strong>أحيا اللاجئون الفلسطينيّون في لبنان ذكرى مرور ستّين عاماً على احتلال وطنهم فلسطين، غير أنّ ما لم يكن في حسبان هؤلاء أن تأتي الذكرى وسط حوادث «النكبة» اللبنانيّة الطارئة التي عدّلت الأولويات
راجانا حميّة
صغيرة ذكرى نكبة السنين الستّين التي مرّت على تشرّد الملايين السبعة من أرضهم فلسطين، فلم تسعف الأيّام السبعة الطارئة التي أشعلت الحرب في شوارع لبنان في إسعاف الذكرى التي اقتصر إحياؤها على نشاطات فلسطينيّي المخيّمات وبضعة بياناتٍ حاولت من خلالها الجهات السياسيّة والمنظّمات الإنسانيّة التي أصدرتها التذكير فقط بأنّ ثمّة نكبة لا تزال حاضرة، وثمّة مصير شعبٍ أيضاً لا يزال معلّقاً عند هذه النكبة.
إذاً، لم يكن إحياء «النكبة» على مستوى السنوات التي مضت على خروج الشعب الفلسطيني من أرضه، ولكن رغم ذلك، كان لا بدّ من العودة المؤقّتة إلى هذه الذكرى، لضمان عدم نسيانها، فكانت مبادرة اللجنة الشبابيّة لإحياء الذكرى الستّين للنكبة بتوزيع الشارات السوداء وملصقات «حقّ العودة» و«قاطعوا إسرائيل» على المارّة والسيّارات في شارع الحمرا، حيث تمّ توزيع حوالى ثلاثة آلاف ملصق.
ملصقات «العودة» لم تكن الوحيدة التي لجأ إليها شباب «الشتات» للتذكير بنكبتهم، فكان لجوؤهم الآخر إلى هواتفهم والمواقع الإلكترونيّة لنشر دعوتهم لإحياء الذكرى «بشمعةٍ أينما كان، علّها تضيء طريق العودة إلى الديار»، فيما نشط «الرفاق» الآخرون بتوزيع الشموع على مخيّمات برج البراجنة وشاتيلا والبدّواي وصور». وترافق النشاط بعرض حفلاتٍ موسيقيّة عن التراث الفلسطيني وأفلام تجسّد «التغريبة» في مقهى «ة مربوطة» في الحمرا.
إلى ذلك، حضرت «النكبة» في مخيّمات عددٍ من المناطق، وحضرت معها ذكرى حوادث نهر البارد أيضاً، حيث نفّذ فلسطينيو مخيّم البداوي اعتصاماً بدعوة من «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» أمام مكتب «الأونروا» في المخيم، رفعوا خلاله أعلام فلسطين وشعاراتٍ تؤكد حق عودتهم إلى ديارهم وممتلكاتهم، وأخرى مستجدّة تدعو إلى الإسراع في إعمار مخيّم البارد. وفي مخيّم برج البراجنة أيضاً، اعتصم شباب الجبهة، داعين إلى التمسّك بالقضيّة ومقاومة كلّ خطط التوطين، تزامناً مع المسيرات التي سيّرها شباب آخرون من الجبهة في مخيمات منطقة صور، أضاؤوا خلالها 60 شمعة رمزاً لسنوات تشريد الشعب الفلسطيني عن أرضه.
أمّا حركة «حماس»، فقد جسّدت تراث فلسطين والنكبة في رفوف معرضٍ حاولت من خلاله تضمينه كلّ ما يمتّ إلى تلك الأرض بصلةٍ، بالتعاون مع منظّمة ثابت لحقّ العودة والرابطة الإسلاميّة لطلبة فلسطين. ولم تكتف بذلك، فلجأت إلى استرجاع هذه النكبة من خلال قصص الذين شهدوا بعض فصولها.
من جهته، ذكّر الحزب الشيوعي اللبناني، في بيانٍ أصدره أمس بـ«المشروع الأميركي الجديد ــــ القديم، الذي يهدف، ليس فقط إلى تقسيم أرضنا دويلات طائفية ومذهبية وإتنية متصارعة، بل إلى إعلان يهودية إسرائيل من قبل جورج بوش، بما يعنيه هذان الأمران من إنهاء للوجود الفلسطيني، أولاً، وللهوية العربية ثانياً، التي يؤمل أن تتحول إلى هوية شرق أوسطية مطبوعة بالطابع الديني والطائفي». وانطلاقاً من هذا الواقع، أكّد الحزب «أن الفعل العربي المقاوم سيستمر من أجل تحرير الأرض والمواطن واستعادة ثروات الأوطان».
كذلك تطرّق اللقاء اليساري التشاوري أيضاً في بيانه إلى «أهداف المشروع الأميركي وتصاعد الهجمة الأميركية على المنطقة في لبنان والعراق وفلسطين، حيث شرّع جورج بوش الاستيطان، وكرس تهويد القدس، ودعا إلى تثبيت الهوية اليهودية لكيان الاحتلال، في الوقت الذي تستمرّ فيه عمليات الهدم والاعتقال والقصف وشن الغارات وفرض الحصار على غزة». أمّا الحزب الاشتراكي، فلم يكتف بالنكبة الفلسطينيّة، عارضاً فصول نكبة «بيروت والجبل والإقليم والبقاع وكلّ لبنان بسبب الاقتتال العبثي الذي لا طائلة منه والذي دلّت كل التجارب التاريخيّة على استحالة نجاح محاولة انقضاض فريق على آخر».
وتضامناً مع شعب النكبة، طالب رئيس هيئة علماء جبل عامل، العلّامة الشيخ عفيف النابلسي، اللبنانيين والعرب بتصحيح البوصلة والتوجّه إلى القضية الفلسطينيّة ومواجهة إسرائيل «بدلاً من مواجهة بعضنا لبعض». كذلك أكّد «المجلس الإسلامي العربي» وحركة الناصريين المستقلين ــــ قوات المرابطون واللجنة المركزية لحزب الاتحاد ولجنة دعم المقاومة في فلسطين تضامنها مع الشعب الفلسطيني بحق العودة وإعطاء كل ذي حق حقّه.