زينة خليلإنها «بيت الإله»: قرية «بزيزا» التي طبعتها أرض الكورة بطبيعتها وشجر زيتونها كما احتضنت في أرجائها معبداً رومانياً اكتسب اسمها: معبد بزيزا، الذي يعدّ أحد أصغر المعابد الرومانية في لبنان وأكثرها جمالاً، وحيث لا يمكن قاصد القرية إلا التعريج عليه.
في جولة على أرجاء المعبد، الذي أعادت بعثة فرنسية ترميم واجهته في خمسينيات القرن الماضي، تستقبل الوافد أربعة أعمدة ترتفع في السماء إلى حدود الخمسة أمتار. تيجان الأعمدة منقوشة وفق الطراز الأيوني، ويعدّ الإفريز الذي يصل الأعمدة ببعضها أحد أبرز ميزات المعبد، إذ تزينه نقوش رائعة تجسّد أشكالاً نباتية متناسقة... وتتناثر في محيطه بقايا أعمدة كانت قائمة قبل أن تعبث بها أيادي المخرّبين، إضافة إلى نواويس محفورة في الصخر ومدافن قديمة العهد وبقايا عظام في حاجة إلى درس ميداني للكشف عن خفايا مطمورة تنتظر أن تبصر النور.
قلائل كتبوا عن هذا الموقع المهجور، وألقوا بعض الضوء على جزء من خفايا هذا المعبد، ولو أن الكتابات لم تتعدّ حدود الوصف الخارجي من دون التوغّل في التفاصيل والحقائق التاريخية، ومنها ما جاء في كتاب الرحّالة الأب هنري لامنس اليسوعي «تسريح الأبصار في ما يحتوي لبنان من آثار»، حيث ذكر أنه «في طرف من أطراف الكورة، ترى هيكلاً أيونياً صغيراً وأنيقاً جداً، فيه أعمدة وصدفات مقعّرة». أما المستشرق الفرنسي أرنست رينان فقد أورد في كتابه «بعثة في فينيقيا» أن «تلك الآثار تخفي قصة دير بيزنطي، كان مجلّلاً بصفوف من القناطر المتناسقة، كل صفّ منها يحتوي على 24 عموداً».
ووفق الروايات التي يتناقلها أهالي البلدة، والتي كانت السبب الأول في عملية النهب التي تعرّض لها الموقع، فإن ثمة دهليزاً (سرداباً) ممتدّاً تحت الأرض يربط المعبد الروماني والكنيسة من الجهة الشرقية ببناء صغير على جدرانه رسوم دينية مختلفة! وفي الحقيقة العلمية، فكنيسة مار الياس البيزنظية القابعة بجوار المعبد كانت جدرانها مزينة بالرسومات الدينية التي تعود إلى القرن الثالث عشر، ولكنها «أزيلت» في السنوات الماضية حينما قرر أهالي البلدة «ترميم» الكنيسة!