طرابلس ـ عبد الكافي الصمدوما حدث في بيروت، انسحب على الشّمال، إذ ضربت القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة في مخيّم البدّاوي، المتاخم لأحياء القبّة وجبل محسن والمنكوبين في طرابلس، طوقاً أمنياً مشدّداً حوله منذ اليوم الأول للاشتباكات، وحرص مسؤولو الفصائل فيه، على اختلاف انتماءاتهم وميولهم السياسية، على التأكيد، حسب مصدر مطلع في المخيّم، أن «لا علاقة لنا بما يجري على الساحة اللبنانية، ونحن نرفض الانجرار إلى المعركة والخوض في صراع لا ناقة لنا فيه ولا جمل».
وأوضح المصدر أنّه «جرى تنبيه معظم الفصائل إلى ضرورة أخذ الحيطة والحذر في هذا الموضوع، وأنّ محاولة البعض الضرب على وتر أنّ الفلسطينيين هم «جيش السنّة» في لبنان، وفق الشعار الذي كان مرفوعاً أيّام الحرب الأهلية الماضية، قد بات من الماضي، ومن غير المسموح العودة إليه ثانية، مهما كانت الضغوط أو المغريات، نظراً لاختلاف الأزمنة والظروف والحسابات السياسية بين تلك الفترة واليوم، ولتضاربه مع مصلحة الفلسطينيين العليا في لبنان. عدا عن أنّ معظم الفلسطينيين المقيمين في مخيمات لبنان يؤيدون اليوم حزب الله ومقاومته ويتعاطفون معه، بسبب تبنيه قضية فلسطين. وما انتشار صور الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله في شوارع أهالي المخيّمات وبيوتهم، إلا دليل واضح على ذلك».
ولفت المصدر إلى أنّه جرى تنبيه تجّار السلاح الموجودين في المخيّم وتهديدهم «من مغبّة الانزلاق وراء مصالحهم، لجهة تزويد أحد الطرفين بما قد يحتاج إليه من سلاح أو ذخيرة»، مشيراً إلى أنّه «مُنع مسلحون تابعون لتيّار المستقبل من وضع نقاط عسكرية لهم في محيط المخيّم، وإطلاق النّار منها باتجاه منطقة جبل محسن أثناء الاشتباكات، وطلبنا منهم الابتعاد إلى أماكن أخرى، وهذا ما حصل».
هذه الأجواء في مخيّم البدّاوي لا تختلف عمّا هي الحال عليه في مخيّم نهر البارد، إذ لم تجد النداءات التي أطلقها بعض المشايخ المقربين من تيّار المستقبل في طرابلس وعكّار، والتي تدعو «الإخوة الفلسطينيين إلى نصرة إخوانهم من أهل السنّة والجماعة في وجه الهجمة عليهم»، آذاناً صاغية بل عوملت بإهمال ولا مبالاة كبيرين.
وعلقت أوساط في المخيّم على هذه الدعوات بالتأكيد أنّه «لم ننسَ بعد أنّ بعض هؤلاء المشايخ، الذين يطلبون نجدتنا اليوم، كانوا من بين الذين ورّطوا المخيّم في الأحداث التي شهدها العام الماضي، من خلال الاشتباكات التي دارت بين مسلحي تنظيم فتح الإسلام والجيش اللبناني». تضيف الأوساط أن بعض هؤلاء المشايخ الذين يستثيرون نخوة الفلسطينيين اليوم «لم يرتدع أحدهم، مستغلاً موقعه وعمامته وجبّته، من الإفتاء بتحليل استباحة بيوت ومحال المخيّم، أمام السارقين والعابثين والناقمين»، مشيرة إلى أن «مساهمة تيّار المستقبل في تدمير المخيّم وتحريضه علينا، تجعله يعرف مسبقاً ردّنا على أيّ نداء منه بهذا الخصوص».
وغير بعيد عن المخيّمَين، كاد توتر الأوضاع في المنية بين مناصري تيّار المستقبل ومناصري رئيس المركز الوطني للعمل الاجتماعي كمال الخير، يؤدّي في اليومين الماضيين إلى مواجهات مسلحة، عندما أقدم مناصرو «المستقبل» على نصب حواجز على أوتوستراد المنية ـــ العبدة الدولي، حيث تعرّضوا لسيّارات تحمل لوحات سورية ومواطنين محسوبين على المعارضة، ما دفع مناصري الخير إلى التصدي لهم ومواجهتهم، إلا أنّ تدخل الجيش اللبناني أفضى في نهاية المطاف إلى خروج الطرفين من الشارع، وإزالة المظاهر المسلحة منه.