strong>تمثّل مؤسسة قوى الأمن الداخلي واجهة الدولة أمام المواطنين، وبعد انكفائها عن دورها الأساسي في مناطق الاشتباك، عادت أمس للانتشار بعد مساهمة قيادتها في الاتصالات لإعادة الهدوء إلى البلاد
تمكنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي من تخطي الأحداث التي وقعت في الأيام الماضية، رغم كل ما كان يقال عن تعرضها للانقسام عند أول منعطف خطر تعبره البلاد. لكن هذه المؤسسة اجتازت الأحداث بسلام، رغم أنها، عددياً، تمثّل صورة عن المجتمع اللبناني من الناحيتين الطائفية والسياسية. فقيادة المؤسسة، رغم اتهامها من عدد كبير من اللبنانيين والسياسيين بالانحياز إلى أحد طرفي النزاع السياسي، لعبت، من خلال عدد من ضباطها الكبار، دوراً لمنع وقوع الأحداث قبل اندلاعها، ثم الانتقال لاحقاً إلى حلحلة الأمور والوصول إلى التسوية التي توِّجَت بتدخل اللجنة الوزارية العربية.
فقد ذكر مرجع أمني رفيع لـ«الأخبار» أن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي قدّمت للحكومة، قبل إصدار القرارات موضع الخلاف، دراسة أمنية موسعة تضمنت احتمالات لما يمكن أن تكون عليه ردة الفعل على قرارات الحكومة في حال صدورها. وعلمت «الأخبار» أن ضباطاً في قوى الأمن الداخلي مقربين من قوى الموالاة قدموا نصائح عديدة بعدم إصدار القرارين، ثم أعادوا النصح بالعودة عن القرارين بعد اتخاذهما، من دون أن تُتَرجَم هذه النصائح عملياً.
إلا أن هذا الأمر لم يثنِ قيادة المؤسسة عن متابعة وساطتها بين الأطراف المتنازعة، ولعبت دوراً بارزاً لإنضاج الحل، حيث عادت الأطراف إلى ما كان قد اقترحه ضباط من المديرية قبل اندلاع المعارك. وأشار المسؤول الأمني الرفيع إلى عمل رئيس فرع المعلومات المقدم وسام الحسن، وخاصة دوره في التنسيق مع الأطراف، حيث كان على اتصال دائم بقيادة «حزب الله»، التي، بحسب ما أشار المسؤول الأمني، عبرت عن ثقتها بالمقدم الحسن وبمساعيه لتفادي اتساع رقعة الاقتتال.
وذكر المسؤول الرفيع لـ«الأخبار» أن المديرية كانت خلال المعارك على اتصال دائم مع كل الأطراف، وخاصة مع حزب الله، وهو الأمر الذي استمر حتى ما بعد انتهاء المعارك، حيث ستعمل المديرية، بالتنسيق مع الحزب، على إخلاء كل المراكز التي سيطر عليها المسلحون. وبناءً على تعليمات المدير العام لقوى الأمن الداخلي، نفذت القوى السيارة بقيادة العميد روبير جبور مساء أمس انتشاراً في شوارع بيروت التي شهدت معارك، وخاصة مناطق الملا والزيدانية وعائشة بكار والحمرا ورأس بيروت. وستُنشر 9 فصائل يبلغ مجموع عديدها 225 شرطياً ليقوم عدد منهم بدوريات سيارة، فيما سيتمركز قسم آخر في أماكن ثابتة لمؤازرة دوريات طوارئ شرطة بيروت، وهي الدوريات التي يمكن المواطنين اللجوء إليها مباشرة للتقدم بأي شكوى طارئة. وفي هذا السياق، من المنتظر أن تبدأ اليوم المديرية بتعميم جدول بالشكاوى التي تتلقاها من المواطنين بكل ما يتعلق بالتجاوزات التي يتعرضون لها في ممتلكاتهم وكراماتهم.
وفي الشمال عموماً وطرابلس خصوصاً، أرسلت تعزيزات مترافقة مع اتصالات بكل الأطراف الفاعلة، ويتولى القسم الأكبر من هذه الاتصالات ضباط المديرية من أبناء هذه المنطقة، وعلى رأسهم المدير العام اللواء أشرف ريفي. وقام رئيس وحدة الشرطة القضائية العميد أنور يحيى، بالتنسيق مع قائد منطقة الشمال العميد علي اللقيس، بجولة على المنطقة متفقداً قطعات الشرطة القضائية فيها، وأعطى توجيهاته لإطلاق أكبر عدد من الدوريات، وذلك بعد الاتصال بالأطراف المختلفة لسحب المظاهر المسلحة من الشوارع.
أما بالنسبة للمرحلة المقبلة، فقد رأى المرجع الأمني أن «المخاض الذي تمر به البلاد ليس سهلاً، إلا أن الأوان لم يفت بعد لضبط التيارات الأصولية السلفية المسلّحة التي باتت تمثّل العامل المؤثر جدياً على الترتيبات الأمنية في المرحلة المقبلة». وفي هذا الإطار، أشار المرجع المسؤول إلى أن «قوى الأمن ليست للمواجهة العسكرية وليست مجهزة لذلك، بل لديها بعض القطعات التي باستطاعتها تنفيذ عمليات أمنية محدّدة». وفي هذا الإطار، أكّد المرجع على «دور فرع المعلومات الأساسي في تطوير قدرات قوىالأمن الداخلي، بعيداً من الشرطة التقليدية، وخاصة في مجال مكافحة الإرهاب». وبما يخص مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي الذي يغيب عنه ثلاثة قادة وحدات منذ أكثر من ستة أشهر، أبدى المرجع المسؤول تفاؤله بعودة العميدين عدنان اللقيس ومحمد قاسم إليه قريباً، مشيراً إلى إمكان تجاوز هذا الأمر من خلال بعض الاتصالات لاحقاً. أما قائد الدرك العميد أنطوان شكور، فقد ذكر المرجع الأمني أنه لم يحضر بعد جلسات المجلس المذكور، إلا أنه شارك خلال الأيام الماضية باجتماع لقادة الوحدات، مما يدل على التعاون الإيجابي بين جميع قادة الوحدات في أوقات الأزمات وتجاوز أي خلافات.
(الأخبار)