حوصر المطار والمعابر الحدودية فإذا بالأميركيّين يأتون بالمروحيات هذه المرّة محمّلين بالأسرار والمفاجآت
ثائر غندور

«الجيش اللبناني صامد إذا لم يستدرج إلى اشتباك»، كلمات تتواتر على ألسنة العديد من السياسيين والأمنيين، معارضين كانوا أو موالين. فالمؤسسة العسكريّة تقوم بعملية نقل الجنود من مناطق الهدوء إلى المناطق الساخنة، وستضطر إلى إفراغ مناطق معيّنة، إلّا من حضور رمزي، إذا حصل أي اشتباك بينها وبين أحد الأطراف في مناطق أخرى.
هذا بخصوص واقع الجيش الذي يتساءل أحد الضبّاط عن قدرته على التحمّل، دون أن يستطيع تقديم إجابة صريحة. لكن الواقع العسكري الميداني حمل يوم أول من أمس تطوّرين أساسيين: إعلان السفارة الأميركيّة نيّتها استقدام «اللوازم» عبر طائرات مروحية، ووصول مفرزة أمنيّة قطريّة. لا يرى العديد من الأمنيين أي بُعد للمفرزة القطريّة سوى أنها آتية للتنسيق مع القوى الأمنيّة اللبنانيّة من أجل تأمين سلامة الوفد الدبلوماسي العربي. ويؤكّد هؤلاء، أن العادة درجت على مجيء وفد أمني يسبق أي زيارة خارجيّة لتنسيق الإجراءات الأمنيّة ومن سيتولّى سلامة الزائر وأي طرق سيستخدم.
أمّا الإعلان المفاجئ عن الزيارات الجويّة الأميركيّة، «لإيصال البريد إلى السفارة»، كما يقول أحد الموظفين، فإن علامات استفهام تُرسم حول هذا التدبير، رغم أن أحد مسؤولي المعارضة يستخف بما تستطيع فعله هذه الطائرات العموديّة أمام مَن هزم الجيش الاسرائيلي.
لكن هذا المعارض يعرف مثل غيره ما يُمكن أن تقوم به هذه الطائرات، ويشير إلى 420 أردنياً غادروا بيروت مباشرة بعد المعارك. ويتحدّث أحد ضبّاط الجيش عن قيام السفارة الأميركيّة بإخراج مجموعات تتألف كل منها من 12 شخصاً عبر قوارب سريعة من منطقة ضبيّة باتجاه قبرص. ويلفت هذا الضابط إلى أن هذه المنطقة أصبحت مكشوفة، لكون العديد من اللبنانيين باتوا يستخدمونها للسفر إلى قبرص، وبالتالي لم تعد مناسبة لهذه المهمة. ويُضيف أن عمليّة «التهريب» هذه تضم عناصر شبكات التجسّس والتخريب التابعة للاستخبارات الأميركيّة والموساد الإسرائيلي التي كانت منشورة في بيروت الغربيّة.
ويرى الضابط أن الطائرات المروحيّة يُمكنها أن تنقل العشرات من هؤلاء «الجواسيس» المعروفين، الذين تجمّعوا في السفارة الأميركيّة في عوكر، إلى حاملة الطائرات يو أس أس كول أو إلى قبرص.
ويتفق الضابط مع زميل أمني آخر له على أنه يجب أن ننتظر نوع هذه المروحيّات وحجمها لنعرف ماذا يُمكن أن تحمل. كما أنهما لا يريان أي تبرير لقدومها.
ويُقول مصدر رسمي إن الأجواء اللبنانيّة ليست مفتوحة أمام الطائرات العسكريّة من أي نوع، حتى تلك التابعة لقوات اليونيفيل، إذ عليها أن تطلب إذناً من القوات الجويّة اللبنانيّة وتهبط في قواعد الجيش اللبناني الجويّة ويجري تفتيشها في الأمن العام.
لكن بيان السفارة الأميركيّة أُعلن عبر الوكالة الوطنيّة للإعلام قبل علم العديد من المراجع الرسميّة به. وعلمت «الأخبار» لاحقاً أن طلباً رسمياً قُدّم إلى وزارة الدفاع للسماح لهذه الطائرات المروحيّة بالهبوط، دون أن تكون الوزارة قد وافقت على هذا الطلب حتى بعد ظهر أمس. ويتضمّن الطلب الأميركي الإذن بالهبوط المباشر في مركز السفارة في عوكر، «ولذلك سترسل دوريّة من الأمن العام كل مرّة تصل مروحيّة لتفتيشها»، يقول مصدر رسمي.