ربى أبو عمّوالحدث هو وصول الوفد العربي الذي كلّف نفسه حلّ الأزمة اللبنانية إلى قصر عين التينة. بدا رجل القصر منهمكاً. لا نتحدث بالطبع عن رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، بل عن أحد معاوني القصر. يتجمّع حوله الصحافيون لعلّهم يلتقطون منه بعضاً من «سبق صحافي» قد يزلق به لسانه. الصحافيون الذين اعتادت أقدامهم ملازمة القصر لا ينادونه بالأستاذ. أما حديثو الظهور، فيحرصون على ألّا تفلت منهم حذاقة كسبه حليفاً مستقبلياً مميزاً من اللحظة الأولى.
القصر محاط بالجيش. يحتار البعض في تحديد هويته. هل هم من معاوني رئيس المجلس النيابي، أم عناصر تابعون للجيش الوطني. يأتي الجواب من القصر. مع بدء «أحداث» عام 2008، جرى جمع «مسلّحي» حركة أمل من منازلهم، وأُلبسوا ثياباً عسكرية. إنه لأمر مستغرب أن يُقال أمر كهذا من مصدر في عين التينة أمام مجموعة من الصحافيين. أو ربما هي مجرّد نكتة، على غرار المزاح الذي تناولته مجموعة من الإعلاميين، «أعلن الله انسحابه من الحزب...»، محاولين استثمار ساعات الانتظار تلك بقليل من الضحك.
يجتمع الوفد في الأعلى، بينما الصحافيون يجهزون كاميراتهم مثنى وثلاثاً ورباعاً... المراسلون يروحون ويجيئون، يتعبون من الوقوف فيجلسون على الدرج. إلّا أن ذلك متعب أيضاً. يرفضون التسليم في قرارة أنفسهم باحتمال عدم عقد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى مؤتمراً صحافياً. لكنّ الأمر وارد. المزيد من الانتظار، تبادل للحكايات عن تغطية حرب الشوارع الأخيرة. اللافت كان السماح للوفد الإعلامي المرافق للجنة الوزارية العربية من الصعود إلى فوق، أي حيث كان يجتمع الوفد على الأرجح. يرتدي معظمهم العباءة البيضاء. يتساءل أحد المصورين: «كيف يستطيعون الركض بهذه العباءة لتغطية الأحداث؟»، يأتيه الجواب من زميل آخر: «ليس في بلادهم حرب شوارع».
اقتربت لحظات الانتظار من إعلان النهاية. أنهى الوفد اجتماعه، تناول الغداء. الصحافيون يتأبطون ميكروفوناتهم ودفاترهم وأقلامهم. يصيح بهم رجل عين التينة أن يستعدوا، فيصطفون كالحراس يميناً وشمالاً حول المنصة، بينما الكاميرات منصوبة في وجه المتحدث المنتظر. يأتي النائب علي حسن خليل ليبلغ الرجل أن الوفد قرّر الصمت. يركض المراسلون والمصورون محاولين الاستفسار من خليل. لا شيء. يخرج وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ. لا شيء مجدداً سوى مجموعة من العبارات المعلّبة عن ماهية زيارة اللجنة الوزراية، وهي إعادة تفعيل المبادرة العربية و...إلخ.
وفي طريق الخروج، اللقاء مجدداً بنكتة جيش «حركة أمل». سلام يا وطن.