أحدث بلبلة في صفوفنا لا يمكن لنا تجاهلها. ولكن حين لمسنا تردداً لدى المعارضة في تنفيذ خطتها المرسومة للمنطقة، نجحنا في رفع معنويات أنصارنا وجمهورنا الذي استطاع عرض قوته في الشارع من خلال قطع الطرق ومحاصرة المعارضة في بعض نقاط وجودها أو في تلك التي اخترقتها تمهيداً لضربتها العسكرية». ولا تخفي هذه القيادات دور رجال الدين في تحريك الشارع المحلّي في البقاعين الأوسط والغربي، و«نعم، لقد ساعدنا رجال الدين في استيعاب الصدمة وإعادة تنظيم صفوفنا، وقد أحسنوا إدارة اللعبة السياسية والمفاوضات مع الطرف الآخر، ما سمح لنا بالتفرّغ لإدارة التحرك على الأرض الذي أصبح اليوم أكثر تنظيماً وبعيداً عن أي ظهور مسلّح، إذ وجدنا في التحرّك السلمي لمواجهة مخطط المعارضة سلاحاً أكثر فعالية، وهذا ما أفقدها ورقة أساسية كانت تتهددنا، كما نجحنا في إقناع المجموعات التي لا تنتمي إلينا سياسياً أو تنظيمياً بالتخلّي عن حمل السلاح، وقد أكدنا للجيش اللبناني أنه لا مسلّحين لنا في الشوارع، وأننا رفعنا الغطاء عن أي شخص يوقَف أو يُعتقَل مسلّحاً، كما أبلغنا الجيش بأن المسلّحين عند معبر المصنع لسنا مسؤولين عنهم، وهم ليسوا من تيار المستقبل».
استيعاب تيار المستقبل «الصدمة» في البقاع لا يخفي حدوث «انقلابات» داخل صفوفه أو من الذين يعدّون على ضفافه. ويقول أحد قياديي التيار في البقاع الأوسط إن: «الأزمة كشفت لنا الكثير من الأسرار التي كانت مخفية تحت عباءة التيار في البقاعين الأوسط والغربي، وكشفت لنا أيضاً وجود أعداد كبيرة من العملاء لنظام الوصاية السورية ولحزب الله وقوى أخرى في المعارضة». ويتابع «لم نفاجأ بتغيير بعض المحسوبين علينا مواقفهم السياسية ونقل البندقية إلى كتف أخرى بعلنية وقحة. وللأسف، لقد تبيّن لنا الآن أن بعض الذين كانوا ينتقدون عملنا ويقدّمون الملاحظات كانوا على حق، ولقد تبيّن لنا أيضاً أن الجناح السوري في تيار المستقبل في البقاع كان قوة لا يستهان بها».
وفي موازاة واقع تيار المستقبل بقاعاً، فإن الاتصالات السياسية والاجتماعات تتواصل على أكثر من محور. ولم تخف قيادات معارضة عقدها لقاءات مع رؤساء بلديات محسوبين على تيار المستقبل جرى خلالها تثبيت الاستقرار الأمني الذي توتّر أمس في بلدة الصويري بين مناصرين للموالاة والمعارضة، ونجم عنه إطلاق للرصاص وإحراق سيارات، في وقت عزّز فيه الجيش اللبناني وجوده في البقاعين الأوسط والغربي وراشيا وأقام موقعاً له في ساحة شتوره مدعّماً بالدبابات، إضافة إلى تعزيز قوته قرب معبر المصنع الحدودي الذي لم يزل مقطوعاً بالسواتر الترابية بعد اختفاء المظاهر المسلّحة، التزاماً بقرار الجيش اللبناني الذي يحتاج إلى قرار سياسي لفتح معبر المصنع الذي أصبح مرتبطاً مباشرة بفتح طريق المطار. وطلب القاضي عبد الرحمن شرقية المقرّب من مفتي البقاع الشيخ خليل الميس من عناصر الموالاة فتح طريق المصنع ــــ دمشق «لأن إقفال الطريق هو إقفال لبنان نحو العرب والعروبة والشقيقة سوريا».
وفي راشيا، أخلى الحزب التقدمي الاشتراكي مقر وكالة داخليته في ضهر الأحمر حيث أصبح في عهدة الجيش اللبناني الذي كثّف دورياته في المنطقة مع إقامة حواجز ثابتة ومتنقّلة، فيما شيّع أهالي راشيا الشاب الجامعي وائل بيطار الذي سقط ضحية الاشتباكات المسلّحة في منطقة الشويفات بين الموالاة والمعارضة. وفي مجدل عنجر وقب الياس وسعدنايل وبرالياس أُلّفت لجان متابعة من الأهالي لضبط الوضع الأمني والحد من التوتر الذي غاب، أمس، عن شوارع وأحياء البلدات والقرى في البقاع الأوسط التي شهدت حياة طبيعية في أسواقها ومؤسساتها الاقتصادية مع إقفال تام لجميع المدارس الرسمية والخاصة وكليّات الجامعة اللبنانية، ما عدا بعض مدارس مدينة زحلة.
وفي اللبوة، شيّع حزب الله وأهالي البلدة ناصر العيتاوي الذي قضى خلال المواجهات بين المعارضة والموالاة في الشويفات. وبعد أن أمّ الشيخ نبيل أمهز الصلاة على الجثمان ووري في ثرى جبانة البلدة.

(شارك في التغطية: شريف سريوي،
أسامة القادري، رامي بليبل، رامح حمية،
علي يزبك، ونيبال الحايك)