شلّت الحركة والأعمال بشكل شبه تام في عدد من المناطق اللبنانية نتيجة الاشتباكات، من دون أن يمنع ذلك أحد مراكز إدارة السوق من إصدار مئات رخص السوق بشكل «مريب»
كامل جابر
تسببت الاشتباكات وعملية قطع الطرق بتعطل معظم المصالح العامة والخاصة في بيروت. وحده أحد مراكز هيئة إدارة السوق في العاصمة، ظل يصدر بين السابع والخامس عشر من أيار الجاري مئات رخص السوق، كيف جرى ذلك؟ لقد أثار هذا الأمر رئيس نقابة مكاتب السوق حسين غندور بعد تأكده من صدور رخص السوق في أيام الأسبوع «العصيب». وهو باتجاه تقديم «إخبار» إلى التفتيش المركزي والجهات الأمنية المختصة، بشأن «صدور مئات رخص السوق العمومية والخصوصية ومن مختلف الفئات خلال الأيام العصيبة التي مرت بها البلاد، والتي تخللها قطع للطرق داخل العاصمة بيروت، منها وإليها، بين 7 أيار الجاري ولغاية الخامس عشر منه».
ولا بد من الإشارة إلى أن عدد حوادث السير بلغ 1936 حادثاً حتى أواخر شهر نيسان، سقط فيها 109 قتلى، بينما بلغ عدد الجرحى 1132، وللمفارقة فإن الذين سقطوا نتيجة حوادث السير أكبر من عدد الذين سقطوا نتيجة الاشتباكات الأخيرة. وتجدر الإشارة إلى أن تقارير قوى الأمن عادة تشير إلى أن الأرقام أكبر من ذلك بكثير.
ويؤكد غندور أنه تلمّس صدور مئات الرخص بعدما أشار إلى أن الامتحانات جرت في أوقات مبكرة خارج الدوام الرسمي، وحسبما أشار غندور: «لقد حُدّد المركز من بين مختلف مراكز العاصمة في بيروت الذي جرت فيه الامتحانات، وبالتحديد عند السادسة من صبيحة كل يوم في هذا الأسبوع المؤلم من تاريخ البلاد».
كما حمّل غندور وزير الداخلية حسن السبع والموظفين المعنيين في الوزارة، مسؤولية إصدار هذه الرخص التي ستكون تبعاتها بمثابة كارثة على القيادة والسير في لبنان، وخصوصاً أن العديد من طالبي الرخص، وبحسب النتائج والأسماء، من المفترض أنهم أتوا من خارج العاصمة بيروت، التي كانت مقطعة الأوصال والطرق، متجاوزين الأوضاع الصعبة والمخاطر والحواجز للحصول فقط على رخصة للسوق؛ وهنا يطرح السؤال نفسه: أليس من المعيب أن تكون «الناس بالناس والقطة بالنفاس».
ويتابع: «تثبيتاً للمعلومات التي نتحدث عنها، لدينا لوائح كاملة بالأسماء التي حصلت على الرخص، يمكن تقديمها أمام الجهات القضائية والأمنية المختصة، مع تواريخ الامتحانات، ويمكن الأجهزة المعنية الدخول إلى أجهزة الكومبيوتر التابعة لهيئة إدارة السير للتأكد منها، طبعاً قبل أن تبادر الإدارة إلى إتلافها أو إلغائها. ومن المتعارف عليه بموجب القانون والأنظمة أن تكون لائحة السوق مؤلفة من 25 اسماً، لكن لوائح هذه الامتحانات كانت تتألف من 26 اسماً، والمرجع الوحيد الذي يمكنه تعديل هذا الأمر وإصدار توصية بزيادة العدد هو المدير العام».
ويؤكد غندور أن «نقابة مكاتب السوق، حرصاً منها على سلامة المواطنين أثناء تنقلاتهم على الطرق، تتجه إلى تقديم دعاوى أمام القضاء المختص من أجل إبطال هذه الرخص، وغيرها من آلاف الرخص المشبوهة السابقة التي صدرت عن هذا المركز المعني في بيروت، وتحديداً منذ تولي الوزير السبع مهمات الوزارة، وخصوصاً بعد تأليف اللجان الفاحصة والعمل على تغطية الفوضى التي سببها المدير العام لهيئة إدارة السوق المنتهي الخدمات والصلاحيات».
ويلفت غندور إلى أن النقابة تقدمت في ما مضى بطعن أمام مجلس شورى الدولة من أجل إبطال قرار وزير الداخلية المتعلق بتعيين اللجان الفاحصة «المخالفة للقانون، وخصوصاً لروح المادة 155؛ وهذا الأمر إن تحقق فسوف يؤدي إلى إلغاء آلاف الرخص الصادرة بطرق ملتبسة وعشوائية؛ ففي يوم واحد منذ عدة أسابيع، امتُحنت 18 لائحة دفعة واحد، في المركز عينه الذي أصدر مئات الرخص أخيراً، وتتضمن كل لائحة 25 اسماً، أي ما مجموعه 450 اسماً طالباً للرخصة، في يوم واحد، يحتاجون لو خصصت عشر دقائق لكل واحد منهم إلى 4500 دقيقة، أي إلى 75 ساعة متتالية، وهنا السؤال: كيف منح هذا المركز 450 رخصة بثلاث ساعات بدلاً من ثلاثة أيام متواصلة؟».